بعيدا عن البحث المباشر عن حل الأزمة الليبية المتفاقمة، وباتجاه مباشر ذهبت صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية، إلى أن كل المحاولات الموسعة للبحث عما وصفته "أصول القذافي السرية" قد فشلت، على الرغم من الحملة الدولية التي بدأتها منظومة المجتمع الدولي برمتها منذ شهر فبراير سنة 2011، تحت ذريعة حماية الشعب الليبي.

واستطردت الصحيفة الأمريكية في تقريرها الذي نشرته مؤخرا، في الحديث حول مصير أبناء وأحفاد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي،  حيث قالت: " تصدر هانيبال القذافي العناوين الإخبارية في وسائل الإعلام العربية هذا الشهر بعدما منعته السلطات اللبنانية من مغادرة السجن هناك، مما أدى إلى إعادة إحياء جدل طويل حول "المصير الغامض" لنسل الدكتاتور الليبي الراحل معمر القذافي".

وتربط الصحيفة بين المطالبات بالتحقيق في عمليات الفساد مع مسؤولي ليبيا الحاليين وبين ما وصفته بأموال القذافي المفقودة، معتمدة على قصص وأحاديث تتناقلها مواقع التواصل الاجتماعي عن نقل أموال تقدر بمليارات الدولارات في صناديق من الفولاذ إلى بعض الدول الأفريقية التي ذكرت منها بوركينا فاسو وكينيا وجنوب أفريقيا، وغيرها، وهو الأمر الذي لم يثبت قط ولم يتم الاستدلال على أي أثر لمسار تلك الأموال المفترضة، وتستدرك الصحيفة في تقريرها إلى أن بعض التحقيقات نجحت في تجميد بعض الأموال، والتي هي في حقيقة الأمر ووفقا لتقارير مؤسسات الاستثمار الليبية مجرد بعض الأوصول التابعة للاستثمارات الليبية في الخارج، ومن بينها بعض الاستثمارات في كبرى المصارف الدولية في أوروبا سواء كانت في بريطانيا أو سويسرا أو بلجيكا، ولعل قضية المخاوف من ضياع بعض الأصول الليبية في بلجيكا التي أثيرت خلال المدة الماضية والتي نفتها المؤسسة الليبية للاستثمار جزء من هذه الحملات التي يتم فيها وصف أموال الدولة الليبية والشعب الليبي بأصول وأموال القذافي، لإضفاء شرعية ما لإمكانية مصادرتها (وفقا لقراءة بعض الخبراء والمراقبين).

وأصدرت المؤسسة بيان ردا على ما أسمته "الشائعات والأخبار المضللة والصادرة عن جهات غير رسمية"، بعد تناقل وسائل إعلام بلجيكية خبر اختفاء 10 مليارات يورو من الأموال الليبية المجمدة في بلجيكا في الفترة بين 2013 و2017، من مجموع حوالي 16 مليار يورو، مؤكدة أن مصرف "يوروكلير" البلجيكي الذي تتعامل معه ويعتبر أحد مراكز المقاصة الرئيسية للأوراق المالية المتداولة في السوق الأوروبي، جاء نظرا لاستثماراتها في الأدوات المالية العالمية مثل السندات والأسهم والمشتقات المالية التي كانت تتم عن طريق الوسطاء.

وأكدت المؤسسة أنه بموجب قرارات مجلس الأمن لا يمكن بأي حال من الأحوال التصرف أو الوصول لهذه الأموال دون الرجوع إلى مجلس الأمن وبقرارات صادرة من المؤسسة والدولة الليبية.

ولأن الحديث عن الأموال الليبية وربطها بعائلة "القذافي" ليس جديدا، بل طالما تردد خلال السبع سنوات الأخيرة كوسيلة للاستيلاء على الأموال الليبية ومحاولة تحرير بعض الأموال المجمدة بقرارات مجلس الأمن، فأنه يأتي هذه المرة في توقيت يرتبط بالوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي الذي تعيشه ليبيا كمحاولة لتصدير أسباب المشكلة بعيدا عن السلطات الحالية، خاصة إذا ما علمنا أن معظم وسائل الإعلام التي تردد هذه الأخبار لم تشر إلى تقرير ديوان المحاسبة الذي كشف أرقام مرعبة عن الأموال التي صرفتها السلطات الليبية المتتالية خلال السبع سنوات والتي قدرت وفقا للديوان بـ 277 مليار دينار، كما أن هذه الأخبار تأتي استمرارا في حملة "تشويه" صورة القذافي لاسيما وأن لجنة العقوبات الدولية التابعة لمجلس الأمن كشفت قبل ايام عن دراسة رفع الحظر وبعض العقوبات التي فرضت على عدد من أفراد عائلة القذافي، عندما أعلن رئيس اللجنة في جلسة للمجلس خاصة بالأزمة الليبية أنه تم منح السيدة صفية فركاش، إذن للسفر، وأن اللجنة تدرس بنود العقوبات المفروضة على عدد من أفراد العائلة.

يشار إلى أن الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، كان قد أعلن في آخر جلسة رسمية لمؤتمر الشعب العام في الثاني من مارس 2011 أنه لا يملك هو وكل أفراد أسرته حسابات مصرفية في الخارج، ردا على العقوبات التي كان مجلس الأمن قد فرضها.