نتابع في موقع "بوابة أفريقيا الإخبارية"، بعرض سلسلة من المقالات القصيرة، الغنية والمفيدة، تتصدى لظاهرة تفشي الأخطاء اللغوية، وهي أخطاء كثيرة ومتكررة، تكاد تطرد يومياً فيما يسمع ويقرأ، والكل يعلم خطورة الكلمة ووقعها في النفوس، ودورها في تقويم اللسان أو إفساده ، فكان والحالة هذه، أن تسلم حتى يسلم اللسان، وأن تساهم البوابة، في توعية لغوية ـ إن صح التعبير ـ حتى تنسجم لغة الإعلام مع جهود المدرسة، إذ الكل يعلم أنّ المدرسة لم تعد وحدها مصدر المعرفة، وأنّ وسائل أخرى كثيرة مما يعرف بمصادر المعرفة قد زاحمتها، بل استأثرت بمكانتها... وما هذه السلسلة من المقالات التي ننشرها اتباعاً، إلا محاولة متواضعة، ومجرد تنبيه إلى الأخطار المحدقة بلغتنا.

من الأخطاء اللغوية الشائعة، قولنا: (أعداه المرضُ) لا (عَدَاه): يعبر العامة والخاصة عن انتقال المرض من شخص إلى آخر فيقولون: عداه فلان بالمرض، وهذا خطأ، والصواب هو أعداه بعدوى. قال المعري:فاستعمل الفعل (أعْدى) لا (عدا). ومن الأخطاء أيضاً قولنا: وقع على الثَّرى فعلق بثوبه الغبار. والصواب: وقع على التراب فعلق بثوبه الغبار، لأن الثرى هو التراب النَّديّ وليس للتراب الندي غبار. وفي الحديث: فإذا كَلْبٌ يأكُلُ الثَّرى مِنَ العَطَشِ، أي: التراب الندي. وجاء في المصباح: الثرى: التراب الندي، فإن لم يكن ندياً فهو تراب ولا يقال حينئذٍ: ثرى. وجاء في الآية 6 من سورة طه: (لَهُ ما في السَّماواتِ وَما في الأَرْضِ، وما بَيْنَهُما، وَما تَحْتَ الثَّرَى)، وفُسِّر الثرى بالتراب الندي.

أيضاً من الأخطاء اللغوية الشائعة قولنا: لا تُبْدِل العلم بالجهل، ولا تستبدل الذهب بالفضة. والصواب: لا تُبْدِل الجهل بالعلم، ولا تستبدل الفضة بالذهب. ومن آي الذكر الحكيم: "أَتَسْتَبْدِلُونَ الّذي هُوَ أَدْنَى بالّذي هُو خَيْرٌ". (سورة البقرة، الآية: 61)‏، كما أن من الأخطاء قولنا: البُرْدُعة بضم الباء وضم الدال لِما يوضع على الحمار أو البغل ليُركَب عليه، كالسرج للفرس، والصواب: البَرْدَعة بفتح الباء وفتح الدال. ومن الأخطاء أيضاً قولنا: بَرَزَ فلان في العلم بروزاً عظيماً، والصواب: بَرَّزَ فلان في العلم تبريزاً عظيما، لأن معنى بَرَّزَ في العلم هو: فاق أصحابه فيه، أما معنى بَرَزَ فهو: ظهر بعد خفاء.

ويخطئ البعض في استعمال (طالما) فيقول خطأ: لن أحضر طالما أنني مريض... والصواب أن نستعمل مادام بدلا من طالما فيقال: لن أحضر مادمت مريضاً لأن طالما بمعنى طال وكثر. يقال: طالما حدثتك عن الأمر أي طال حديثي عن الأمر، وطالما قلت أي طال وكثر قولي. 

يقول بعضهم خطأ: هذا الحادث أثر عليه، و الصواب أن يقال: هذا الحادث أثر فيه، لأن أثر تحتاج إلى حرف جر (في) وليس (على) فيقال أثر فيه وليس أثر عليه. يقال أيضاً: تحادث فلان مع فلان، والصواب أن يقال تحادث فلان... وفلان أما قول القائل لا يهتم سوى بالعلم فخطأ وصوابه لا يهتم بسوى العلم وعبارة هؤلاء قوم يحبون بعضهم خطأ صوابها أن يقال هؤلاء قوم يحب بعضهم بعضاً.

 أما قولهم: يلزمني كذا بمعنى أريد كذا فهو استعمال خاطئ، لأن معنى لزمني صار ملازما لي وليس في الكلمة ما يفيد معنى الاحتياج... ومن الأخطاء الشائعة أيضا قولهم أخطأ فلان عن الصواب والصحيح أن يقال: أخطأ فلان، الصواب دون استعمال حرف الجر عن، ومثل ذلك قولهم: أدمن فلان على الشراب وأدمن على صنع كذا، والصواب أن يقال: أدمن الشراب وأدمن صنع كذا.

 ويخطئ بعضهم في التمييز بين الكلمتين: قارس وقارص بالصاد فيقولون خطأ: البرد قارص والصواب أن يقال البرد قارس، أما قارص فمعناها الحامض أو الذي تغير طعمه. يقال: لبن قارص أي حامض.
 ويخطئ بعضهم بقوله: ضربت بهذا الأمر عرض الحائط، وسارت السفينة في عرض البحر، بفتح العين في كلمة عرض، والعرض والطول من الأبعاد المعروفة، والصواب في ذلك أن يقال: ضربت بهذا الأمر عرض الحائط (بالضم) وعرض هنا بمعنى وسط وهي غير عرض (بالفتح) التي تقابل الطول والارتفاع في القياس. 


يتبع...