مازالت تداعيات قرار البرلمان الليبي الجديد طلب التدخل الأجنبي مستمرة إلى اليوم، حيث دخلت جامعة الدول العربية على الخط وأعلنت بصريح العبارة رفضها للتدخل الأجنبي في الشأن الليبي. وأمام تصاعد وتيرة العنف في المدن الليبية حذرت الأمم المتحدة من وقوع كارثة إنسانية في حال استمر الاقتتال بين الميليشيات المسلحة التي تسعى إلى فرض هيمنتها على مؤسسات الدولة.

أعربت جامعة الدول العربية عن أسفها لتدهور الوضع الأمني الذي تعيشه العاصمة الليبية طرابلس، جراء الاقتتال الدائر بين الأطراف المتنازعة، مؤكدة أنها لا تحبذ ولا تؤيد أي تدخل أجنبي.

وأوضح فاضل محمد جواد، الأمين العام المساعد للشؤون السياسية، أمس، أن الجامعة العربية لا تؤيد التدخل الأجنبي في ليبيا”، مؤكدًا أن خلفية قرار طلب التدخل الأممي تعود إلى مجلس النواب الليبي، فهو “مَن يسمح أو يمنع، أما نحن فنفضل أن تقوم الدول العربية بحل مشاكلها بنفسها أو بمساعدة الدول الشقيقة".

وأضاف: “إن الجامعة العربية تشارك بفعالية في الاجتماعات الخاصة بدول الجوار الليبي، التي عُقدت وستُعقد لاحقًا من أجل مساعدة الليبيين على تحقيق الأمن والاستقرار".

وقال جواد إن الجامعة تتابع بقلق واهتمام كبيرين تطورات الأوضاع المتدهورة في ليبيا، نظرًا لأنها دولة مهمة وشقيقة للدول العربية، معربا عن أسفه إزاء ما يدور هناك في الوقت الراهن.

وأضاف أنه شارك ممثلا للأمين العام للجامعة في افتتاح مجلس النواب الليبي الجديد، حيث تم اختيار رئيسه رغم مقاطعة النواب الإسلاميين هذه الجلسة، نظرًا لوجود تحفظات لديهم على انعقاد هذا المجلس في مدينة طبرق بدلاً من بنغازي.

وأكد أن هذا الاجتماع كان شرعيا، حيث يسمح الدستور بعقد مجلس النواب في مكان آخر.

واعتبر جواد أن عمل المجلس يعد خطوة سياسية هامة للعملية السياسية في ليبيا، معربا عن أمله في أن يساهم هذا المجلس، وبمساعدة دول الجوار والدول العربية الأخرى، في إرساء السلام والطمأنينة في ليبيا.

وفي نفس السياق، استقبل سامح شكري وزير الخارجية المصري، أمس، مبعوث جامعة الدول العــربية إلى ليبيا ناصر القدـوة.

وتم خلال اللقاء التشاور حول تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا بعد تشكيل مجلس النواب الجديد، والجهود المبذولة إقليميًا من جانب دول الجوار والجامعة العربية للتوصل إلى حل سياسي بين مختلف القوى السياسية الليبية، بما يحقق تطلعات الشعب الليبي ببناء نظام ديمقراطي يضمن الأمن والاستقرار ويصون الحريات.

ويأتي التشاور مع المبعوث العربي استعدادًا للاجتماع الوزاري الثالث لدول جوار ليبيا الذي تستضيفه القاهرة في 25 أغسطس الجاري.

وتشهد ليبيا أعمال عنف ممنهجة بسبب تناحر الميليشيات المسلحة التي استفادت من ضعف السلطة المركزية ومن انتشار الأسلحة لتحقيق مآربها المتمثلة أساسا في فرض سيطرتها على مؤسسات الدولة وعلى المنشآت النفطية وتحويل ليبيا إلى إمارة إسلامية تطبّق الشريعة وتلغي الحريات وتكفر بالديمقراطية.

يُذكر أنّ محمود جبريل، رئيس وزراء ليبيا الأسبق، أكّد أن دماء الليبيين فى رقبة حكام قطر، وكشف عن أن الأمير السابق، الشيخ حمد بن خليفة، رفض تفكيك الميليشيات في ليبيا، بقوله: “الثوار لا يلقون السلاح، وبإمكاني جمع السلاح من أيدي الثوار في مصراتة، خلال 24 ساعة إذا أردت".

وفي لقاء مفتوح نظمته لجنة العلاقات الخارجية بنقابة الصحفيين الليبيين حول تطور الأوضاع فى ليبيا، أشار جبريل إلى وجود 1600 ميليشيا وأكثر من 22 مليون قطعة سلاح تكفي لتسليح 7 دول أفريقية، وأن الأراضي الليبية تعتبر الملاذ الأخير لجميع التيارات المتطرفة.

وقال إن مجلس الوزراء الليبي أجبر على دفع 900 مليون دينار ليبي للميليشيات، مقابل تهدئة الأمور وإيجاد نوع من التوازن ولكن دون جدوى.

كما نبّه إلى أن ليبيا لن تستقرّ إلا بعودة الدولة، وهذا لن يتأتى إلا بحوار مجتمعي حقيقي، موضحا أنّ جنوب ليبيا من أسوأ المناطق تطرفًا.

وحذّر رئيس الوزراء الليبي الأسبق من تجمع قوى التطرف على الأراضى الليبية بعد انهيار الدولة وأن حدود ليبيا تزيد على 7 آلاف كيلو متر وأنه مستحيل تأمينها فى ظل الوضع الراهن لذا فهى تمثل تهديدا لدول الجوار، خاصة أن الغرب والمتربصين بالمنطقة يرون في ليبيا الصندوق المموّل للتيارات الإرهابية، وطالب المجتمع الدولي بعدم التخلي عن ليبيا وأن يمارس ضغوطه لوقف الاقتتال فيها.

وفي سياق متصل، حذّرت منظمة الأمم المتحدة من تفاقم الأوضاع الإنسانية في ليبيا إذا ما استمرّ تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد.

وأفادت المنظمة، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، بأنه وفقًا للاتحاد الدولي لجمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر، هناك 2 مليون شخص على الأقل قد يكونون عرضة لخطر نقص الغذاء إذا استمر القتال في ليبيا.

كما أشارت إلى أن الوضع الأمني غير المستقر يعيق عمليات مفوّضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ليبيا، التي بدأت في إرسال المساعدات في مناطق بغرب ليبيا.

 

عن « العرب » اللندنية