تفاجأ الليبيون والمتابعون للملف الليبي، يوم أمس الثلاثاء، من صدور موقفين متناقضين من وزارة الخارجية في حكومة الدبيبة حول حادثة اختطاف الولايات المتحدة للمواطن الليبي أبوعجيلة المريمي ونقله إلى واشنطن "بطريقة مهينة وانتهاك لكل أعراف سيادة الدول"، مما خلف جدلا حول حقيقة ما يحصل في وزارة المنقوش وترجيحات عن خلافات عميقة داخلها حاولت نفيها بزعم تعرض حسابها للقرصنة.

الجدل بدأ عندما نشر حساب الوزارة المذكورة لبيان عقب كلمة لرئيس حكومة الوحدة علق فيه على تسليم "أبوعجيلة المريمي" إلى الولايات "في جنح الظلام" وفي غفلة من الليبيين وحتى من عائلته التي تفاجأت بمجموعة مسلحة تقتحم منزلها وتختطف رجلا لا حول له إلا نظرات تبعث رسائل وجع إلى كل ليبي غيور على وطنه.

وقالت وزارة المنقوش في بيانها إنها "تستنكر ... وتدين بشدة خطف المواطن أبوعجيلة مسعود المريمي وتسليمه إلى الولايات المتحدة الأمريكية الذي ينافي القانون الدولي لحقوق الإنسان والقوانين والتشريعات الليبية ونؤكد على ضرورة مباشرة الجهات القانونية التحقيق في الحادثة والإعلان عن النتائج بأسرع ما يمكن".

وأضافت الوزارة أن موقفها يأتي بعد "كلمة رئيس الوزراء السيد عبدالحميد الدبيبة الموجهة للشعب الليبي والذي صرح فيها تسليم أبوعجيلة مسعود المريمي إلى الولايات المتحدة الأميركية لمحاكمته في قضية "لوكربي" التي تم تسويتها وغلقها بين ليبيا والولايات المتحدة الأميركية منذ عام 2008."

لكن خارجية الدبيبة حاولت الهروب "من الورطة الإعلامية" بالقول إن حسابها تعرض للقرصنة حيث نشرت أنه حساب "فيسبوك" في حين أن بيان استنكار تسليم المريمي جاء على حساب تويتر. وحتى "تعديل" الموقف أو التراجع عنه، جاء في نفس الحسابات التي ادعت الوزارة أنه لا يدار من مكتبها الإعلامي، بما يزيد تخمينات أن ما يحصل هو خلافات داخلية بين من يرفض عملية التسليم ومن هو منسجم مع قرار الدبيبة.

وفي محاولة لتخفيف الحرج على حكومة الوحدة، تدخلت واشنطن عبر سفارتها في طرابلس، لتؤيد "المزاعم" بتعرض "الموقع" للقرصنة وبأن "تسليم" المريمي تم بالتنسيق بينهما، وتم وفق آليات قانونية تسمح بذلك.

حجة أخرى قد لا تكون في صالح المنقوش هو التناقض بين ما تم نشره على حساب تويتر الذي يشير إلى أنه لا يدار من المكتب الإعلامي وبين ما نشر على حساب "فيسبوك" الذي تحدث عن خلل تقني تعمل الوزارة على تداركه. 

وبعيدا عن صدقية وزارة خارجية الوحدة من عدمها، لا يبدو صعبا ترجيح إمكانية الخلافات العميقة داخلها حول هذا الملف بالذات، خاصة أن المتمكن من الآليات التقنية للحسابات الالكترونية يعرف أن الموثقة منها بالعلامات الزرقاء لها أنظمة حماية عالية ولا تمنح إلا بضمانات ومعطيات شخصية أو مؤسساتية وهذا تدركه الوزارة جيدا في انتظار أن تتوضح الحقيقة في قادم الأيام.