زار رئيس حكومة الوفاق فايز السراج أوروبا لثلاثة أيام، جال خلالها على عدد من عواصمها، للبحث عن حل سلمي لأزمة العاصمة طرابلس، كانت بدأت مع إطلاق الجيش الوطني عملية عسكرية لدخولها في أفريل 2019. وشملت الزيارة روما وباريس وبرلين ولندن، أي العواصم الأكثر نفوذاً وتأثيراً في القرار الأوروبي والدولي.

وبدت محاولات رئيس حكومة الوفاق الوطني، فائز السراج، في باريس، لتغيير توجه فرنسا الداعم ميدانياً عبر المشورة، وسياسياً عبر التصريحات والتدخلات الدبلوماسية، لهجوم المشير خليفة حفتر على العاصمة طرابلس، صعبة المنال.

 حاول الرجل، حيث حط أمس، توضيح وجهة نظره وشرح موقفه، لدى لقائه الرئيس إيمانويل ماكرون، قبل وصوله إلى المحطة الأخيرة من جولته الأوروبية في بريطانيا، والمفترضة اليوم، لكن ماكرون، على غرار نظرائه الأوروبيين، تبنى لغة محايدة تساوي بين طرفي النزاع، رغم أن حفتر هو من أطلق الهجوم قبل أيام من عقد الملتقى الوطني للتباحث في الحل السياسي، وأثناء وجود الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في طرابلس. فكل ذلك لم يبدُ مهماً في رأي ماكرون، الذي طالب، وفق بيان الرئاسة الفرنسية، بالدخول في وقف إطلاق نار غير مشروط يكون تحت رقابة أممية، وبضرورة توسيع التشاور مع جميع الأطراف في البلاد.

من جانب آخر،فإن إيطاليا لم تعط أذنا صاغية لتحذيرات السراج من جحافل المهاجرين السريين والإرهابيين الذين قد يتسللون إليها بسبب معركة طرابلس، فقد كان همّ رئيس وزرائها جيزوبي كونتي كيف يصلح أخطاء حكومته في الملف الليبي لذلك تحدث عن أمله في لقاء قريب يجمعه مع القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، في محاولة لترميم العلاقة مع من بات يوصف بالرجل القوي في ليبيا.

وتشير المصادر الإيطالية كذلك إلى أن حكومة كونتي تلقت إشارات واضحة من الحليف الأميركي بأن الحل السياسي في ليبيا لن يتحقق في ظل سيطرة الميليشيات على العاصمة. ويريد الرئيس ترامب أن يطوي هذا الملف قبل الانتخابات الرئاسية للعام 2020، ليخاطب الناخبين بأنه نجح على الأقل في تصحيح أخطاء سلفه باراك أوباما وخاصة في ما يتعلق بداعش وليبيا.

أما بالنسبة لألمانيا، فكان الموقف واضحا على لسان أنجيلا ميركل التي دعت كلا الطرفين إلى العودة إلى العملية السياسية واستئناف المفاوضات تحت قيادة الأمم المتحدة بناء على اتفاق أبوظبي، والذي لخصته البعثة الأممية بالقول "اتفق الطرفان على ضرورة إنهاء المرحلة الانتقالية من خلال انتخابات عامة، والعمل من أجل الحفاظ على استقرار ليبيا وتوحيد مؤسساتها".

في نفس الإطار،و إثر نهاية الزيارة الأوروبية أصدر وزير الاقتصاد والصناعة في حكومة الوفاق علي العيساوي، اليوم الخميس قراراً بوقف التعامل مع مجموعة شركات أوروبية، أبرزها شركة "توتال" النفطية الفرنسية.

كما نص القرار على وقف التعامل مع شركة "ألكاتيل وتاليس وبروجيه" الفرنسية العملاقة، كما أوقف أيضاً التعامل مع شركة "سيمنس" الألمانية الرائدة في قطاع الكهرباء، والمشرفة على غالبية مشاريع الطاقة في ليبيا".

يرى مراقبون أن هذه الزيارة منيت بفشل ذريع في حشد موقف غربي موحّد ضد توجّه حفتر العسكري حيث بات واضحا أن مختلف العواصم الغربية سوف تتابع الوضع عن بعد والمنتصر في طرابلس هو من سيرسم خارطة الطريق لليبيا خلال السنوات القريبة المقبلة.