لا تُخفي السلطات التونسية خشيتها من تمدد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، وتوسع خطره ليتجاوز جغرافيا المشرق العربي إلى اليمن، ووصولا إلى المنطقة المغاربية التي يبدو أنها ستكون محور نشاط هذا التنظيم خلال المرحلة المُقبلة.

وشهدت المنطقة المغاربية خلال الأيام القليلة الماضية ثلاثة أحداث مُثيرة ومُترابطة في خطورتها لها علاقة مباشرة بهذا التنظيم الإرهابي، شملت تونس والجزائر والمغرب، وقبل ذلك ليبيا، وسط أنباء متواترة بأن هذا التنظيم يسعى إلى وضع المنطقة على خط زلازل مرفوق ببراكين يصعب إخمادها.

وتتعلق هذه الأحداث بإعلان كتيبة “عقبة بن نافع” الإرهابية الناشطة في مرتفعات جبل الشعانبي بمحافظة القصرين التونسية مبايعة تنظيم “داعش”، وبإقدام تنظيم “جند الخلافة” المرتبط بـ”داعش” على ذبح رهينة فرنسية في الجزائر، وإعلان السلطات الأمنية المغربية عن تفكيك خلية تابعة لـ”داعش” في شمال البلاد.

ودفعت هذه التطورات العديد من الخبراء الأمنيين إلى دق ناقوس الخطر، والتحذير من أن “داعش” بسلوكها الإجرامي اللامحدود باتت تطرق أبواب تونس، تمهيدا لفتح باب جهنم على المنطقة المغاربية بأسرها، وإدخالها في دائرة أعمالها التي تجاوزت بها كل الأخلاقيات الإنسانية والشرائع الدينية.

ويصف الخبراء الأمنيون الخشية التي أعربت عنها السلطات التونسية في وقت سابق بـ”المشروعة”، لأن تونس تبدو في هذه المرحلة “الحلقة الأضعف” في سلسلة التماسك الأمني في المنطقة المغاربية، باستثناء ليبيا التي يبدو أن تنظيم “داعش” استطاع تثبيت قواعده فيها ليصبح سيفا مُسلطا على رقاب الليبيين، وكذلك أيضا على تونس.

واعتبر الصحبي الجويني القيادي في اتحاد نقابات الأمن التونسية في تصريح لـ”العرب” أن خطر تسلل “داعش” إلى تونس “هو خطر قائم وجدي، وسبق للأجهزة الأمنية أن حذرت منه”.

وأكد أن الخطر موجود، لافتا إلى أن “داعش” بالنسبة إلى الأجهزة الأمنية التونسية “ليست ظاهرة ولدت منذ شهر أو شهرين، ومازلنا ننتظر الإعلان الرسمي عنها، بل هي ظاهرة حذرنا من خطرها منذ فترة انطلاقا من قراءة امنية واضحة”.

وأشار إلى أن إعلان “كتيبة عقبة بن نافع” الإرهابية الناشطة في غرب تونس غير بعيد عن الحدود الجزائرية ولاءها لـ”داعش” لم يكن مُستغربا أو مفاجئا لنا كأمنيين، وهو ولاء يكشف حقيقة هذه التنظيمات الإرهابية التي تجاوز خطرها الحدود الوطنية لهذه الدولة أو تلك.

وكانت “كتيبة عقبة بن نافع” التي نفذت سلسلة من العمليات الإرهابية في تونس، قد أعلنت مبايعتها لـ”داعش” في وقت سابق، وهددت في 25 سبتمبر الجاري، بتنفيذ هجمات إرهابية جديدة في تونس.

وترافق هذا التهديد مع تواتر أنباء أمنية حول تمكن عدد من عناصر “داعش” من التسلل إلى التراب التونسي من الأراضي الليبية، حيث استغلت هذه العناصر الفوضى الأمنية على الحدود الجنوبية الشرقية التونسية مع ليبيا، وذلك في ظل هشاشة الوضع الأمني وتنامي سطوة الجماعات التكفيرية المسلحة.

وقبل ذلك، طفحت على السطح بعض المؤشرات حول عزم عناصر “داعش” التي تتمركز في عدد من المناطق الليبية “الاستيلاء على المعابر الحدودية بين تونس وليبيا وخاصة منها معبر “رأس جدير” الذي يُعد أحد أبرز شرايين الحركة الاقتصادية بين البلدين، مما دفع السلطات التونسية إلى الدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى تلك المنطقة.

وبحسب الخبير الأمني التونسي الصحبي جويني، فإن خطر “داعش” موجود، والخطر الإرهابي الذي يطرق أبواب تونس جدي، وترتفع نسبته في بعض المناسبات الدينية انطلاقا من بعض الفتاوى، ذلك أننا نعرف أن هؤلاء الإرهابيين عادة ما يكثفون ضرباتهم في شهر رمضان أو ذكرى بعض الغزوات مثل غزوة بدر، أو عيدي الفطر والأضحى أو بالتزامن مع مناسبات هامة مثل الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية..

وشدد في تصريحه لـ”العرب” على ضرورة محاربة هذا التنظيم اليوم وليس غدا، لافتا إلى أن الأجهزة الأمنية على أتم الاستعداد لمواجهة هذا الخطر بعد توفر بعض الشروط الموضوعية التي لم تكن متوفرة في وقت سابق، وذلك في إشارة إلى انعدام الإرادة السياسية للتصدي لهذا الخطر خلال فترة حكم الترويكا بقيادة حركة النهضة الإسلامية.

وقال الجويني “استعداداتنا واضحة، ومعركتنا هي من أجل الأجيال القادمة، والخطر قائم، ولكن لا خوف على تونس، ولتونس رجال يحمون أبوابها”، على حد تعبيره.

 

*نقلا عن العرب اللندنية