تحدث قادة غربيون خاصة من الولايات المتحدة الأميركية خلال الأيام القليلة الماضية عن تنامي خطر المتطرفين في ليبيا خاصة تنظيم داعش،وكلما خرجت تقارير من الغرب ضد استمرار حالة الفوضى التي يثيرها المتطرفون في ليبيا، كلما زاد حراك العناصر على الأرض.ويأتي هذا في ظل تزايد القلق بسبب بعض التقديرات الاستخباراتية التي تشير إلى ارتفاع أعداد مسلحي داعش في ليبيا إلى الآلاف وتزايد السلاح معه .

وكشفت مصادر صحفية، عن أن تنظيم داعش الإرهابي يسعى لفرض نفوذه على سواحل ليبيا وإمتلاك أسطول بحري سريع في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وذلك لتنفيذ أعمال إرهابية في المياه الإقليمية الليبية.وقالت المصادر لصحيفة تليغراف البريطانية عن الأميرال البريطاني كلايف جونستون، إن “تنظيم داعش يبحث توسيع وجوده في المدن الساحلية شمال ليبيا، لتسهيل الإنطلاق بزوارق سريعة بعد تفخيخها، لضرب أهداف تجارية وسياحية غربية في البحر الأبيض المتوسط”.وأشار إلى أن التقارير الاستخباراتية تؤكد على تنامي قدرة داعش في ليبيا في ظل تزايد السلاح الروسي والصيني والكوري الشمالي والحصول على أسلحة ومعدات حربية أكثر تطوراً، مما يهدد حركة الملاحة والسياحة في البحر الأبيض المتوسط.ويحذر مسؤولون غربيون من تعاظم قوة داعش في ليبيا التي ستشكل قاعدة انطلاق للتنظيم نحو بلدان شمال إفريقيا والعمق الأوروبي عبر البحر المتوسط لا سيما في ما يعرف بمدن الهلال النفطية الليبية.

وبدأ التنظيم الإرهابي يتوغل في البلاد منذ عام وبالأخص عقب الفوضى التي سادت في أعقاب الإطاحة بمعمر القذافي؛ حيث استغلت الجماعات المسلحة حالة الفوضى واستطاعت التوغل وتهريب أسلحتها؛ ما جعل البلاد شبه معقل للإرهاب، ومع مواصلة استقطاب داعش للمزيد من العناصر، تحولت المناطق الليبية إلى معاقل للتنظيم الإرهابي، واستطاع التنظيم أن يتخذ من مدينة سرت مقرًا رئيسيًا له، والتي تعتبر مسقط رأس الزعيم الراحل معمر القذافي والمعروفة بأنها غنية بالنفط وموقعها استراتيجي لأهداف التنظيم.وأعلن التنظيم الإرهابي إنشاء فرعه في ليبيا: ولاية درنة، في أكتوبر 2014، قبل أن يسيطر على مدينة سرت في مايو 2015.وترددت أنباء عن بدء تنظيم "داعش" بنقل مقاتليه وإدارته إلى مدينة سرت الليبية بعد كثافة الضربات الجوية التي يوجهها له التحالف الدولي في العراق وسوريا.

ويرى محللون أنَّ تنظيم "داعش" نجح في التوسع إعلاميًّا وماديًّا بقوة في ليبيا، لإخافة أعدائه والانضمام للجماعات الجهادية الأخرى ولتجنيد أكبر عدد من المقاتلين.كما يعمل على استغلال الخلافات المحلية بين القبائل في مدينة سرت وغيرها من المدن الليبية للتوسع بدلاً من محاولة التفوق عليها واستعدائها.ولجأ "داعش" إلى نشر الخوف بين معارضي التنظيم في طرابلس وطبرق عن طريق تنفيذ سلسلة من التفجيرات الانتحارية والهجمات ضد أهداف محددة.ويستغل تنظيم داعش الأجواء الإقليمية المتوترة لإعادة ترميم بنائه الداخلي حيث ينتقل من التمدد في مواقعه بالعراق والشام إلى محاولة إيجاد مواقع جديدة له في آسيا ومناطق التوتر في ليبيا والمغرب العربي.ويتخذ تنظيم داعش في ليبيا استراتيجية جديدة لتمرير آيديولوجيته العسكرية، فهو يعد مقاتليه وأنصاره إلى إزالة كل الحدود بين دول المغرب العربي، إضافة إلى مصر، في إشارة إلى ما فعله التنظيم بحدود العراق وسوريا والمناطق المتاخمة لهما، داعيًا إلى إقامة تحالف عريض يجمع بين أجزاء التنظيم وصولاً إلى تنظيم "أنصار بيت المقدس" التي تعلن سيناء مقرًا لها.

ويرى مراقبون أن نقل "داعش" لأعماله القتالية إلى ليبيا لا تنحصر أسبابه في فقدان عدد كبير من مقاتليه بسوريا والعراق فقط، ولكن أيضاً بهدف تعويض مصادر تمويله التي فقدها جزئياً هي الأخرى.وكانت نشرت مجموعة "سوفان غروب"، الأمريكية المتخصصة في الدراسات الاستراتيجية، الأربعاء 27 يناير الجاري، تقريرًا أمنيًّا حذر من تحول ليبيا إلى قاعدة جديدة للجماعات الإرهابية، وعلى رأسها داعش.والجدير بالذكر أن العديد من دول الغرب، لوح أكثر من مرة باحتمالية التدخل العسكري في ظل تعاظم نفوذ داعش في ليبيا.وأفاد تقرير لصحيفة “صنداي تايمز” البريطانية، الأحد، بأن قوات بريطانية وفرنسية وأمريكية توجهت إلى ليبيا لتحديد أهداف محتملة لعمليات جوية ضد تنظيم داعش

 وذكرت الصحيفة، أن ستة ضباط من سلاح الجو البريطاني انضموا لضباط استخبارات ودبلوماسيين من المملكة المتحدة وإلى أفراد عسكريين أمريكيين وفرنسيين في مهمة استطلاعية بالقرب من مدينة طبرق الساحلية الليبية؛ لإعداد قائمة من "الأهداف المحتملة لهجمات جوية محتملة لبريطانيا والتحالف"؛ بحسب وكالة الأنباء الألمانية.ونقل التقرير عن مصدر عسكري بريطاني القول، إن"فرق تحديد المواقع المستهدفة ترغب في تحديد مواقع القوات الصديقة، حتى لا تتعرض بطريق الخطأ للعمليات التي سوف تستهدف داعش".وأضافت الصحيفة، أن خطط التحرك العسكري ضد داعش في ليبيا “تم تعزيزها وسط المخاوف من أن يكون التنظيم الإرهابي، الذي يسيطر على شريط ساحلي طويل حول مدينة سرت، يعد لنقل قياداته من سورية إلى شمال أفريقيا ويهدد البحر المتوسط .

وفي ظل تعاظم نفوذ التنظيم في ليبيا، أدى ذلك إلى تخوفات الدول من تكرار سيناريو العراق وسوريا،وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما أصدر أول أمس 28 يناير 2016 توجيهات لمستشاريه في مجال الأمن القومي للتصدي لمحاولات تنظيم داعش التوسع في ليبيا.وتدرس الإدارة الأمريكية، فتح جبهة جديدة ضد تنظيم داعش في ليبيا لمنع الجهاديين من اقامة معقل جديد لهم في هذا البلد الذي يشهد حالة من الفوضى. وكانت الولايات المتحدة تدخلت مرة واحدة على الأقل في ليبيا ضد تنظيم داعش، ففي نوفمبر الماضي قتلت في ضربة جوية أحد قادة الإرهاب في ليبيا وهو العراقي أبو نبيل.