أعلنت دول شمال إفريقيا رفضها المطلق لإستقبال أية مخيمات أو مراكز  لإحتضان المهاجرين الشرعيين ، مؤكدة بذلك رفضها للمقترح الذي تقدم به الإتحاد الأوروبي ، وسعت إيطاليا الى تمريره ، 

وقالت كل من الجزائر وليبيا والمغرب وتونس ومصر أنها غير مستعدة لأن تجعل من أراضيها منصات مؤقتة أو دائمة للمهاجرين غير الشرعيين الذي ضاق بهم فضاء الإتحاد  الأروروبي ، وهو ما رأى فيه المراقبون موقفا موحدا ، ساعد هذه الدول على تجاوز أي حرج قد تتعرض كل دولة على حده 

 وتأتي هذه المواقف  في خضم اتفاق دول الاتحاد الأوروبي على إقامة “منصات” للمهاجرين خارج أراضيه  سعيا لردعهم عن عبور البحر الابيض المتوسط.

ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى التخلص من أزمة الهجرة واللجوء عبر إحداث مراكز استقبال في دول شمال إفريقيا، حيث يهدف المشروع إلى إعادة المهاجرين الذين يتم توقيفهم  في البحر الأبيض المتوسط نحو دول شمال إفريقيا، ومنها نحو بلدانهم الأصلية.

وكان  المفوض الأوروبي المكلف شؤون الهجرة والمواطنة ديمتريس أفراموبولوس قد  تحدث عن فتح مشاورات مع دول شمال أفريقيا لإقامة منصات إنزال على أراضيها لفرز من يتم إنقاذهم في المتوسط، ولكنه رفض الإفصاح عما إذا كانت أي دولة من دول المنطقة قد وافقت بالفعل على مقترحاته، قائلًا «لدينا مقترح أولي وليس رسمي ونجري مشاورات بشأنه مع الجميع»، إذ يتحدث الأوروبيون في هذا الصدد عن دول مثل تونس، الجزائر، المغرب ومصر.

ومنذ أكثر من عام  دعا رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني  إلى تأسيس مخيمات لاستقبال اللاجئين في ليبيا ووضع خطة لتنمية إفريقيا لمنع تدفق اللاجئين إلى أوروبا.

وقال تاجاني في تصريح لصحف مجموعة "فونكه" الألمانية الإعلامية  "سيكون من السليم إقامة مخيمات لاستقبال اللاجئين في ليبيا وبناء عليه سيبدأ الاتحاد الأوروبي مساعيه لإبرام اتفاقية مع ليبيا من أجل هذا الهدف".

وفي هذا السياق ، أكد الوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى أن بلاده "لن تقبل باقامة مراكز للمهاجرين غير الشرعيين" على أراضيها موضحا أن موقف الجزائر حول هذا الموضوع قد عبر عنه من قبل وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل. 

وقال أويحيى في تصريح للصحافة الدولية حول موضوع "مراكز الإنزال للمهاجرين غير الشرعيين"   إن "موقف الجزائر حول هذا الموضوع قد  سبق أن عبر عنه  وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل ولن تقبل الجزائر بإقامة مراكز من هذا النوع" مضيفا إن "الأوروبيين بصدد البحث عن مكان لإقامة مراكزهم".

وكان وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل قد أكد  في حوار مع الإذاعة الفرنسية "آر أف إي" بخصوص أزمة الهجرة أنه "من المستبعد أن تفتح الجزائر أي منطقة احتجاز" ، مبرزا في هذا الصدد أن الجزائر تواجهها نفس مشاكل أوروبا.

وأوضح رئيس الدبلوماسية الجزائرية أنه "من المستبعد أن تفتح الجزائر أية منطقة احتجاز حيث تواجهنا نفس المشاكل, كما أننا نقوم بعمليات ترحيل لكننا نقوم بذلك وفقا للترتيبات المتفق عليها مع الدول المجاورة", مشيرا إلى أنه حينما يتعلق الأمر بالهجرة غير الشرعية "علينا استيعاب الأمور بشكل جيد ". 

وفي ليبيا ، قال نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبي، أحمد معيتيق، : "نتفق مع أوروبا في ما يتعلق بمسألة الهجرة، لكننا نرفض بشكل قاطع إقامة أي مخيمات للمهاجرين في أراضي ليبيا".

 كما حذر الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر ما أسماها بـ”بعض الأطراف الدولية” من “إنشاء وجود عسكري لها” في جنوب ليبيا “بحجة التصدي للهجرة غير الشرعية”

وجاء في البيان :  “تحذر القيادة العامة للقوات المسلحة هذه الاطراف من القيام بهذا العمل الذي نعتبره ينتهك بشكل صارخ قواعد القانون الدولي ويمثل اعتداء سافرا على الدولة الليبية وسيادتها على اراضيها”. واكد انه سيتم “اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الكفيلة بحماية الدولة الليبية وحدودها وشعبها، بما يمنع اي تصرف يمثل عدوانا وانتهاكا للسيادة الوطنية”.

من جانبه ، أبدى المغرب موقفا حازما تجاه مساعي الاتحاد الأوروبي لتصدير أزمة اللاجئين والمهاجرين نحو المغرب وباقي دول شمال أفريقيا، حيث عبر من خلال وزير الشؤون الخارجية والتعاون، ناصر بوريطة، عن رفضه تشييد مخيمات ومراكز استقبال للاجئين والمهاجرين في المغرب.

وأضاف بعد اجتماع في الرباط مع نظيره الاسباني جوزيب بوريل أن "المغرب يرفض وقد رفض دائما هذا النوع من الأساليب لإدارة قضية تدفق الهجرة" منددا ب"حلول سهلة" و"آليات تأتي بنتائج عكسية".

وأبدى بوريطة موقفًا صارمًا تجاه هذا المشروع عقب مباحثات جمعته بوزير الخارجية الإسباني، جوزيف بوريل، حيث عبر بوضوح عن الموقف المغربي الذي يرفض ويعارض مثل هذه الأساليب في إدارة قضية الهجرة.

ورفض المغرب العرض الأوروبي، بسبب تعارض التوجه الأوروبي في مجال الهجرة مع الطريق الذي سلكته المملكة، والذي يعتمد على المقاربة الإنسانية عوض المقاربة الأمنية التي تتبناها أوروبا التي تسعى إلى تخفيض أعداد المهاجرين الذين يتدفقون على أوروبا. 

كما ، جدّد وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي، التأكيد على رفض تونس لفكرة إقامة منصات أو مخيمات لاحتجاز المهاجرين غير الشرعيين، في عدد من دول العبور، التي تُحاول بعض الدول الأوروبية تمريرها، كمخرج لمعالجة ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي تحوٌلت إلى ملف حارق، بات يُلقي بظلال كثيفة على العلاقات بين دول ضفتي المتوسط.

وقال  الجهيناوي،في تصريحات صحفية أن بلاده  تحرس سواحلها وترابها، وهي بذلك تقوم بدورها في هذا المجال على أحسن وجه ، مشددا على أنّ هذا الموضوع يعد من المواضيع السيادية التي لا يمكن القبول بها.

وأضاف : “نحن في تونس لا نتحمل مسؤولية تدّفق المهاجرين غير الشرعيين، على سواحل جنوب أوروبا، ومسؤوليتنا تتعلق فقط بالتونسيين، وما عدا ذلك أمر لا يعنينا وليس من مسؤوليتنا” مردفا : “نعم نتعاون مع الإيطاليين ومع الأوروبيين أثناء عمليات إنقاذ المهاجرين في عرض البحر، وهذا من منطلق الواجب والقانون الدولي، لكن لا نتحمل المسؤولية”.

وأكد جازما: “لا نقبل بفتح مثل هذه المنصات لاستقبال أو تجميع المهاجرين غير الشرعيين، ونرفض تماما إقامتها فوق أراضينا”. وأعرب عن اعتقاده بأن “مثل هذه الفكرة لن تحل المشكلة، ذلك أنها تقوم على ترحيل أو نقل المشكلة من البحر إلى الأرض”، لافتا إلى أن لتونس مقاربة أخرى لمعالجة هذا الملف تقوم على أساس “تسهيل وترتيب الهجرة وتنظيمها.

وقال الجهيناوي :“لقد قلنا للأصدقاء الأوروبيين إنه عوض أن نكافح الهجرة في البحر، كان لا بد من العمل من أجل خلق مواطن شغل لهؤلاء المهاجرين غير الشرعيين الذين تدفعهم أوضاعهم الاجتماعية إلى المغامرة بحياتهم في البحر”.

وفي مصر ، قالت السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، إن موقف القادة الأوروبيين ليس مريحًا في التعامل مع المهاجرين واللاجئين، وإنهم يتعرضون لضغوط من شعوبهم في تلك المسألة.وأضافت  في تصريحات تلفريونية السبت ، أن «مصر لا تقبل بمعسكرات الإيواء للاجئين، والاتحاد الأوروبي يتعرض لضغوط داخلية من الأحزاب وأنصار حقوق الإنسان لذلك يبحث عن حلول حتى لو كانت شكلية».

وتابعت أن «وضع المهاجرين غير الشرعيين ي المعسكرات ليس حلًا ناجحًا، ولكن يجب على الدول التعامل الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية عن طريق المشروعات الاستثمارية»، مشيرة الى أن «الحلول المطروحة من الاتحاد الأوروبي غير ملزمة لمصر، والقاهرة لن تقبل معسكرات إيواء اللاجئين على الإطلاق».

وأكدت أن «إقامة معسكرات اللاجئين ليست حلًا، والمشروعات التنموية هي الحل للحد من تدق المهاجرين غير الشرعيين». وبذللك تكون دول الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط الخمس وهي ليبيا وتونس ومصر والمغرب والجزائر قد إتهذت موقفا موحدا من مقترح الإتحاد الأوروبي بإحداث معسكرات لجوء للمهاجرين الأفارقة التي تود دول الضفة الشمالية التخلص منعهم بالدفع بهم الى شمال إفريقيا .