يترقب الناس في جزر القمر رؤية هلال رمضان بفارغ الصبر، وعند اعلان انتهاء شهر شعبان، تبدأ ملامح الدنيا تتغير وتتبدل وتأخذ الطابع الروحاني، تلاحظ البهجة والسرور على وجه كل مسلم، وترى الألسن تتبادل التهاني بحلول هذا الشهر الفضيل، وتشاهد أروع وأجمل آيات الحب والإخاء بين المسلمين.

ويواظب العديد من الناس في جزر القمر على الافطار في المسجد، فتراهم قبل موعد الافطار يحملون أكلهم ويتجهون الى المساجد، ويهيئون مائدة افطار جماعي مكون من اطباق مختلفة فيتبادلون الأكل مع بعضهم في جو من التآخي والرحمة، ولا ينسون نصيب الفقراء على مائدتهم.

ويتناول أهل جزر القمر على الفطور وجبات خفيفة اهمها الشوربة التي يطحن فيها الارز مع اللحم، ووجبة الموز والفرياب الذي يشمل اللحم او السمك مع الموز المقلي بالزيت، ويتناول في سحورهم الارز مع اللبن او الارز مع السلعون - الخضراوات - بالاضافة الى شرب الشاي.ومن الأطعمة الرئيسية على مائدة الفطور في جزر القمر «الثريد»، فله مكانة خاصة بين بقية الأطعمة، سواء كان ذلك على الافطار ام على السحور، اضافة الى أنواع الحمضيات وعصير الأناناس وغيره من الفواكه الاستوائية.

يتخذ رمضان في جزر القمر طابعاً خاصاً حيث يستعد المسلمون هناك لاستقبال شهر رمضان بدءا من بداية شهر شعبان، حيث يعدون المساجد، منهم من يقومون بترميمها ليظهر بطابع جديد، ومنهم من يقومون بطلائها بأجمل الألوان مع تزيينها بأروع السجادات او يغيرون المصابيح القديمة بالجديدة كما انهم ينظمون الرفوف حيث توضع المصاحف لتكون جاهزة للذين يعمرون المساجد بالصلاة وقراءة القرآن الكريم.

كما أن هناك من ينظمون من بداية النصف الثاني من شهر شعبان حفلات متنوعة، كثير من الشباب يختارون تنظيم الحفلات الراقصة ايذانا بقدوم الشهر الفضيل، احيانا تنظم في الشواطئ ذات الرمال البيضاء الناعمة حيث يسبحون ويأكلون ويشربون أو في بعض المزارع او المنتزهات التي تبعد عن مساكنهم.وفي بعض القرى تتوجه النساء مجموعة مجموعة الى المزارع حيث يقمن بجمع الأحطاب حتي لا تنقص في بيوتهن أثناء الشهر الذي لا ينشغل الكثير بمثل هذا العمل، إذ أن الكثير من الأسر  في هذه القرى لا تملك امكانات الطبخ الحديثة.

ومن عادات جزر القمر وبالذات في شهر شعبان اقامة حفلات الزواج ليعيش الخطيبان معا في عش الزواج خلال الشهر الذي انزل فيه القرآن هدي للناس، فيتم تنظيم ما نسميه هنا في جزر القمر «المجالس» اشهاراً لهذا الزواج حيث يدعي الكثير من وجهاء المدن والقرى لحضور المجلس.

تحضر فرقة موسيقية بدفوفها وتغني القصائد الدينية بحيث يقوم العريس واقرباؤه وأصدقاؤه والحضور الراغبون بالرقص فرحين.في العاصمة موروني وفي أغلب الأحيان تقام «المجالس» في ساحة «باب الجنان» الواقعة في مركز المدينة قرب الجامع القديم، النساء واقفات في ركن من أركان الساحة وهن يزغردن بل ويرقصن ايضا مبتهجات.

وفي اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان يتحري أهل جزر القمر هلال رمضان وتتوجه الأنظار نحو السماء غرباً، خاصة من حضروا في المساجد قبل صلاة المغرب، وكل منهم يأمل أن يكون الأول من يبلغ عن ظهور الهلال، وفور إعلان ثبوته يؤدون صلاة التراويح في المساجد، ومن أهم العادات الرمضانية في جزر القمر توجه السكان الى السواحل البحرية ليلة رمضان، حاملين المشاعل التي تتلألأ على مياه الشواطئ مع ترانيم الطبول ايذانا بقدوم رمضان، ويواصلون السهر إلى أن يتناولوا السحور، كما انهم يوقدون المصابيح من أول ليلة من شهر رمضان، فتعمر المساجد بالصلوات، وتصدح بالاناشيد والتلاوات، وتزداد توزيع الصدقات ويكثر بين الناس فعل الخيرات.

أما القرى البعيدة التي تصعب عليهم رؤية الهلال بظروف معينة احيانا مثل الغيوم الكثيفة، تجد ممن فيها يجتمعون الى من يملك الراديو ليستمعوا بيان دار القضاة عن ظهور شهر البر والصدقات، شهر رمضان المبارك.

وفي النهار هناك من ينشغلون بأعمالهم اليومية وبعد صلاة العصر الكثير من الحركات التجارية تتوقف ويتوجه الناس الى المساجد لحضور الحلقات الدراسية خاصة حلقات تفسير القرآن الكريم التي يقيمها الدعاة الخريجون من الجامعات الاسلامية كالمدينة المنورة والأزهر الشريف وغيرهما، بعد أذان المغرب والصلاة يتوجه الصائمون الى منازلهم للافطار، ووجبة الافطار تتكون من حساء وهو عبارة عن أرز مطحون ومفلفل، وايضا الشاي المزنجبل، كما تجد في بعض الاسر بعض المشويات كالمنيوك والبطاطس الحلوة والموز الاخضر بحيث تؤكل مع اللحم او السمك المشوي او المقلي، ومن مكونات وجبة الافطار وخاصة في القرى الموز الأخضر المطبوخ مع السمك أو اللحم بحيث يتم المزج اثناء الطبخ بعصير لب جوز الهند، وأيضا تجد في بعض الأسر على مائدة الإفطار الأخبار المحلية.

*"الوســـط" الكويتية