بعد سنوات من إقرار مجلس النواب لقانون العفو العام برزت تساؤلات حول انتقائية تطبيقه وانعكاساته والمدن التي رفضت التطبيق ودوره في تحقيق المصالحة الوطنية.. للحديث حول هذه النقاط التقينا المحامي والخبير في القانون الدولي محمد صالح جبريل اللافي.

بعد مرور سنوات على إقرار مجلس النواب لقانون العفو العام كيف تنظر اليه؟

اصدر البرلمان الليبي قانون العفو العام رقم 35لسنة 2014 وتمثلت ضرورة إصدار هذا القانون في اصلاح ما افسده الساسة الحاملين لفكر الاخوان المتطرف المطبقين لمبادئ الاقصاء العام لكل من هو سائر خارج فلكهم وحزبهم لذلك كان من الضروري معالجة تبعات قانون العزل السياسي الذي اقصى العديد من كوادر الدولة فكان قانون العفو العام الذي أقره أعضاء مجلس النواب بنصاب مكتمل عام 2014 وقد ساهم في إعادة الكفاءات لمؤسسات الدولة في عدد من مناطق البلاد كما أنه يعتبر خطوة مهمة على طريق المصالحة الوطنية.

ما هي الفئات التي استثناها القانون؟

القانون كان شاملا لكل الجرائم الجنائية التي ارتكبت بعد تاريخ 15فبراير 2011 عدى جرائم الارهاب والمخدرات وقد جاء هذا الاستثناء صراحة في المادة الثالثة حيث لا تسري أحكام القانون على جرائم الإرهاب وجلب المخدرات والمواقعة وهتك العرض بالقوة والقتل على الهوية، والخطف والإخفاء القسري والتعذيب وجرائم الحدود متى رفعت إلى القضاء وجرائم الفساد كما ان هناك اشتراط اخر وهو التعهد الكتابي بعدم العودة للإجرام مرة أخرى.

هل هناك مخاوف من أن يتعرض المشمولين بقانون العفو لعمليات انتقامية؟

لا اعتقد ذلك فالشعب الليبي يتسم بالتسامح والعفو واحترام القوانين ولم تشهد ليبيا الفوضى والاعمال الانتقامية إلا بسيطرة جماعة الاخوان بأجنحتهم العسكرية من القاعدة والمقاتلة على مقاليد الحكم في ليبيا قبل 2014 أما الان وقد بدأت ملامح الدولة تعود بسيطرة الجيش على الاسلحة في اغلب المدن الليبية والقضاء على التشكيلات المسلحة والتي كانت تعمل خارج مؤسسات الشرعية فإن احتمال تنفيذ مثل هذه الاعمال سيكون مستحيل.

لكن هناك بعض المشكلات التي تعيق تطبيق هذا القانون.. أليس كذلك؟

هناك اشكاليات في تطبيق القانون في المناطق الخارجة عن سلطات البرلمان حيث أن من يسيطرون على الغرب الليبي يعتبرون أن البرلمان غير شرعي وأنهم غير ملزمين بتطبيق مواد قانون العفو العام وما يزيد الأمور تعقيدا أن هناك أسرى وليس مساجين في قضايا جنائية وتعمدت لفظ الاسرى لان هذه السجون هي خارج سلطات السلطة القضائية رغم ان هناك محاكمات اقيمت ولكن الحراس على اسوار السجون لا يعيرون أي اهتمام حتى لتنفيذ قانون العقوبات الليبي ولا لقانون الاجراءات الجنائية من حيث مصلحة وملائمه مواده مع المتهم او الأسير بل إن هناك أشخاص حصلوا على أحكام بالبراءة أو الافراج الصحي ومع ذلك لم يتم إخلاء سبيلهم مثل الساعدي القذافي نجل الزعيم الراحل معمر القذافي الذي حصل على حكم براءة وكذلك البغدادي المحمودي آخر رئيس وزراء في النظام السابق الذي صدر قرار بالإفراج الصحي عنه كما أن المسؤول الأمني السابق أبو زيد دوردة لم يتم إخلاء سبيله إلا مؤخرا.

كيف تنظر إلى تبعات هذه الازدواجية في تطبيق قانون العزل السياسي بين المنطقتين الشرقية والغربية؟

المشكلة تكمن في الانقسام السياسي بين شرق البلاد وغربها والذي مكن التشكيلات المسلحة من السيطرة على مفاصل الدولة في المنطقة الغربية وجعلها تمتلك النفوذ لإصدار قرارات تخدم مصالحها وخير مثال على غياب القانون في المنطقة الغربية مجزرة الرويمي عام 2016 حيث تم تصفية 12 سجينًا سياسيًا من بين 19 سجينًا تم الإفراج عنهم من داخل سجن الرويمي بعين زارة بالعاصمة الليبية رغم تبرئتهم من التهم المنسوبة اليهم من قبل محكمة جنايات طرابلس.

ما آثار تطبيق قانون العفو العام في المنطقة الشرقية؟

هناك رموز قيادية من النظام السابق بدأت الدولة تستفيد من خبراتها السياسية والعسكرية في الشرق الليبي والجنوب والغرب ففي محاكم المنطقة الشرقية لا يوجد مساجين يشملهم القانون الذي يهدف في جوهره للم شمل الليبيين ولا اعتقد ان من يعارض القانون بعد التسع سنوات يحمل اي ذرة حب لهذا الوطن

وماذا بشأن سيف الإسلام القذافي المشمول بقانون العفو العام ومازالت المحكمة الجنائية تطالب بتسليمه؟

سيف الإسلام مثل أي مواطن ليبي شمله قانون العفو العام أما بالنسبة لمطالبة المحكمة الجنائية بتسلمه فيجب التذكير بأن ليبيا لم توقع على اتفاقية روما وبالتالي فإن قرارات المحكمة الجنائية الدولية لا تشملها إلا انها استغلت قرار مجلس الأمن رقم 1973 لسنة 2011 وإحالة مجموعة أسماء للمحكمة الجنائية الدولية بينها سيف الإسلام لكن لابد من الإشارة إلى أن سيف الإسلام حوكم في ليبيا وشمله قانون العفو العام وبالتالي فلا يجب أن تقوم المحكمة الجنائية بإعادة النظر في القضية.