مثل اندلاع الأزمة في فبراير من العام 2011 في ليبيا، مجالا خصبا لتيار الاسلام السياسي لمد أذرعه في البلاد ونشر مخططاته، فقد بدأ تنظيم "الإخوان" السرى في الظهور مرة اخرى في العلن مستفيداً من تجارب نُظرائهم بمصر، بعدما شكلوا خلايا في عدة مناطق من البلاد ثم دخلوا عبر بوابة المجلس الوطني الانتقالي، وسيطروا على الحكومة، ووفر لهم جناحهم العسكري "الجماعة المقاتلة"، حماية لظهورهم.

واتجه الإخوان إلى التعويل على الميليشيات المسلحة، لبسط سيطرتهم على البلاد، وهو ما ظهر جليا عقب انتخابات 2014 التي خسروها بالضربة القاضية، ما دفع بهم إلى الانقلاب على النتيجة من خلال الحرب الأهلية المعلنة من قبل مليشيات فجر ليبيا، والتي أدت إلى ترحيل البرلمان إلى مدينة طبرق في شرق البلاد، في الوقت الذي كان فيه الجيش الوطني قد بدأ في حربه الشاملة على الإرهاب انطلاقا من بنغازي.

هذه التطورات والأحداث التي شهدتها ليبيا في العام 2011، كانت مرتبطة بسياق إقليمي كامل سُمّي بـ"الربيع العربي" والذي أحدث تغيرات كبيرة في المنطقة، وقاد إلى تحولات سياسية كبيرة في معظم الدّول العربية وخاصة في تونس ومصر الجارتين لليبيا، سياق كامل بدا أنه قد تميّز أساسًا بصعود صاروخي لتيار الإسلام السياسي الذي لقي دعما من دول أبرزها قطر وتركيا بهدف تمرير أجنداتها ومد نفوذها في المنطقة عموما.لكن هذه المخططات سرعان ما فشلت مع تراجع وانحسار تيار الاسلام السياسي والذي بدأ من مصر التي تعتبر المركز الرئيسي لهذه التيارات.

يمكن القول بأن ظهور الإخوان في ليبيا يعود إلى نهاية الأربعينات، عندما لجأ 3 من إخوان مصر إلى إقليم برقة بعد تورطهم في اغتيال رئيس الوزراء المصري محمد فهمي النقراشي في 28 ديسمبر 1948، وقد وجدوا مأوى لدى الأمير إدريس في ذلك، حيث رفض تسليمهم إلى السلطات المصرية ما أدى إلى توتر العلاقات بين البلدين وإغلاق الحدود بين البلدين.



لكن أول اغتيال سياسي تشهده ليبيا وكان في 1954، أدى إلى إعلان الملك إدريس السنوسي عن حل الجماعة، وملاحقة عناصرها نتيجة شبهة في وجود علاقة بين القاتل وبين قياداتها. تبين للنظام الملكي آنذاك أن للجماعة عقيدة فاسدة تهدف إلى التمكن من مفاصل الدولة الوليدة.وما زاد في محاصرة الإخوان، أن النظام الملكي كان قد قرّر في العام 1952 إلغاء الأحزاب السياسية وحظر نشاطها، ما ضيق الخناق على الجماعة ومنعها من التحرك تحت أي غطاء حزبي.

وبالرغم من حظرها، استمرت جماعة الإخوان الليبية، في نشاطها من خلال طباعة بعض الإصدارات وواصلت نشاطها التنظيمي "المصري – الليبي"، ومثل ما كانت ليبيا ملجأ ومأمناً للإخوان طيلة العشرين سنة (1949م – 1969م)، كانت بيئة سياسية واجتماعية حاضنة، وكانت مركزاً للتواصل وخط دفاع أول في مواجهة ما تعرضت له الحركة وما أصابها في مصر بعد ما اترتكبته هناك من قلاقل وعنف وسفك للدماء.

ومنذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2006 دخل تيار الاسلام السياسي في ليبيا في حوار مع الحكومة الليبية ترعاه مؤسسة القذافي للتنمية برئاسة سيف الإسلام نجل العقيد معمر القذافي وبرعاية ثلاثة أجهزة أمنية ليبية هي الاستخبارات العسكرية والأمن الخارجي والأمن الداخلي.بدأ النظام في إعادة ترتيب علاقته بهذه الجماعات تحت غطاء مشروع "المراجعات" التي كان يستهدف بالأساس الجماعة الليبية المقاتلة وعناصرها القابعة في السجون.

لكن هذه المراجعات سرعان ما اتضح أنها مجرد مناورة استخدمتها الجماعات الإسلامية ، "الإخوان" و"الجماعة الليبية المقاتلة"، لإخراج عناصرها من السجون، فهذه الجماعات سرعان ما عادت إلى السلاح ومحاربة الدولة مع اندلاع أحداث فبراير 2011، لتؤكد أن ما كتب من مراجعات جمعت في كتاب من 600 صفحة لم تكن سوى خداع ومراوغة، ضمن مشروع تآمري لإسقاط الدولة الليبية ونشر الفوضى.



تمكّن تيار الاسلام السياسي من جميع مفاصل البلاد، فمدينة بنغازي ثاني كبرى المدن الليبية والمدينة التي انطلقت منها شرارة الأحداث، كانت قد تحوّلت مع سقوط نظام العقيد معمّر القذّافي إلى ثكنة كبيرة للجماعات الجهاديّة، وساحة دامية لتصفية العسكريين والصحافيين والناشطين الحقوقيين، بينما انتشرت الميلشيات المحسوبة على الإسلاميين في مختلف مدن البلاد تحت مسميات الدروع بغطاء رسمي من المؤتمر الوطني العام الذي تمكّن التيار الإسلامي من السيطرة عليه بفعل قانون العزل السياسي الذي أقرّ تحت قوّة السلاح وحصار الميليشيات لمقر المؤتمر.

وفي غضون ذلك، كانت مصر على موعد مع حدث كبير في 30 حزيران/يونيو، حينما خرج المصريون كإعصار جامح ضد محاولات جماعة الإخوان اختطاف بلادهم وطمس هويتها.ووسرعان ما نجحت الإرادة الشعبية المصرية مع صدور بيان خريطة الطريق 3 يوليو 2013 الذي رسم خطة عملية لمرحلة انتقالية بدأت بإسقاط حكم "الإخوان" من خلال الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي وتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا –آنذاك- عدلي منصور رئيساً مؤقتاً لحين تعديل الدستور وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة يليها انتخابات تشريعية.

شكلت الضربة التي تلقتها جماعة الإخوان في مصر في يونيو 2013، وخروجها من السلطة وتفككها، بداية انهيار مشروع تيار الاسلام السياسي في المنطقة، حيث تعرضت حركة النهضة في تونس في العام 2014 إلى هزيمة انتخابية.



أما ليبيا فقد كانت التطورات فيها أعمق، فعلى الصعيد السياسي خسر الإسلاميون انتخابات العام 2014 بالضربة القاضية، رغم الإمكانات المرصودة لهم إعلاميا وماليا وأمنيا، ما دفع بهم إلى الانقلاب على النتيجة من خلال الحرب الأهلية المعلنة من قبل مليشيات "فجر ليبيا"، والتي أدت إلى ترحيل البرلمان إلى مدينة طبرق في شرق البلاد.

وعلى الصعيد العسكري، فقد كانت ليبيا على موعد مع أول تحرك حقيقى لسد الفراغ الأمنى وإنهاء حالة عدم الاستقرار فى البلاد، حيث أطلق الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر عمليته العسكرية في مايو 2014، والتي كانت بداية الحرب على الارهاب.وخلال السنوات التي أعقبت ذلك نجحت القوات الليبية في تحرير عدة مناطق والقضاء على أبرز معاقل الارهاب في شرق وجنوب ليبيا علاوة على طرد الميليشيات من الهلال النفطي.

ومع دخول البلاد في موجة جديدة من الانقسامات التي طالت لأكثر من عامين، جاء اتفاق الصخيرات الذي مثّل مرحلة أخرى مصحوبة بتطورات كبيرة صلب تيار الاسلام السياسي، فبقدر ما وفّر لهذه الجماعات مساحة للمناورة وجزءا من المشاركة في المشهد بقدر ما فرض عليها اكراهات أخرى لعل أبرزها تثبيت البرلمان كجسم تشريعي شرعي وتثبيته ولو بشكل غير مباشر للجيش الليبي وقائده المشير خليفة حفتر كجزء هام وربّما رئيسي في المعادلة الليبية وهو ما سيزيد الوضع تعقيدا بالنسية لهم مع انتصارات الجيش في بنغازي ودرنة وسيطرته على الهلال النفطي ثمّ تقدّمه في الجنوب نحو آبار النفط الكبرى في البلاد، وبالتالي إحكام سيطرته التامة على العصب الإقتصادي العام.

وزادت هذه التطورات من هشاشة منظومة الجماعات الإسلامية السياسية، التي تراجع نفوذها بشكل كبير، حيث لم يعد لها وجود في المنطقة الشرقية وخاصة بعد تحرير درنة من عصابات القاعدة المدعومة من الإخوان، كما لا يكاد يوجد لها أي صوت في منطقة الجنوب وفي المنطقة الوسطى، وكذلك بالنسبة لقبائل المنطقة الغربية.كما بات وجودهم في العاصمة الليبية طرابلس في اطار ضيق بعد أن اختار عناصر الجماعة المقاتلة الفرار من طرابلس إلى تركيا وقطر فيما تراجع نفوذ المليشيات الموالية للإخوان.

وفي الخامس من يونيو/حزيران 2017، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر بهدف تجفيف منابع تمويل الارهاب، وشكل ذلك ضربة جديدة لتيار الاسلام السياسي كون قطر تمثل الداعم الرئيسي لهذه الجماعات.وسارعت جماعة الإخوان المسلمين الليبية، في بيان لها لدعوة الدول الخليجية المقاطعة إلى مراجعة مواقفها من قطر، وتغليب مصلحة منطقة الخليج معربة عن قلقها الى هذه الازمة التي قالت أنها أدت لما اسمته حصار جوي و بري على جارتهم و قطع العلاقات الدبلوماسية معها.

تحول المشهد في ليبيا وبات مختلفا على ما كان عليه في 2012، فالإفلاس والتذبذب السياسي لدى جماعة الإخوان بسبب عجزهم عن اثبات رؤيتهم السياسية وإصرارهم على البقاء، رغم خسارتهم ليس فقط الصندوق الانتخابي، بل حتى ثقة الناس بهم، بات واضحا للعيان وهو ما يؤشر على نهاية مشروعهم في ليبيا.

فعلى الصعيد السياسي، شهد تنظيم الاخوان حالة من الإضطراب في ظل موجة التبرؤ والانسحابات التي شملت عدد من القيادات الاخوانية، على غرار العضو المؤسس فى حزب العدالة والبناء والعضو بالمجلس الانتقالي السابق عبدالرزاق العرادي، الذي نفى انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، بخلاف ما كان قد أقر به من قبل في مشهد كشف نوعية هذه القيادات وطريقة تدويرها لآرائها وتصريحاتها بما يخدم مصالحها.

كما شهدت الجماعة انسحابات على غرار اعلان رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري في 26 يناير 2019، استقالته المفاجئة من جماعة الإخوان المسلمين، في خطوة أثارت جدلا كبيرا في الأوساط الليبية وأسالت الكثير من الحبر خاصة أنها جاءت بشكل مفاجئ وغير متوقع وألقت اضوء على عمق الأزمة التي يعيشها تنظيم الاخوان.وبرر المشري، استقالته من الجماعة، بأنها لم تتخذ خطوات جادة فيما سماه بـ"المراجعات الفكرية".



وأعادت استقالة المشري الذي يصنّف كأحد الرموز الإخوانية بليبيا فتح ملف الانشقاق داخل جماعة الإخوان، ومدى صدق المنشقين في قراراتهم، حيث يتهمون دائمًا بكونهم جزءًا من لعبة توزيع أدوار تمارسها الجماعة.وكتب عضو مجلس النواب عن مدينة الكفرة، "سعيد امغيب"، عبر حسابه على فيسبوك، مشككًا في صدق الإستقالة، "لا أعتبر هذا الأمر إلا حماقة أخري من حماقات التنظيم المفلس واستخفافًا جديدًا بعقول الليبيين".

وازداد الضغط على جماعة الإخوان، خاصة بعد أن صوّت مجلس النواب الليبي، في مايو/أيار الماضي بـ 70 نائباً على حظر الجماعة واعتبارها جماعة إرهابية، وهي خطوة تمهد لملاحقة أعضاء الجماعة قانونا.وقال الناطق الرسمي باسم مجلس النواب الليبي عبدالله بلحيق في تصريح صحفي لوكالة "سبوتنيك" الروسية، إن "مجلس النواب الليبي صوت على تجريم جماعة الإخوان المسلمين وتصنيفها كجماعة إرهابية".

أما على الصعيد الشعبي، فقد مثل وقوف جماعة الاخوان ضد انتصارات الجيش الليبي، مجالا لكشف النوايا المشبوهة للجماعة ودعمها للتنظيمات الارهابية التي تنشر الفوضى في البلاد.وباتت كل مخططات المجموعات المنتمية إلى الإسلام السياسي في ليبيا وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين مكشوفة لدى الشعب الليبي الذي أدرك أن هذه التنظيمات لا تحاول إلا السيطرة على الحكم وتنفيذ مشروعها التخريبي في المنطقة.

وشهدت المدن الليبية تحركات ضد جماعة الاخوان، كان أبرزها في يناير الماضي، عندما تظاهر عشرات الليبيين بميدان الجزائر، وسط العاصمة الليبية طرابلس، ضد ما وصفوه بسيطرة جماعة الإخوان المسلمين على مفاصل الدولة.ورفع المتظاهرون لافتات ترفض تغلغل "الإخوان" في مؤسسات الدولة، إضافة إلى تحميلهم مسؤولية ما سمّوه بالفتنة والاقتتال في البلاد.وأشار المتجمهرون في شعاراتهم إلى بدء العد التنازلي لحكم "الإخوان" في البلاد.

صباح الخميس 11 أبريل/نيسان 2019، كان تيار الاسلام السياسي على موعد مع ضربة موجعة جديدة تمثلت في سقوط نظام الإخوان في السودان الذي تزعمه عمر البشير على مدار 3 عقود من الزمان، زج خلالها البلاد في حروب أهلية وصنف فيها السودان دولة "راعية للإرهاب وملاذ للمتطرفين" ما كبد اقتصاده معاناة كبيرة أفضت بالشعب إلى الخروج في مظاهرات مطالبة بإسقاط النظام.

 وشكلت السودان أبرز معاقل النفوذ التركي، التي ضاعت في أعقاب سقوط نظام عمر البشير، وهي البلد التي كان أردوغان يراهن عليها كبوابة لحل معضلة المقاتلين الأجانب، ووجد أن سودان البشير يمكن أن يكون مرة أخرى محطة أو مستقراً مؤقتاً للألاف من المقاتلين الجهاديين الأجانب، الذين يمكن أن ييمموا وجوههم شطر الجبهة الليبية التي مازالت مستعرة، خاصة وأن البشير وأردوغان، بخلفيتهما الإخوانية، يملكان هناك عدواً مشتركاً هو المشير خلفية حفتر.



وكانت تقارير استخباراتية غربية، كشفت في عام 2016 أن السودان أصبح البوابة الجديدة لنقل الإرهابيين من العديد من دول العالم إلى تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا، مشيرة إلى أن السودان أصبح يمثل المصدر الرئيسي للإرهابيين الذين ينضمون إلى تنظيم داعش، سواء من السودانيين الذين يعتنقون الأفكار المتطرفة، أو من خلال الهجرة غير الشرعية إلى ليبيا عبر السودان.

سقوط الرئيس السوداني عمر البشير، وتغير الخريطة في ليبيا، بتحرك قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة "حفتر" نحو العاصمة طرابلس ومحاصرتها، من أجل تحريرها من يد المليشيات المسلحة مثل ضربات شديدة لتيار الاسلام السياسي في ليبيا وعرابيه الاقليميين تركيا وقطر اللتين تمثلان الداعم الرئيسي للفوضى في المنطقة.

ويرى الخبراء بأن المشترك بين الأحداث الثلاثة أنها نهاية المحسوبين على المحور التركي-القطري، ويضاف إلى خسائر هذا المحور فشل القوى المحسوبة عليه في إريتريا وإثيوبيا، وكذلك لا ننسى هزائم الرئيس التركي، طيب رجب أردوغان، الذي لم يشفَ بعد من صدمة خسارته في الانتخابات البلدية التركية الأخيرة في المدن الرئيسية في بلاده والتي ستهدد سنوات حكمه الباقية خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالبلاد جراء سياساته العقيمة.

وازدادت عزلة تيار الاسلام السياسي، خاصة مع توجه الادارة الأمريكية الى تصنيف جماعة "الإخوان المسلمين" منظمةً إرهابية أجنبية.واعتبر مراقبون أن القرار نابع من التطورات التي شهدها العالم خلال السنوات الأخيرة وخاصة الحرب ضد الارهاب ومحاولة تجفيف منابعه.حيث تسعى واشنطن لتدعيم علاقاتها مع الدول التي تواجه الارهاب وتأتي في مقدمتها مصر التي تعتبر المتضرر الأبرز من وجود جماعة "الاخوان" والتي سبق أن صنفتها تنظيما ارهابيا علاوة على ليبيا التي تشهد انتشارا كبيرا للتنظيمات الارهابية المدعومة من تيار الاسلام السياسي وبعض الدول الراعية لهذا التيار على غرار تركيا وقطر وايران.

وفي هذا السياق، ربط البعض القرار الأمريكي بتصنبف "الاخوان" منظمة ارهابية، بالمحاولات الأمريكية لتحجيم الدور الايراني المتصاعد في منطقة الشرق الأوسط.خاصة وأن توقيت دراسة ملف إدراج الإخوان على لائحة الإرهاب الأميركية، جاء بعد أقل من شهر على إعلان الولايات المتحدة إدراج الحرس الثوري الإيراني على "لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية.

وقالت واشنطن إنها فرضت عقوبات على أبرز قادة الحرس الثوري وقادة الميليشيات التي يمولها"في بعض البلدان العربية مثل لبنان واليمن والعراق بهدف منع النظام الإيراني من استهداف استقرار الشرق الأوسط.واعتبر مراقبون، أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية سيكون له انعكاس كبير على جماعة الإخوان في عدد من الدول على غرار ليبيا.

وترتبط جماعة الاخوان بعلاقات مع طهران التي تسعى لمد نفوذها في العديد من الدول العربية.وطفت على السطح مؤخرا التحركات الايرانية في ليبيا وذلك في أعقاب حجز سفينة أسلحة في ميناء مصراتة أكدت تقارير اعلامية أنها جاءت بهدف دعم المليشيات الموالية لجماعة الاخوان في حربها ضد الجيش الليبي الذي يشن منذ الرابع من أبريل/نيسان الماضي هجوما لتحرير العاصمة الليبية.

وذكر المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري، أن السيفة الإيرانية مرتبطة بالحرس الثوري، و"متورطة بأعمال مشبوهة".وأشار المسماري إلى رصد رسو السفينة في ميناء مصراتة، وأنها "مدرجة على لائحة العقوبات الأميركية لارتباطها بوزارة الدفاع والحرس الثوري الإيراني، ولديها عمليات غير شرعية في نقل الذخائر والأسلحة والمعدات الحربية".

ومثل وصول دونالد ترامب الى السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية انتكاسة كبيرة لتيار الاسلام السياسي الذي كان يراهن على الدعم الأمريكي للسيطرة على السلطة في عدة دول منها ليبيا.حيث سارع ترامب للتخلى عن سياسة باراك أوباما التي تعاملت مع تيار الاسلام السياسي وعلى رأسه تنظيم الإخوان على أنه حليف ممكن.وبهذا خسر التيار القوة الدولية الأبرز التي كانت تمثل داعما له للوصول الى السلطة.

وبدا أن ادارة ترامب قد عرفت مدى الخطر الذي تواجهه ليبيا في ظل انتشار الجماعات الارهابية المدعومة من تيار الاسلام السياسي.وهو ما دفع الرئيس الأمريكي لاجراء اتصال هاتفي مع القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر الذي أطلق في الرابع من أبريل/نيسان الماضي، عملية "طوفان الكرامة" العسكرية التي تهدف الى تحرير العاصمة الليبية من سطوة المليشيات المسلحة الموالية لتيار الاسلام السياسي.

وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد أجرى اتصالا هاتفيا بالقائد العسكري الليبي خليفة حفتر في 15 أبريل/ نيسان.وذكر بيان البيت الأبيض أن ترامب: "اعترف بدور القائد العسكري حفتر في محاربة الإرهاب وتأمين حقول النفط الليبية، كما ناقش ترامب وحفتر الرؤية المشتركة لتحول ليبيا الى نظام سياسي ديمقراطي مستقر".



ويبدوا أنّ الصعوبات أمام الدور الإقليمي للمحور القطري-التركي-الإخواني تتزايد، وهو ما دفع هذا المحور للمسارعة بإسناد ميليشيات العاصمة الليبية المحاصرة من قبل الجيش الليبي، إلا أنّ المهمة صعبة. فالجيش الوطني الليبي منذ أشهر وهو يقوم بالتقدم في كافة التراب الليبي من الميليشيات، وقد نجح في كل عملياته منذ الصيف الماضي، ولهذا اتجه أخيراً إلى طرابلس. وللجيش شرعيته، من البرلمان، أي الشرعية ذاتها التي يتحجّج بها رئيس حكومة الوفاق.

ويرى مراقبون بأنّ القوى العالمية الرئيسية أصبحت ضد تيار الاسلام السياسي وميليشياته المتطرفة التي تدعمها قطر وتركيا وتحكم طرابلس. فإضافة إلى أمريكا، وروسيا، تؤيد فرنسا الجيش الليبي وبدأت سياسة ايطاليا في التغير لصالح دعم جهود الجيش ومعظم الحكومات العربية؛أعلنت دعمها قيام دولة موحدة في ليبيا، وإنهاء حكم الميليشيات، التي تسببت في الكثير من المآسي في البلاد.

يمكن القول في النهاية أن تيار الاسلام السياسي في ليبيا الذي يعتبر الذراع التخريبي لتركيا وقطر فقد الكثير اقليميا عندما خاب أمله في حكم مصر والتموقع في سوريا، وسقط حليفه في السودان وتراجع في تونس، فيما يواجه محليا اليوم ضربات موجعة من قبل الجيش الوطني الليبي على عتبات طرابلس، وموجة من النفور الشعبي وهو ما يشي وضوح أن التمكّن الذي وصلت اليه هذه الجماعات خلال السنوات الماضية بدأ في التراجع ايذانا بنهايتها.حيث يأمل الليبيون في استعادة وطنهم وبناء مستقبل أفضل بعيدا عن التطرف والعنف والأجندات المشبوهة.