فشلت الأحزاب السياسية التونسية في تشكيل تحالفات إنتخابية يمكن أن يكون لها تأثيرها الفعلي في نتائج إنتخابات مجلس الشعب ( البرلمان القادم ) وهو ما يشير الى طغيان النزعة الحزبية الضيقة ،وكذلك الى الصراع الزعاماتي في ظل الحزب الواحد ،وهو صراع تسبب خلال الإسابيع الماضية في تصدعات في أغلب الأحزاب ومنها حركة نداء تونس وحركة النهضة والحزب الجمهوري  بسبب رغبة أغلب القيادات في الترشح على رأس قوائم إنتخابية لضمان حظوظ أكبر في الوصول الى مجلس الشعب 

كما أثرت الإستعدادات للإنتخابات الرئاسية ورغبة كل حزب في تقديمه مرشحه الخاص في منع تحقيق تحالفات للإنتخابات البرلمانية ،حيث أن إعلان حركة نداء تونس عن ترشيح الباجي قائد السبسي للإنتخابات الرئاسية كان سببا لتصدع تحالف الإتحاد من أجل تونس بعد أن أكد الحزب الجمهوري عن رغبته في ترشيح زعيمه أحمد نجيب الشابي ،ورغبة حزبي العمل والمسار في ترشيح مصطفى كمال النابلي المحافظ السابق للبنك المركزي للسابق الرئاسي ، كما فشلت الأحزاب الدستورية ذات المرجعية الواحدة في التوصل الى تحقيق تحالف إنتخابي نتيجة رغبة كمال مرجان زعيم حزب المبادرة في الترشح للرئاسيات بينما قررت الحركة الدستورية ترشيح الوزير الأسبق في عهد بن علي عبد الرحيم الزواري للإنتخابات الرئاسية وكذلك سعي الحزب الحر الدستوري لترشيح وزير أسبق أخر وهو منذر الزنادي للتنافس على كرسي الرئاسة 

 

تحالف الجبهة الشعبية

 

ويبقى تحالف الجبهة الشعبية  التحالف الأبرز الذي تشكل في أكتوبر 2012 كإئتلاف سياسي لمواجهة تمدد قوى الإسلام السياسي في ظل حكومة الترويكا الأولى ثم تحول الى تحالف إنتخابي يتكون من 11 حزبا سياسيا وعدد من الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني ،وتقدم ب33 قائمة إنتخابية داخل البلاد وخارجها 

ويرى المراقبون أن الجبهة الشعبية قادرة على إحداث فارق مهم في إنتخابات مجلس الشعب سيكون نوعا من رد الإعتبار لليسار التونسي بعد فشله المربك في إنتخابات المجلس التأسيسي في أكتوبر 2011 ، خصوصا وأن الجبهة تتقدم هذه المرة برصيد مهم من التضحيات التي سجلتها خلال العامين الماضيين وخاصة إغتيال إثنين من أعضاء مجلس أمنائها وهما شكري بلعيد زعيم حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد ومحمد البراهمي مؤسس التيار الشعبي القومي الناصري ،إضافة الى مقتل أحد قادتها الجهويين وهو محمد بالمفتي الذي قتل في مسيرة شعبية بمدينة قفصة ( جنوب غرب ) ، كما يستفيد خطاب الجبهة الشعبية الإنتخابي من فشل تجربة حكم الإسلاميين وإنتشار ظاهرة الإرهاب ومن الأزمة الإقتصادية ومعاناة الطبقات العاملة والمحرومة إضافة الى التعاطف الذي تجده الجبهة لدى نسبة مهمة من نقابات العمال والطلبة 

وبحسب زياد الأخضر الأمين العام لحزب حركة الوطنيين الديمقراطيين فإن الجبهة الشعبية ستصنع مفاجأة مهمة خلال الإنتخابات القادمة نتيجة إتساع شعبيتها وصحة مواقفها ودفاعها عن أهداف الثورة ،وفق تعبيره ،وأنها ستحقق نتائج إيجابية تضعها بين القوى الأكثر تأثيرا في المشهد السياسي خلال المرحلة القادمة

ويجمع جل المراقبين أن من أسرار صمود تحالف الجبهة الشعبية وجود توافق بين مكوناتها حول ترشيح شخصية واحدة للإنتخابات الرئاسية وهو حمة الهمامي زعيم حزب العمال والناطق الرسمي للجبهة  

 

تحالف الإتحاد من أجل تونس

التحالف الثاني هو تحالف الإتحاد من أجل تونس الذي كان قد تأسس في العام 2013 من أحزاب نداء تونس والجمهوري والمسار الديمقراطي الاجتماعي والعمل الوطني الديمقراطي والحزب اليساري ، ثم إنسحب الحزب الجمهوري بعد قراره بترشيح زعيمه أحمد نجيب الشابي للإنتخابات الرئاسية في حين إتجهت بقية مكونات التحالف لترشيح الباجي قائد السبسي ،وفي خطوة لاحقة قررت حركة نداء تونس التقدم للإنتخابات البرلمانية بقوائمها الخاصة ، الأمر الذي أحدث رجة قوية في صلب التحالف ،سرعان ما تم تجاوز مخلفاتها بالإعلان عن تقدم الحزب الإشتراكي اليساري بقوائمه الخاصة وتقدم حزبي المسار والعمل الديمقراطي بقوائم الإتحاد من أجل تونس في 33 دائرة إنتخابية  برئاسة  17 قياديا من حزب المسار الديمقراطي و4 قيادات من حزب العمل الوطني الديمقراطي فيما تترأس مجموعة من المستقلين والمستقيلين عن حزب حركة نداء تونس الـ 12 قائمة انتخابية المتبقية،

ويتكون رؤساء قوائم الإتحاد من أجل تونس من  7 نواب حاليين في المجلس الوطني التأسيسي  من بينهم سمير الطيب الأمين العام لحزب المسار ،ومن وزير أسبق وهو  الحبيب التوهامي وزير الصحة وزير الصحة في عهد الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة ،وكذلك من  9 نساء يرأسن قائمات للتحالف في تونس و 3 في الخارج

ويرى سمير الطيب الامين العام لحزب المسار ان قائمات الاتحاد من اجل تونس تعد من القائمات المميزة في المشهد الانتخابي لسببين هما نسبة التشبيب والحضور النسوي،مضيفا  ان الاتحاد من اجل تونس قادر على الحصول على نسبة محترمة من الاصوات تجعله القوة الثالثة في البلاد، خاصة وان هذا التحالف يمثل في جوهره كل مسار توحيد العائلة الديمقراطية، 

ويتفق حزبا العمل والمسار على ترشيح مصطفى كمال النابلي المحافظ السابق للبنك المركزي التونسي للإنتخابات الرئاسية 

 

تحالف الجبهة الوطنية للإنقاذ 

الى ذلك أكد زعيم حزب الحركة الوطنية والأمين العام لتحالف الجبهة الوطنية للإنقاذ التهامي العبدولي  إن الجبهة ستشارك  في الانتخابات التشريعية بـ 15 دائرة وباقي الدوائر التي لن تشارك فيها ستدعم فيها قائمات الاتحاد من أجل تونس ، وكانت جبهة الإنقاذ تأسست في يوليو 2013 من أحزاب متعددة الإتجاهات وخاصة من مكونات تحالفي الجبهة الشعبية والإتحاد من أجل تونس ،وفي حين إختارات الأحزاب والكيانات الكبرى التقدم للإنتخابات البرلمانية بقوائمها الخاصة ،سعت الأحزاب الصغرى وبعض الشخصيات المستقلة الى التكتل في إطار قوائم تحمل إسم وشهار الإنقاذ الوطني ، ومن هذه الأحزاب حزب الثوابت الذي قال في بيان له أنه و «في اطار عمله على إنجاح العملية الانتخابية والالتزام بكل مقتضياتها في أفق إنقاذ البلاد من المأزق الراهن وعلى قاعدة بناء التيار الوطني الضامن لاستقلال القرار الوطني واستكمال بناء الدولة المدنية الديمقراطية المنفتحة على فضائها العربي خدمة للمصلحة التونسية وتوطيدا لعرى التضامن العربي قرر حزب الثوابت السعي مع شركاء الحزب في الجبهة الوطنية للإنقاذ إلى توسيع دائرة التحالف ما أمكن من اجل رد الاعتبار للعمل السياسي بعد حالة النفور من السياسة جراء تدهور المشهد السياسي والتطاحن الذي بلغ في بعض الأحيان حدود السجال العقيم، ويرى أن التوسع يشترط أن يكون على قاعدة تجاوز كل الإرث السلبي وفي المقدمة عقلية المحاصصة بعيدا عن المصلحة الوطنية»

ويتفق تحالف الجبهة الوطنية للإنقاذ مع تحالف الإتحاد من أجل تونس على ترشيح مصطفى كمال النابلي للسباق الرئاسي 

 

قائمة موحدة 

تسجل الإنتخابات القادمة عودة قوية للأحزاب الدستورية المنبثقة من صلب حزب التجمع الدستوري الديمقراطي ( الحاكم سابقا ) حيث وبالفشل في تمرير قانون العزل السياسي ، عادت وجوه نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي بقوة الى المشهد السياسي عبر عدد من الأحزاب من أبرزها حزب المبادرة الوطنية الدستورية بزعامة كمال مرجان أخر وزير خارجية في عهد بن علي ،وحزب الحركة الدستورية بزعامة حامد القروي الذي تولى منصب وزير أول لمدة 11 عاما في النظام السابق ، إضافة الى وجوه دستورية ترأس قوائم إنتخابية تابعة لحركة نداء تونس بقيادة الباجي قائد السبسي 

ورغم فشل الأحزاب الدستورية في تقديم قوائم موحدة إلا أن حزبي المبادرة والحركة الدستورية إجتمعا على تقديم واحدة بدائرة تونس الأولى برئاسة عباس محسن رئيس بلدية تونس شيخ المدينة خلال عهد بن علي 

وأعلن حزب المبادرة عن ترشيح زعيمه كمال مرجان للإنتخابات الرئاسية مقابل مرشح الحركة الدستورية عبد الرحيم الزواري