أكد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن أوتاوا وواشنطن تحرزان تقدمًا في مفاوضاتهما مرجحًا التوصل إلى صيغة جديدة لاتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية "نافتا" بحلول يوم الجمعة.

وفي وقت تتواصل المرحلة الحساسة من المحادثات في واشنطن في محاولة لحل الخلافات بين الطرفين، زادت تصريحات ترودو المتفائلة من فرص بقاء "نافتا" اتفاقية ثلاثية رغم تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاثنين باستبعاد كندا منها.

وقال ترودو "هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق جيد بالنسبة لكندا بحلول يوم الجمعة"، وهو اليوم الذي حددته الولايات المتحدة لإتمام الاتفاق بشكله العام على الأقل.

لكنه أكد أمام حشد من الطلبة في شمال أونتاريو أن أي اتفاق "سيرتبط بمسألة إن كانت هناك صفقة جيدة في النهاية بالنسبة الى كندا".

وأضاف "قلت منذ البداية إن عدم التوصل إلى اتفاق بشأن "نافتا" أفضل من إبرام اتفاق "نافتا سيئ".

من جهته، أكد ترامب الأربعاء في البيت الأبيض أن المباحثات مع كندا في شأن الاتفاق التجاري "تسير في شكل جيد جدا".

وبعدما مهدت المكسيك الطريق من خلال الاتفاق على نسخة معدلة من "نافتا" مع الولايات المتحدة الإثنين، قالت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند الثلاثاء إنه "تم إنجاز الكثير" خلال اللقاءين اللذين أجرتهما مع ممثل التجارة الأمريكي روبرت لايتهايزر.

وقالت للصحفيين إن الولايات المتحدة وكندا دخلتا حاليًا "في فترة مهمة للغاية من المفاوضات" مشيرة إلى أن المسئولين في مجال التجارة عملوا حتى ساعات متأخرة من الليل على المسائل الأبرز.

ورفضت فريلاند الخوض في تفاصيل المسائل التي تحتاج إلى حل موضحة أنها اتفقت مع لايتهايزر على عدم مناقشة التفاصيل علنا.

وأفاد لايتهايزر من جهته أنه سيبلغ الكونجرس الأمريكي الجمعة بنية الدخول في اتفاقية تجارية جديدة في غضون 90 يومًا.. وسيكون لدى البيت الأبيض بعد ذلك مهلة حتى 30 سبتمبر لعرض اتفاق "نافتا" النهائي على الكونجرس.

ويرجح أن تتركز النقاط العالقة بين أوتاوا وواشنطن على نظام "إدارة الإمدادات" الذي يحكم سوق كندا للألبان وأسلوب حل النزاعات بين شركاء "نافتا".

وعمل المفاوضون على مدى عام كامل لتجديد وإعادة كتابة اتفاق التجارة الحرة الموقع منذ 25 عامًا. 

لكن واشنطن ومكسيكو عقدتا محادثات خلال الأسابيع الخمسة الأخيرة لحل المسائل الثنائية بينهما خاصة تلك المرتبطة بقواعد صناعة السيارات، دون أوتاوا.

وبينما أشارت بعض الأصوات إلى تجاهل كندا، أكدت فريلاند مرارا إلى أنها بقيت على تواصل دائم مع نظرائها الأمريكيين والمكسيكيين طوال الصيف وأنها توصلت إلى "اتفاق عالي المستوى مع الولايات المتحدة" بشأن بعض المسائل المرتبطة بقطاع السيارات وحقوق العمال.

والتقت كذلك ليل الثلاثاء نظراءها المكسيكيين الذين بقوا في واشنطن بعد إعلان تحقيق اختراق في المحادثات مع الولايات المتحدة.

وأشادت باستعداد المكسيك لتقديم تنازلات صعبة بشأن تجارة السيارات والعمالة، وهو ما مهد الطريق أمام التوصل إلى اتفاق ثلاثي.

وقالت "يشعر عمالنا بالقلق منذ مدة طويلة من الطريقة التي يمكن للاتفاقيات التجارية فيها أن تؤذي أصحاب الياقات الزرق في الدول مرتفعة الدخل".

وأضافت "هناك أمور مهمة نعتقد أننا أنجزناها مع الولايات المتحدة وتم ذلك مع بعض التنازلات المهمة التي كانت المكسيك مستعدة للقيام بها لدعم العمال الكنديين".

وأدت تصريحات فريلاند إلى ارتفاع المؤشرات الرئيسية في بورصة "وول ستريت" بعيد الساعة 14،00 ت غ.

وتتضمن الخطوط العريضة لاتفاقية "نافتا" الجديدة نسبة أعلى من قطع السيارات المنتجة محليا وتحدد نسبة للسيارات التي يجب أن تأتي من مصانع تدفع رواتب عالية إلى جانب تشديد قواعد حماية العمالة وبند يقضي بإعادة النظر في الاتفاقية التي تبلغ مدتها 16 عاما كل ست سنوات.

إلا أن ترامب ذكر أنه سيتخذ موقفا متشددا مع كندا في ما يتعلق بتجارة الألبان التي تشكل مصدر توتر بعيد الأمد بين البلدين الجارين.

لكن ترودو تعهد عدم الاستسلام لمطالب واشنطن بتغيير النظام الذي تحدد أوتاوا على أساسه كميات الإنتاج والأسعار وتفرض رسوما عالية على واردات الألبان.

والنظام مطبق منذ سبعينيات القرن الماضي وكانت هناك عدة محاولات لإلغائه.

ويواجه ترودو ضغوطا سياسية مع حلول موعد الانتخابات في غضون عام وهو ما قد يدفعه إلى عدم الإذعان لترامب خاصة في ما يتعلق بقطاع الألبان.

وبإمكان أوتاوا أن تعرض على منتجي الألبان الأمريكيين نسبة إضافية صغيرة في السوق كما فعلت مع الاتحاد الأوروبي في اتفاق للتجارة الحرة أبرم العام الماضي.

وهناك نقاط خلاف أخرى بين واشنطن وأوتاوا، فكندا تعارض سعي الولايات المتحدة لإلغاء آلية تسوية الخلافات (الفصل 19) التي يبدو أنه تم التخلي عنها في الاتفاق مع مكسيكو، وقد استخدمت كندا هذا النصّ للاحتجاج على قوانين مكافحة الإغراق ورسوم التعويض الأمريكية.

بدورها، تراجعت واشنطن عن بند قوبل برفض شديد ينص على إعادة الدول الثلاث التفاوض على الاتفاقية بعد خمس سنوات، وبدلا من ذلك، يمدد الاتفاق مع المكسيك "نافتا" 16 عامًا على أن تتم مراجعتها كل ست سنوات.

ويسعى البيت الأبيض إلى إتمام الاتفاق سريعًا ليوقع عليه الرئيس المكسيكي انريكي بينا نييتو قبل أن يسلم الرئاسة إلى أندريس مانويل لوبيز أوبرادور في الأول من ديسمبر.