لم تُفصّل الحكومة الجزائرية في أخر اجتماع لها في قرارها المتعلق بالبدء في استكشاف واستغلال الغاز الصخري في الجزائر  ما خلق جدل كبير في الجزائر والكثير من ردود الأفعال المنتقدة لهذا القرار الذي يكتنفه الغموض كون عمليات استغلال هذا النوع من الطاقة تنطوي على كثير من المخاطر، كما تتطلب تقنيات عالية عجزت عن توفيرها حتى أكبر البلدان المعروفة بهذا الاختصاص على غرار الولايات المتحدة الأمريكية وكندا.

وعاد الجدل مجددا في الجزائر حول مشروع الحكومة استغلال الغاز الصخري أو ما يعرف بغاز السشيت فبعد تمرير المشروع على البرلمان الأمر الذي خلق في 2013 لغط كبير من نواب البرلمان الذين عارضو المشروع جملة وتفصيلا، قررت الحكومة الجزائرية في أخر اجتماع لها مع الرئيس بوتفليقة البدء فعليا في استكشاف هذه الطاقة واستغلالها علما أن احتياطي الجزائر من الغاز الصخري يضاهي احتياطي الولايات المتحدة الأمريكية.

وأطلق الكثير من الخبراء والفاعلين في قطاع الطاقة في الجزائر تحذيرات للحكومة تؤكد أن "استغلال الغاز الصخري بالجزائر قبل 10 سنوات سيكون له مخاطرة كبرى"

 

وفي هذا الصدد قال المستشار الاقتصادي الجزائري ومستشار البنك الدولي الدكتور محمد حميدوش في حوار مع الموقع الجزائري الحدث  أنه "يتوجب أولا معرفة ما تريده الحكومة الجزائرية: هل استغلال الغاز الصخري أم مجرّد استكشافه؟"، مضيفا أن قرار مجلس الوزراء "إستراتيجي" في حالة ما إذا كان القصد منه "الاستكشاف"، لأن ذلك يعني حسبه "ضمان ديمومة المداخيل"، ومع ذلك أعاب على التقنية "كثير من العوائق التقنية خاصة التبعات التي تنجم على الطبقة الجيولوجية بالنسبة للصخور العميقة، وهو ما يطرح مشكلا بيئيا عويصا".

وفي تقدير الخبير حميدوش، فإن "الخطر الأكبر" يكمن في تلويث المياه الجوفية وإحداث تصدّعات قد تكون لها ارتدادات على "التوازن الجيولوجي"، مرجعا جدّية هذه المخاوف إلى "عدم وجود تقنية مقنعة حتى الآن تمنع درء كل هذه الأخطار"، ولذلك وصف المخاوف التي أطلقتها عديد الأوساط بـ"المعقولة" في ظل الظروف الحالية.

ونصح الخبير الدولي الحكومة الجزائرية بالتريث عشرة سنوات أضافية فيما إذا كانت تريد استغلال الغاز الصخري وليس استكشافه فقط حيث يرى أن هذه المدة كفيلة بإعطاء صورة حول التطورات التي ستطرأ على صعيد تقنيات الاستغلال والتنقيب، ويوضح كذلك أن هذه الفترة الزمنية "ستظهر حلول جديدة تسعى إليها الشركات الأمريكية الرائدة في هذا المجال، خاصة أن الجزائر ستعتمد عليها بشكل كبير.."، وبدرجة أقل كل من بريطانيا وكندا.

بالمقابل قال حميدوش، أن البدء في استغلال الغاز الصخري دون مراعاة كل هذه المعطيات سيقضي نهائيا على الزراعة في ولايات الجنوب وينسف خزانا مائيا هائلا عمره أكثر من 5 آلاف سنة"، لافتا من جهة أخرى إلى أنه حتى الآن "تُجهل طبيعة التكنولوجيات التي تستعملها الشركات الأجنبية".

من جهته اعتبر رئيس الحكومة الأسبق، سيد أحمد غزالي، أن عدم شرح الحكومة لخلفيات قرارها المتعلق بمنحها الضوء الأخضر للشروع رسميا في استكشاف واستغلال الغاز الصخري، يشوبه الكثير من الغموض، متسائلا عن عدم إفصاح مجلس الوزراء المنعقد الأربعاء الماضي عن تفاصيل هذا الموضوع الحساس على غرار من هو المستفيد من إطلاق هذا المشروع، وفي إطار أي إستراتيجية وطنية للطاقة، وقال إن عدم توضيح هذه النقاط "يعني أن النظام يعترف إما أنه يخفي أمور كثيرة على المواطنين أو أنه جاهل بحد ذاته لتكنولوجيا الغاز الصخري".

وأوضح سيد أحمد غزالي، اليوم الجمعة، في حوار مع الموقع الإخباري "كل شيء عن الجزائر" الناطق بالفرنسية، بخصوص ما الدافع وراء قرار الحكومة باستغلال الغاز الصخري رغم أنه يتطلب أموالا ضخمة عكس المحروقات التقليدية، أن هناك عدة قراءات لهذا القرار، "كغياب سياسة جادة لدى السلطة في مسألة الطاقة، أو لإخفاء نوع من الكوارث التي قد تكون وقعت في إحدى الحقول النفطية والتي ستمنعنا من دفع مشاريعنا المستقبلية في مجال التصدير".

وشدد رئيس الحكومة الأسبق، على ضرورة تبني وضمان أمن الطاقة الوطنية، وهو ما سيؤدي تدريجيا إلى القضاء على المصادر الطاقوية والنفطية المحدودة، والتي ستزول يوم ما، على غرار المصادر الطبيعية الأخرى كالمناخ والمحيطات وحتى البيئة والذهاب نحو استخدام مصادر الطاقة المتجددة المستدامة والنظيفة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية...).