نشرت "مؤسسة رياح النصر" الإعلامية ،الذراع الإعلامي لتنظيم "جيش تحكيم الدين"،أحد التنظيمات الجهادية الليبية شريطًا مدته 23 دقيقة، كشفت فيه مراحل تنفيذ عملية تفجير "الكتيبة 21 صاعقة" التابعة للقوات الخاصة الليبية في 29 أبريل الماضي 2014 في مدينة بنغازي شرق البلاد.

و تشير مصادر مطلعة لـــ"بوابة افريقيا الاخبارية" أن التنظيم الجديد يضم داخله عشرات العناصر من تونس و الجزائر و من جنسيات دول افريقيا جنوب الصحراء و عناصر أخرى عائدة من سورية و يعتمد في تمويله على اموال منهوبة من مؤسسات الدولة الليبية ابان ثورة 17 فبراير ."

و كانت الجماعة التي تطلق على نفسها "جيش تحكيم الدين"، قد تبنت عبر بيان تناقلته مواقع جهادية، مسؤوليتها عن التفجير الانتحاري الذي استهدف الكيتبة21 صاعقة في بنغازي وقال البيان الذي صدر بتاريخ الأول من مايو الجاري وحصلت "بوابة الوسط" على نسخة منه: "أمتنا الغالية نزف إليك اليوم خبر تأسيس جيش تحكيم الشريعة، وقد تمكن أحد جنوده بفضل الله من استهداف الكتيبة 21 التابعة لمرتدي الصاعقة، وذلك عبر إرسال أحد جنود كتيبة الاستشهاديّين وهو البطل الهمام والشهيد نحسبه عند الله تعالى أخونا أحمد الأنصاري".

وأضاف: "جيش تحكيم الشريعة اختار هذا التوقيت حرصًا منه على أرواح المسلمين".وأكّد البيان أن العملية جاءت إيمانًا من الجماعة بوجوب تحكيم الشريعة وقتال كل من يحكم بالقوانين الوضعية، كما وعدت الجماعة بنشر تفاصيل العملية لاحقًا.وتوعد البيان بالمزيد من العمليات، ووصف القادم بأنه "أدهى وأمر... ما لم تتوبوا إلى الله من شرك القوانين الوضعية".

و يبدأ الشريط (http://bit.ly/1lzeH4K) الذي أصدرته مؤسسة "رياح النصر"،بخطبة للشيخ أبو يحيى الليبي "حسن محمد قايد" أحد قيادات القاعدة في باكستان، ثم الشيخ أبو مصعب الزرقاوي "أحمد فضل الخلايلة" أردني الجنسية، وأحد قيادات القاعدة في العراق، وكلاهما قتل بعد قصف القوات الأميركية لهما، وهما يحثان فيه على قتال المرتدين، ويصفان الديمقراطية بأنها كفر وردة عن الدين،وفق ما نقلت بوابة الوسط الليبية.

ثم يعرض الشريط عمليات تدريب للقاعدة في ليبيا، وعملية صناعة المتفجرات وتفخيخ الشاحنة التي نفذت بها العملية، كما يعرض عملية رصد المعسكر ميدانيًا وعبر تقنية "غوغل".وفى المقطع الأخير يعرض خطبة لمنفذ العملية، وهو شاب ملثم في مقتبل العمر، انطلق فيها بوصف الدين بأنه لا يقوم إلا على الأشلاء والجماجم، وتحدث عن مسوغات العملية فقال: "نبشركم بأن إخوانكم في جيش تحكيم الدين أعدوا العدة وأعلنوها حربًا على المرتدين والطواغيت، حتى تحكم الأرض بشريعة الرحمن".ثم تطرق للحديث عما هو بصدده فقال: "إنني ما أقدمت على هذا العمل إلا طاعة لله ولرسوله، وابتغاء مرضاته، ثأرًا لمن قتل من إخواننا على يد هؤلاء المرتدين".

و ينشط في منطقة الشرق الليبي العديد من المجاميع الجهادية المسلحة من بينها "جماعة أنصار الشريعة" و"مجلس شورى شباب الإسلام" و"الجبهة الإسلامية لقوات المجاهدين درنة" و يجمع بينها مشروع واحد و هو "إقامة دولة إسلامية في المنطقة الشرقية"،كما تعرف مدينة درنة منذ عهد القذافي بحضور جهادي كبير حيث شكلت الى جانب طبرق و بنغازي و الجبل الأخضر المعاقل التاريخية للجماعة الليبية المقاتلة في تسعينات القرن الماضي.

في وقت سابق نشرت مجلة «نيوزويك» الأميركية تحقيق حول مدينة درنة الليبية واصفة إياها بالمصدر الأكبر للــ«جهاديين» لتنظيم القاعدة ،فقد وجد المحققون الأميركيون في مقر لـ «مجلس شورى المجاهدين» بسنجار، شمال العراق، وثائق مكتوبة هي استمارات ملأها المرشحون للقتال في العراق تحت لواء «القاعدة». وأظهر تحليلها أن 19 في المئة من المقاتلين الأجانب جاؤوا من ليبيا. وهذه النسبة تلي مباشرة نسبة القادمين من بعض بلدان الخليج القريبة. وقياساً على عدد سكان البلد الأصلي، تفوق نسبة الليبيين النسب الأخرى بكثير.ومن 112 (والعدد الإجمالي هو 606) مقاتلاً ليبياً، ثمة 52 قدموا من مدينة درنة.

و بحسب العديد من التقارير الإعلامية فقان المدينة تشهد ومنذ سقوط نظام العقيد القذافي نشاطا محموما للعناصر الجهادية الليبية البارزة  التي سبق لها أن نشطت ضمن تنظيم القاعدة في أفغانستان و العراق من بينها سفيان بن قومو ، عضو القاعدة و نزيل سجن جوانتانامو السابق والسائق السابق لأسامة بن لادن، على جزء كبير من المدينة التي يقطنها 90 ألف نسمة،كما ينشط في المنطقة كذلك جهادي آخر مطلوب وهو أحمد بوختالة ، و يتهم بوختالة بارتكاب العديد من الإعمال الإرهابية في درنة ، منها اغتيال عدة مدنيين في الأيام القليلة الماضية، بسبب علاقاته مع الجماعات المتطرفة المحلية.و منها أيضا اغتيال القائد العسكري للثوار في 2011 عبد الفتاح يونس ، والهجوم على البعثة الأمريكية في بنغازي.

ولا يزال تنظيم «القاعدة» مستمراً في تعزيز وجوده في ليبيا أيضاً. هذا ونشرت مكتبة الكونغرس الأمريكي في الآونة الأخيرة، في آب/أغسطس 2012، تقريراً غير سري يشير إلى تزايد أعداد خلايا تنظيم «القاعدة» في ليبيا. كما اعتزم القيادي البارز في تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري فضلاً عن أبو يحيى وعطية الله قبل مقتلهما إنشاء قاعدة للجهاد في ليبيا. ويشير التقرير إلى أن أبو أنس هو "مؤسس شبكة تنظيم «القاعدة» في ليبيا" وأشار إليه على أنه الوسيط بين القيادة العليا لـ تنظيم «القاعدة» في باكستان وقادة الجماعة على الأرض في ليبيا. ويؤكد التقرير أيضاً أن تنظيم «القاعدة» يستخدم اسم "أنصار الشريعة" كواجهة.

فبعد سقوط نظام العقيد الليبي،معمر القذافي،خريف العام 2011 و تهاوي سلطة الدولة المركزية في ليبيا،تعاظمت قوة الجماعات و التشكيلات المسلحة الموازية للدولة بقدر كبير،مما أدى الى مصادمات دامية ،في الآونة الأخيرة ،شهدتها العاصمة طرابلس و عاصمة الشرق الليبي بنغازي،مخلفة العشرات من الضحايا،الأمر الذي دفع الحكومة الليبية إلى التلويح بإمكانية طلب المساعدة الدولية لضبط الأمن و نزع أسلحة التشكيلات المسلحة ،و تكليف شركات أمنية دولية بمراقبة الحدود البرية ومنع تدفق أو خروج الأسلحة التي أصبحت دول الجوار تعاني من تبعات انتشارها في أيدي الجماعات الجهادية الناشطة في منطقة الساحل و الصحراء.

و إلى جانب الانتشار المكثف للجماعات المسلحة ،ذات الانتماء القبلي في ليبيا،توجد جماعات أخرى تتحرك على أرضية دينية،جهادية إسلامية بالأساس،منها من يحمل أفكارا سلفية جهادية كأنصار الشريعة و بعض المجاميع الصغيرة الأخرى من بقايا الجماعة الليبية المقاتلة ،و منها جماعات ذات ميول إسلامية اخوانية كقوات "درع ليبيا" و غيرها.

و كان تقرير أمريكي نشر في "مجلس السياسة الخارجية الأمريكية" في نيسان/أبريل 2013،أشار فيه صاحبه هارون زيلين،المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية بشمال افريقيا ،قد أشار إلى وجود تنظيم جديد تحت اسم  "كتائب السجين الشيخ عمر عبد الرحمن" و قد اعتبرها التقرير "لاعباً آخراً جديداً غير معروف على الساحة وسميت تيمناً باسم الزعيم الروحي لـ "الجماعة الإسلامية المصرية" والذي يقضى حالياً عقوبة بالسجن مدى الحياة في الولايات المتحدة لضلوعه في أحداث الهجوم على "مركز التجارة العالمي" عام 1993، بين مجموعة أخرى من المتآمرين. ولا يعرف الكثير عن قيادة الجماعة أو حتى حجمها، غير أنها كانت مسؤولة عن سلسلة من الهجمات في بنغازي في شهري أيار/مايو وحزيران/يونيو عام 2012، بما فيهم هجومين ضد "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" وهجوم بالقنابل على القنصلية الأمريكية وتنفيذ هجوم على موكب السفير البريطاني."