يطل مفتي حكومة الوفاق الصادق الغرياني على مُلكه أسبوعيا عبر قناة تلفزيونية محلية مع أنها تبث من تركيا.

يتقمص الغرياني البالغ من العمر 77 عاما، في برنامجه دور المحلل السياسي وفي الأثناء يوظف صفته كمفت لإطلاق فتاوى تحرض على قتال خصومه، لـ"نصرة الدين"و"حماية الثورة والديمقراطية والدولة المدنية".

شارك بقوة في الحرب الإعلامية الموازية لمعارك الإطاحة بالقذافي العسكرية، بهدف تأجيج غضب الشعب الليبي والعالم، فكانت له عدة مداخلات على قناة "الجزيرة"اتهمت النظام بارتكاب جرائم لم يجد لها الليبيون أي أثر بعد سقوطه.

وتتسم مواقف الغرياني من التدخل الأجنبي بالتناقض. ففي حين كان يصف طائرات حلف شمال الأطلسي في 2011 بـ"طيور الأبابيل"التي جاءت لإنقاذ الليبيين من جبروت القذافي ويصمت إزاء الوجود العسكري الإيطالي في مصراتة، يهاجم الدول العربية والأوروبية الداعمة للجيش ويصفها بـ"عملاء إسرائيل".

ويعرف الشيخ بخطابه التكفيري المشيد بالجماعات المتطرفة التي ينفي عنها دائما صفة الإرهاب إذ قال في تصريحات سابقة "لا يوجد إرهاب في ليبيا، ويجب ألاّ تطلق كلمة الإرهاب على أنصار الشريعة، فهم يَقتُلون ولهم أسبابهم، من مات منهم فهو شهيد".

وانطلق الغرياني في إصدار فتاواه المسيسة وهو ما كشف لأنصار الدولة المدنية الذين انخرطوا بقوة في إسقاط نظام القذافي أنه لم يكن يناصر "الثورة"بل كان يمهد لسيطرة الإسلاميين على البلاد. ومن الصعب حصر الفتاوى الغريبة للصادق الغرياني لكن أبرزها الفتوى الأخيرة التي أصدرها بحرمة تكرار الحج والعمرة.

ونصح كل من يريد الحج أو العمرة، أن يدفع الأموال للميليشيات المسلحة في بلاده، من أجل قتال الجيش الليبي الذي يحاول منذ أكثر من شهر انتزاع العاصمة من المجموعات المسلحة.

فعد أن حرّم تكرار الحج أو العمرة مرتين، ونصح كل من يريد الحج أو العمرة، أن يدفع الأموال للميليشيات المسلحة في بلاده، من أجل قتال الجيش الليبي في العاصمة طرابلس.

يذكر أن الغرياني برز في "سوق الفتاوى المتطرفة" منذ عام 2012، وأعلن في سلسلة من الفتاوى المتتالية، انحيازه التام إلى تيار الإسلام السياسي في ليبيا ودعمه للجماعات المتطرفة، حيث كان يدعو في كل مرة الليبيين إلى التقاتل، محرضاً على العنف.

ومن أغرب الفتاوى التي خلفت جدلاً واسعاً، تلك التي استهدف فيها قوات الجيش الليبي في حربها لتحرير البلاد من التنظيمات الإرهابية، حيث أفتى بهدر دم القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر وجنوده، ودعا إلى الخروج للقتال ضدهم بدعوى "الجهاد".

كما أفتى الغرياني بعدم جواز الصلاة خلف من يدعو لنصرة حفتر، قائلاً "لا تجوز الصلاة خلفهم ولا سماع كلامهم، لأنّ الحرام لا يجوز سماعه ولا تجوز رؤيته، وهكذا العلماء يقولون الحرام إذا كان شيء حرام لا يجوز لك أن تسمعه، ولا يجوز لك أن تراه، ولا يجوز للمسلم أن يصلي خلفهم أو يجلس عندهم أو يستمع لهم أو ينظر إليهم".

إلى ذلك، أصدر فتوى تقول "إن من ينضم إلى حفتر ويموت معه، يخشى أن يموت ميتة جاهلية، في حين كل من يقاتله ويموت فهو شهيد وفي سبيل الله".

في المقابل، دافع الغرياني الذي يقيم في تركيا، بشدة عن الجماعات المتطرفة والمليشيات المسلّحة في فتاواه، حيث سعى في كل مرّة إلى الدفاع عنها وتبرئتها من كل الأعمال الجرمية، حتى إنه أجاز دفع أموال الزكاة للجماعات المسلحة لشراء المقاتلين والسلاح.

من جانب آخر،دخل سامي الساعدي القيادي في تنظيم الجماعة الليبية المقاتلة المرتبط بتنظيم القاعدة، على خط معركة طرابلس التي يقودها الجيش الليبي لتحرير العاصمة طرابلس من الإرهاب، وانضم إلى قائمة الكثير من الإرهابيين المساندين للميليشيات المسلحة التي تقاتل ضمن حكومة الوفاق الوطني.

وعلى صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أطلق الساعدي الذي يقيم في تركيا منذ سنوات، حملة ممنهجة ضد الجيش الليبي، كما هاجم أهالي العاصمة طرابلس الداعمين لعملية الجيش الليبي التي تستهدف تحرير طرابلس من سطوة الميليشيات المسلحة والجماعات المتطرفة، وأعلن مساندته التامة لقوات حكومة الوفاق.

ويعد الساعدي المكنى "أبو المنذر"، المسؤول الشرعي للجماعة الليبية المقاتلة المصنفة بـ"الإرهابية" منذ فترة نظام حكم الزعيم الراحل معمر القذافي، وأبرز القيادات التي قاتلت سنوات التسعينات مع تنظيم القاعدة وطالبان في أفغانستان وباكستان رفقة القيادي الآخر عبد الحكيم بلحاج، قبل أن يتم القبض عليه بعد هروبه إثر الهجوم على طالبان والقاعدة أواخر سنة 2001، وتسليمه إلى الحكومة الليبية.

وبعد 7 سنوات من السجن في ليبيا، أطلق سراح الساعدي بعد المراجعة التي قادتها جماعة الإخوان، ثم غادر نحو بريطانيا، أين حصل على اللجوء السياسي، ليعود إلى ليبيا عام 2011 بعد سقوط نظام القذافي.

وبعد الثورة، تقلد الساعدي منصب نائب مفتي المؤتمر الوطني العام، وعمل منظرا دينيا للجماعات المتطرفة التي كانت تقاتل الجيش الليبي في بنغازي ودرنة، حيث كشفت تسريبات لمكالمات صوتية له، ارتباطه بمقاتلين تابعين لتنظيم القاعدة، إذ كان له دور بارز في توجيههم في محاور القتال.

من ذلك،يرى مراقبون أن عديد الدول التي تراهن على الجماعات الإسلامية لتطويع ليبيا توفر محامل إعلامية لهؤلاء الشيوخ لما للخطاب الديني من أثر حتى يوظفه هؤلاء لمآرب سياسية.