نشرت  إذاعة صوت أمريكا –الإذاعة الرسمية لحكومة الولايات المتحدة- تقريرا بمانسبة الذكرى الثامنة لـ17 فبراير قالت فيه أنّ  إن "التوقعات المرتفعة لما ستكون عليه الحياة من دون غياب القذافي لم يتم حتى الاقتراب منها - فقد أفسح الأمل المجال لليأس في البلد الواقع في شمال إفريقيا والذي تم تجميده في مناطق متعددة الأطراف من الصراعات والبلدات وشارك فيها العشرات من الميليشيات المتنافسة".

وأضافت الإذاعة أنّه "منذ أن الإطاحة بالقذافي وموته البشع على طريق صحراوي خارج مدينة سرت الساحلية، شهدت ليبيا سلسلة من رؤساء الوزراء ومبعوثي الأمم المتحدة فشلوا جميعًا في تجميع بلد متصدع والوصول إلى تسوية سياسية لتحقيق الاستقرار نهاية الفوضى".

وتابعت صوت أمريكا: "يقول المحللون إن الانقسامات بين القوى الغربية - خاصة بين إيطاليا وفرنسا - حول أفضل استراتيجية بالإضافة غلى غموض خارطة طريق الأمم المتحدة لا يساعد في حل الأزمة. كما أن التحريض من قبل قوى خارجية أخرى  لديها أجندات اقليمية ودعم الجماعات المتنافسة زاد من اشتعال الوضع".

مضيفة بالقول: "لكن الانقسامات هي أشبه بالانقسامات البيزنطية عنها صراع بين الغرب مقابل الشرق. في الجنوب هناك نزاعات عرقية وقبلية، والبلاد هي أحجية من المليشيات وأباطرة الحرب المتنافسين. لديهم القليل من الحوافز لحلها واستثمارها في الفوضى التي أثرتها"

وقال تقرير الإذاعة أنّه كان من المقرر عقد مؤتمر مصالحة الشهر الماضي، لكنه فشل في الاجتماع - لإحباط مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة. كان القصد من المؤتمر أن يكون تمهيداً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية تنظم هذا الربيع بهدف إصلاح الانقسامات الراسخة التي تشل البلاد.

وفي حديثه لمجلس الأمن الدولي في يناير رفض سلامه تحديد موعد للمؤتمر، لكنه أعرب عن أمله في أن يتم تنظيمه "في الأسابيع المقبلة". وحذر سلامة المجلس قائلا إن " الساعة تدق" مضيفا "يمكننا محاربة الحرائق، لكن في النهاية سيكون هناك جحيم لا يمكن إخماده ، لذا يجب أن نتجاوز ومعالجة الاختلالات الأساسية للدولة الليبية. وقد عزز الجمود السياسي شبكة معقدة من المصالح الضيقة ، وإطار قانوني محطم ونهب ثروة ليبيا العظيمة "، بحسب الإذاعة.

وتابع التقرير الإذاعي بالقول: "لكن خريطة الطريق التي أعدتها الأمم المتحدة ، والتي تم صياغتها في عام 2017 ، قد تعرضت للنقد على أنها غير محددة وغير عملية من قبل بعض المحللين المؤثرين الذين يقولون إنها فشلت في تغطية العديد من الموضوعات الهامة مثل قضية اللامركزية ومشاركة عائدات النفط بين الدول. وبالإ ضافة إلى عدم الوضوح بخصوص توقيت الاستفتاء على مسودة الدستور والانتخابات. ويقول المنتقدون أيضا إن الأمم المتحدة تضع الكثير من الثقة في الزعماء السياسيين الرسميين الرسميين الذين ليس لديهم سلطة حقيقية ، الذين يعتمدون على الميليشيات وأمراء الحرب".

وأضاف أنّه "في يوم الاثنين الماضي أيد الاتحاد الافريقى فكرة الانتخابات، قائلا انه تخطط بالتعاون مع الامم المتحدة لعقد مؤتمر دولى لمناقشة الأزمة الليبية فى يوليو كخطوة لانطلاق الانتخابات على مستوى البلاد فى أكتوبر. وبعض المحللين السياسيين يشككون في الاستمرار في خطة الأمم المتحدة. ويقولون إن الانتخابات على المستوى الوطني غير قابلة للتطبيق، وهي تخاطر بتأجيج المنافسات وتحفز المزيد من العنف". 

ونقلت الإذاعة المحللين كريم مزران وولفجانج بوساتاي  أن "مستوى انعدام الأمن في البلاد قد يؤدي إلى انخفاض نسبة المشاركة". ويضيفان “سيتم استغلال المستوى المنخفض للأمن من قبل المفسدين لتقويض مصداقية البرلمان الجديد. وستكون هناك صعوبات أيضا في تنظيم حملة انتخابية فعالة في مثل هذه البيئة المجزأة وبواسطة وسائل إعلام لا تعمل بالكاد".

وتبين هذه الاعتبارات وغيرها، بحسب الإذاعة، أن البلاد ليست مستعدة للانتخابات في أي جانب، لا من الناحية القانونية. ولا من وجهة نظر تنظيمية وأن الانتخابات المبكرة ستكون محفوفة بالمخاطر ويمكنها حتى تسريع هبوط البلاد إلى مواجهات أكثر عنفاً بين مختلف العناصر المسلحة.

في ورقة نُشرت مؤخرًا من قبل معهد بروكينجز ومقرها الولايات المتحدة، يجادل مزران وبوساتاي بأن استراتيجية المدينة لإعادة بناء ليبيا وترميم النظام ، مشيران إلى أن هناك جزرًا من الاستقرار في الفوضى الشاملة، موضحان "يجب أن يتحول الكثير من التركيز إلى الجهات الفاعلة المحلية - الحكومات البلدية المنتخبة ، والميليشيات الداعمة التي ترغب في الالتزام بمعايير سلوك أعلى ووقف سوء السلوك الإجرامي ، ومجموعات المجتمع المدني".

وتتمثل فكرتهم في أنه في الوقت الذي يكافئ فيه المجتمع الدولي فرادى البلديات العاملة ، ينبغي أن تستمر الجهود على المستوى الوطني كذلك مع التركيز على بناء قوات خفر السواحل وقوات الأمن الخاصة لحماية الأفراد والموظفين الوطنيين الرئيسيين ولتعزيز الإصلاحات الاقتصادية.

إنهم يحددون الولايات المتحدة باعتبارها مفتاح التقدم ، قائلين إن قيادتها لا غنى عنها ولها مزايا في أن تصبح الحاكمة بسبب "بعدها عن ليبيا ، فك ارتباطها النسبي عن البلاد في الآونة الأخيرة ، وعلاقاتها مع الحلفاء الأوروبيين ، وكذلك شركاء الخليج ".

وفي كلتا الحالتين يخاطر الانجراف والاضطراب في ليبيا بالعدوى كما يحذر المحللين. نفذ أتباع تنظيم داعش سلسلة من التفجيرات، بما في ذلك واحدة في ديسمبر على وزارة الخارجية في طرابلس أسفرت عن مقتل شخصين ، وفي مايو اقتحموا وأضرموا النار في مقر اللجنة الانتخابية الليبية مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 12 شخصاً والقدوم على مقربة من قتل المستشارين الغربيين الزائرين.

وختمت الإذاعة تقريرها بالقول أنّه في الجنوب  تبقى الحدود الليبية الممتدة المليئة بالثغرات مع تشاد والنيجر والسودان سهلة المرور عبر مهربي البشر والجهاديين على حد سواء.



*"بوابة إفريقيا الإخبارية" غير مسؤولة عن محتوى المواد والتقارير المترجمة