أظهرت دراسة تونسية أن "الفساد الكبير"، لصالح إثراء فئة بعينها، تراجع كثيرًا بعد الثورة، فيما اتسعت رقعة "الفساد الصغير"، واستفحلت معه ظاهرة "المحسوبية" بنسبة 55%، تليها الرشوة بـ 39%.

وأوضحت الدراسة، التي شملت عينة من 1205 أشخاص من كافة المحافظات، وأعلن منتدى العلوم الاجتماعية التطبيقية (جمعية غير حكومية) نتائجها اليوم الإثنين خلال ندوة بالعاصمة تونس، أن 50 % من التونسيين المستطلعة آراؤهم يقرون باستفحال ظاهرة الفساد بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي، عام 2011.فيما رأى 41% "انتشار ظاهرة الفساد دون استفحال"، وقال 9% إن الظاهرة "موجودة دون استفحال"، بحسب الدراسة.

أما عن مجالات انتشار الفساد، فيرى 21 % أن ممارسات الفساد مستشرية في القطاع الخاص، في حين يرى 79 % أنها مستفحلة في القطاع العام. أما عن مستوى الانتشار بحسب الأنشطة والقطاعات، فتظهر الدراسة أن درجة استفحال الفساد تبدو كبيرة في قطاع التشغيل (التوظيف) يليه قطاع الديوانة (الجمارك) ثم الضرائب والأمن والقضاء.

وفي كلمة له خلال الندوة، قال عضو منتدى العلوم الاجتماعية التطبيقية، صلاح الدين الجورشي، إن رقعة ما يسمى بـ"الفساد الصغير" قد اتسعت بشكل كبير في تونس ما بعد الثورة واستفحلت معه ظاهرتا الرشوة والمحسوبية.وأضاف الجورشي أن "ما يعرف بالفساد الكبير الذي استشرى قبل الثورة في اتجاه إثراء فئة بعينها، قد تراجع في مقابل تعاظم شأن الفساد الصغير".

وتابع بقوله إن "نتائج الدراسة بيّنت أن الفساد قد بارح الأطر والمؤسسات الرسمية الحكومية لكي يتحول إلى نمط منظم ومهيكل يُبنى من الأسفل، وأصبحنا اليوم نتحدث عن أموال أقل بكثير مما كانت عليه قبل الثورة، لكنها متسعة قاعديا".ومضى قائلاً: "تشير الدراسة إلى تغلغل ما يعرف بدمقرطة الفساد أي تحويله إلى ظاهرة اجتماعية واسعة وثقافة سائدة بعد أن كان محصورًا في أطر ضيقة".

وأنجز فريق منتدى العلوم الاجتماعية التطبيقية هذه الدراسة بين يومي 10 و17 مايو/أيار 2014 بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة.وأنشأت تونس في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد" كهيئة رسمية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي. 

وكان رئيس هيئة مكافحة الفساد، سمير العنبي، أعلن الثلاثاء الماضي أن الهيئة أحالت 450 ملف فساد إلى القضاء ليتولى مهمة البحث والتحقيق فيها، ومن ثم محاكمة الضالعين فيها.وأضاف العنبي، خلال مؤتمر صحفي، أن "الهيئة تلقت ما يقارب من 12 ألف ملف فساد، لكن ثلاثة أرباع هذا الرقم لا صلة له بالفساد في حقيقة الأمر".