إثر دخول الحرب في طرابلس شهرها الثاني، أمست الأوضاع الإنسانية للمواطنين في العاصمة الليبية مرشحة للتدهور خاصة في ظل حالة الغموض التي تسم المشهد العام في طرابلس دون حسم عسكري أو اتفاق سياسي.

هذه الوضعية أتت إثر سنوات من الفوضى في ليبيا إثر إسقاط نظام العقيد معمر القذافي حيث عاشت البلاد حالة لا إستقرار سياسي متواصلة، حيث حذّرت الأمم المتحدة من أن عدد النازحين جراء التصعيد العسكري في محيط العاصمة الليبية طرابلس قد لامس الـ40 ألف نسمة وأن الوضع الإنساني هناك في تدهور مستمر.

وأشار ستيفان دوجاريك الناطق باسم الأمم المتحدة إلى أن نحو 39 ألف شخص أجبروا على مغادرة منازلهم بسبب القتال في ضواحي العاصمة، وفقا لإحصاءات منظمة الهجرة الدولية.

وأكد أن الوضع الإنساني في العاصمة الليبية في تدهور مستمر مع تواصل القتال، وخاصة في المناطق الآهلة بالسكان، معربا عن قلق الأمم المتحدة لاستمرار الأنباء عن قصف صاروخي ومدفعي عشوائي على الأحياء السكنية في المدينة.وأشار دوجاريك إلى أن سكان المناطق التي تشهد المواجهات يعانون من انقطاع الكهرباء ونقص المياه والمواد الأساسية كالغذاء والدواء والوقود.وذكّر المتحدث جميع الأطراف بضرورة حماية المدنيين ومنح الموظفين في المجال الإنساني الوصول الفوري وغير المشروط إلى السكان لإغاثتهم.

من جانب آخر، قالت مساعدة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، ماريا دو فالي ريبيرو الشهر الماضي "ينبغي أن نتوقع تدهور" الوضع الإنساني "الخطير" في منطقة طرابلس مع اندلاع المعارك منذ 4 أبريل. وذكرت دو فالي ريبيرو في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، "طالما أنّ هذا الوضع (العسكري) ما يزال مستمرا (...) ينبغي أن نتوقع تدهور" الوضع الإنساني.

وقالت مساعدة مبعوث الأمم المتحدة، المعنية بالأخص بملف المساعدة الإنسانية، "حين نرى استخدام وسائل جوية وقصفاً عشوائياً لمناطق مأهولة بكثافة مثل ما حصل الأسبوع الماضي، فمن الصعب أن نكون متفائلين". وقتل 278 شخصاً على الأقل وأصيب أكثر من 1،330 منذ 4 أبريل بحسب منظمة الصحة العالمية.

في نفس الإطار، أكد الصليب الأحمر أن "انقطاع التيار الكهربائي متواتر في المناطق التي تشهد معارك. والخدمات الأساسية والبنى التحتية مثل المستشفيات ومحطات ضخ المياه، التي تضررت من النزاع خلال السنوات الثماني الماضي، ضعفت قدراتها بشكل أكبر"، في إشارة إلى انعدام الأمن في ليبيا منذ الاطاحة بالزعيم معمر القذافي في 2011.

وطالبت الأمم المتحدة، مساء الشهر الماضي ، بإقامة ممر آمن لإدخال المساعدات الإنسانية إلى العاصمة الليبية، طرابلس، التي تشهد عملية عسكرية واسعة للجيش الوطني الليبي ضد الميليشيات المسلحة.

وقالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ميشيل باشيليت، "إنه تجب إقامة ممر آمن بشكل عاجل داخل طرابلس، لإدخال المساعدات إلى الليبيين، والسماح للمدنيين بمغادرة منطقة الصراع".

وأضافت باشيليت، في بيان لها:"إن تصاعد الهجمات في المناطق السكنية، بما في ذلك استخدام المدفعية، والصواريخ، والغارات الجوية، أمر مقلق للغاية معتبرة أنّ هذا الوضع يحتّم إقامة ممر إنساني".

وقال تشارلي ياكسلي، المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، للصحفيين في جنيف :"في أكثر المناطق تضررًا من الصراع، هناك شعور متزايد باليأس". وأضاف :"هناك نقص في إمدادات المياه، وعادة ما تنقطع الكهرباء، ويواجه الناس مشاكل في الحصول على الغذاء والوقود".

يرى مراقبون أن هذا الوضع الإنساني المتأزم جاء نتيجة لتتالي سنوات الفوضى و غياب نفاذ القانون بالتالي أصبح أمن المواطن في خطر تحت حكم ميليشيات تتقاتل من أجل تحصيل مغانم الحرب.