مع تعثر الحوارات السياسية الليبية على جميع المسارات المرتبطة بإجراء الانتخابات العامة في ديسمبر المقبل، وتعذر صرف الموازنة العامة للحكومة الموحدة بسبب الخلافات حول بعض بنودها مع البرلمان،تعيش ليبيا على وقع خلافات عميقة قد تعصف بالمسار السياسي الذي أتى بالمشهد السياسي الجديد بأسره.
ووصل صدى الخلافات الجارية في ليبيا حول مشروع الميزانية العامة إلى مجلس الأمن الدولي، حيث حرص مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيش على إثارة الأمر في إحاطته أمام المجلس، الخميس، في حديثه عن وجود أطراف في ليبيا تتعمد استمرار الخلافات حول كل الملفات الهامة في البلاد لتعطيل الانتخابات والاستقرار.
وقال كوبيش في الجلسة التي انعقدت خصيصا لمناقشة التطورات في ليبيا وملف الانتخابات العامة إن الميزانية لم تعتمد حتى الآن، رغم العديد من الجلسات التي عقدها مجلس النواب في هذا الشأن، حيث لم يصل أعضاؤه إلى توافق حول الأمر قبل عيد الأضحى.
وألمح المبعوث الدولي إلى أن الخلافات حول الميزانية، وأيضا الملفات الأخرى، هي الثغرة التي يسعى المعرقلون إلى العبور من خلالها، وإفشال المسار السياسي، الذي سينتهي بانتخابات عامة في ديسمبر المقبل.
ويتعقد المشهد السياسي في ليبيا وسط خلافات بشأن القاعدة الدستورية للانتخابات الرئاسية المقررة في 24 ديسمبر المقبل، خصوصا بعد فشل أعضاء ملتقى الحوار السياسي في التوصل لاتفاق بشأن القاعدة التي سيجرى على أساسها الاستحقاق.
في ذات الصدد،خرج قبل أيام رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح بتصريحات قال فيها إن البرلمان سيسعى لتشريع قانون جديد بخصوص الانتخابات الرئاسية، وهو ما يمكن اعتباره قاعدة دستورية يمكن البناء عليها.
وقال صالح عقب لقائه المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيتش الأربعاء الماضي إن "البرلمان شرع في تجهيز قانون انتخاب الرئيس بشكل مباشر من الشعب الليبي".
وأضاف أن البرلمان شرع أيضا بـ"توزيع الدوائر الانتخابية في أنحاء البلاد للوفاء بالاستحقاق الانتخابي في موعده". كما أكد صالح على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل.
ويتكون ملتقى الحوار من 75 عضوا يمثلون أطياف الشعب الليبي بمختلف فئاته وتقسيماته الجغرافية، ويدور الخلاف بينهم حول إجراء الانتخابات أولا أم الاستفتاء على الدستور.
وتنص خارطة الطريق المتفق عليها بالفعل من قبل أعضاء ملتقى الحوار، على إرساء قاعدة دستورية مؤقتة أولا ثم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر، ثم كتابة  دستور دائم.
ويدور الخلاف أيضا حول كيفية انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع المباشر من الشعب أم انتخابه من قبل أعضاء البرلمان، بالإضافة إلى شروط الترشح لمنصب رئيس الجمهورية.
وتظاهر عشرات الأشخاص الأسام الماضي أمام مقر المفوضية العليا للانتخابات في العاصمة الليبية طرابلس، مطالبين السلطات بالالتزام بإجراء الانتخابات في موعدها في ديسمبر من هذا العام.
ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بإجراء الانتخابات كحق أصيل للشعب الليبي في اختيار من يمثله.
من ذلك،تشهد العملية السياسية الليبية وخريطة الطريق المنبثقة منها تعثراً واضحاً في الفترة الماضية، بعد خلافات أطراف الحوار السياسي على عدد من المسائل الحاسمة في التوصل إلى اتفاق نهائي ينهي المرحلة الانتقالية.
في المقابل، تحاول بعثة الأمم المتحدة إيجاد صيغ توافقية لتجاوز هذه الخلافات، التي باتت تمثل تهديداً لموعد الانتخابات العامة. وهو ما دفع بعض الأطراف إلى طرح خيار التأجيل، حتى يتم الاتفاق على حلول مقنعة لكل الإشكالات العالقة في مسار الحوار السياسي.
لكن طرح خيار التأجيل قوبل برفض واسع من أغلب الأحزاب والتيارات السياسية، في بنغازي وطرابلس، ومؤسسات المجتمع المدني ومكونات الشارع الليبي، واتهم بعض هؤلاء أطراف العملية السياسية، أو جزءاً منهم، بالرغبة في إطالة أمد المرحلة الانتقالية في البلاد لأسباب مختلفة.
من ذلك، يرى مراقبون أن عملية التشويش حول العملية السياسية ما قد يؤدى إلى فشلها و هو ما يهدّد مسار تنظيم الإنتخابات آخر هذه السنة جاءت بهدف العصف بالمسار السياسي الذي سيؤدي حتما إلى إرساء مؤسسات ديمقراطية مستقرّة و هو ما يتعارض مع أجندات بعض التنظيمات السياسية المسنودة بالمجموعات المسلحة التي تتغذى من مناخات الفوضى و الدمار.