تعطلت هذا العام احتفالات أصحاب مهنة المتاعب "الصحافة" بيومهم العالمي لحرية الصحافة الذي يحتفل العالم به في الأول من مايو كل عام، وذلك على خلفية انتشار فيروس كورونا المستجد. ونظراً إلى الظروف التي يمر بها العالم جرّاء تفشي مرض كوفيد-19، قرّرت وزارة الشؤون الخارجية الهولندية، بعد التشاور الوثيق مع اليونسكو، تأجيل المؤتمر الدولي الخاص باليوم العالمي لحرية الصحافة لعام 2020، وذلك حرصاً على سلامة وصحة المشاركين في المؤتمر، وضمان تنظيم المؤتمر بحضور أكبر عدد ممكن من الأطراف المعنية من شتى أنحاء العالم.
فبعدما كان من المقرر أن تعقد اليونسكو ومملكة هولندا المؤتمر السنوي الخاص باليوم العالمي لحرية الصحافة لعام 2020، أيام 22، 23 و 24 أبريل المقبل في المنتدى العالمي في لاهاي، تقرّر تأجيل المؤتمر حتى أيام 18 و19 و20 أكتوبر في المكان ذاته. وعليه، سيجري تنظيم احتفال مشترك لإحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة (الموافق 3 مايو) واليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين (الموافق ٢ نوفمبر).
ويكمن الهدف من قرار تأجيل المؤتمر في المساعي للتقليل من التكاليف التي سيتكبدها المشاركون، فضلاً عن الحد من المخاطر المحدقة بهم، لا سيما بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية مرض كوفيد-١٩ وباءً عالمياً في الحادي عشر من الشهر الجاري.
ولا ننسى أن اليوم العالمي لحرية الصحافة يعدّ فرصة للوقوف إلى جانب وسائل الإعلام الملجومة والمحرومة من حقها بحرية الصحافة ومساندتها. ويعدّ هذا اليوم أيضاً فرصة لإحياء ذكرى أولئك الصحفيين الذين قدموا أرواحهم فداءً لرسالة القلم. ويسهم اليوم العالمي أيضاً في توعية المواطنين بشأن الانتهاكات التي تتعرض لها حرية الصحافة – فلا ننسى أنّ عشرات البلدان حول العالم تُخضع منشوراتها إلى الرقابة وتفرض عليها الغرامات وتجعلها دائماً عرضة للتعليق أو الإغلاق، في حين يتعرض الصحفيون والمحررون والناشرون لشتّى أشكال المضايقات والاعتداءات والاحتجاز وحتى القتل... ونرصد في هذا السياق رأي مجموعة من الصحفيين حول حرية الصحافة.

صحافة موهومة متأثرة بعقدة الخواجة
الصحفي الليبي فتحي بن عيسى - قال إن حرية الصحافة يوم اخترعه من برمجوا أدمغتنا على أنهم العالم الحر، راعي الديمقراطيات والحريات، ونحن العالم المتخلف الذي عليه أن يردد ما يصدرونه لنا دون تمييز، تأثرا بعقدة الخواجة، فتقيماتهم هي القول الفصل، ومعاييرهم لا تقبل النقاش. حرية الصحافة تغيب تماما عندما يتعلق الأمر بهم، وتصبح مصلحتهم وأمنهم أولا، وتحضر هذه الحرية الموهومة عندما يتعلق الأمر بنا فلا خطوط حمراء، ولا قيم.
سيحق لنا أن نحتفل بحرية الصحافة عندما نؤسس لصحافة نابعة من رؤيتنا نحن للحياة ووفق منظومة قيمنا وبما يحافظ على كياننا وهويتنا ووجودنا ومصالحنا.
نظريات الصحافة ومفاهيمها إما ناتجة عن منظومة القيم الرأسمالية أو الشيوعية، وكلاهما لا يعبران عنا.
أحيي في هذا اليوم كل الصحفيين الليبيين والليبيات الذين يعملون في ظروف جد خطرة، حيث لا صوت يعلو على صوت الرصاص.
أما الصحفية فتحية الجديدي.. قالت، إن ممارسة العمل الصحفي له بيئته المناسبة، وفق معايير وشروط المهنة من أجل الوصول لصحافة حقيقية، ومن المفترض أن تكون تلك البيئة حاضنة لهذه المهنة! كي تمارس الصحافة في ظلها دورها الرقابي، على أداء الحكومات والهيئات والمؤسسات بعيدا عن (الغبش) الذي _بكل أسف _ نراه في الإعلام غير المسؤول.
واليوم العالمي لحرية الصحافة الذي جاء بقرار أممي كان محددا بمواد ونصوص ثابتة لها بيئتها ومحيطها الخاص، فهو أيضا ليكشف حجم العنف والانتهاكات التي ارتكبت وترتكب في حق الصحفي، الذي صدق وآمن بمهنته، ولم يكن أمامه مع ذلك من خيار إلا التضحية ليحتفظ بأخلاقيات المهنة، التي تحتم عليه أن يكون محايدا وغير منحاز، وبأنه ليس مشروع صفقة، في بلدان رسمت لنفسها خطوطا للحريات.
ومن ثم فإن مسألة حرية الصحافة تظل مرتبطة، بمستوى تقديم الحقائق بكافة معاييرها، التي باتت منقسمة الآن بين الدقة والمصداقية وحق النفاذ للمعلومة، وبين تحقيق الذات للصحفي، من خلال جملة من الحقوق التي لا تعتبر مجرد حق في لائحة العمل، بل تصل للحق الإنساني أثناء وبعد ممارسته مهنة الصحافة، وهذه المسؤولية لا تقع على عاتق المدافعين عن الصحافة والصحفيين فقط، بل والمدافعين عن الحقيقة أيضا، كي لا يسقط أهم معيار لمهنة المتاعب.
إن الصحافة إذا ابتعدت عن كونها قيمة خدمية مقدمة للناس، وباتت خدمة بمقابل مشبوه وبطرق غير مشروعة، فهي تصبح عندئذ صحافة الضرر، لأنها استبدلت النزاهة والموضوعية، بالمتاجرة بالقيم الإنسانية التي تدعوا للأمان والاستقرار، في وقت نحتاج فيه إلى صحافة وطنية، وليست صحافة مصالح.

حرية الصحافة حلم لكل صحفي
الصحفي... محمد الكيش، قال رغم أن الاعلان العالمي لحقوق الإنسان حدد مواد خاصة بحرية الصحافة والإعلام وتم الإعلان على أكثر من ميثاق شرف مهني في أغلب دول العالم الا ان هناك أكثر من تفسير لهذه الحرية فمن يقول أن الحرية في غياب الاشراف الحكومي والرقابة على الصحف ووسائل الاعلام.. ومنهم من يرى ذلك في حرية الوصول للمعلومات والأخبار ..
وأنا هنا أقول إن حرية الصحافة ستبقى مجرد حلم لكل صحفي .. ولم يعد فرض القيود على الصحافة في العالم الثالث فقط كما يشاع والشواهد كثيرة في كل انحاء العالم في حق الصحفيين وتجاوز الاعتداء اللفظي والجسدي والمادي والتهديد بالقتل بل القتل!
وحرية الصحافة ليست في التعبير عن التطرف والغلو وانتشار خطاب الكراهية وتزيف الحقائق بعيدا عن الموضوعية والنزاهة وعدم التحلي بمعايير المهنة وغياب الحقيقة والحجة .. واستمرار الكذب والتزيف وحرية الراي والراي الاخر لتحقيق اهداف واغراض سياسية وربما شخصية...!
والصحفي الحر هو من يضع خطوط حمراء لنفسة باحترام ادمية الإنسان والدين الإسلامي وكل الديانات السماوية .. وكل المكونات الاجتماعية للمحافظة على النسيج الاجتماعي.
بينما رأى أ. عمار ميلاد نصر.. إن قضية الحرية هي قضية الإنسان على وجه الأرض، منذ أن بدأ يحس ويسمع ويرى، فيجب على الإنسان الإدراك بأن حرية التعبير وما تتعرض له من عوائق لا تكمن فقط في السلطة أو القانون و انما تشمل الضغوطات الاجتماعية والسياسية، لأنها تحول دون تحقيق المرء هدفه من الفكرة التي يحملها، وكما هو معروف أن حرية القول والتعبير حقاً لكل إنسان، بل واجباً على الإنسان في كل ما يمس الأخلاق والمصالح العامة والنظام العام، وبما أن الصحفي أحد أدوات تكمن الحرية التعبير في المجتمع عليه ان يعمل وفق الحريات الآتية:
حرية المعرفة: وهي الحق في الحصول على المعلومات اللازمة حتى نستطيع تنظيم حياتنا والحصول على قدر من المشاركة في الحكم، وهذا الحق أنما هو حق اجتماعي يخص عامة الجماهير.
حرية القول: وهي الحق في نقل المعلومات بحرية وتكوين رأي عام في أي موضوع والمناقشة حوله، وهذا الحق هو ما يقصد به "حرية الصحافة" وهو بدوره حق جمهرة الناس، ولكن تقوم به وسائل الاتصال الجماهيري.
حرية البحث: وهي الحق في اتصال وسائل الاتصال بمصادر المعلومات التي يجب معرفتها ونشرها، وهذا الحق للمجتمع أيضاً، ولكن يقوم به الباحثين الأساسيين في المجتمع، أي وسائل الاتصال، ولعل هذا الحق هو أكثر الموضوعات محلاً للشكوى، إذ بدونه لا تستطيع وسائل الاتصال القيام بمسئولياتها الخاصة بالحرية في المعرفة.
وهذا يعطينا انطباعا واضحاً بأن مسؤولية الصحافة تبدأ من خلال التزامها بالعديد من القواعد والأساس المهنة للصحافة