تخشى السلطات التونسية من تأثير الأزمة الليبية على الوضع الأمني والاقتصادي في البلاد، لأن استمرار الحرب بين الجيش الليبي والميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس قد يلقي بظلاله على الوضعين الاقتصادي والأمني الدخليين، حيث باتت هناك خشية من تدهور الأوضاع.

حيث حذرت وزارة الخارجية التونسية من المخاطر التي تهدد ليبيا وكل دول الجوار الليبي ومنطقة البحر الأبيض المتوسط وأوروبا في صورة عدم وقف الحرب الحالية.

أكد وزير الشؤون الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، أن بلاده "تقف على نفس المسافة من مختلف الأطراف الليبية، ولكنها في المقابل لا تبقى على الحياد أمام تواصل الاقتتال داخل هذا البلد"، مؤكدا أنها تعمل على إيجاد حل سلمي بين مختلف الأطراف المتصارعة.

وشدد الجهيناوي، خلال تصريحات صحفية أنه تم الاتصال بمختلف الأطراف الليبية المتنازعة لوقف الاقتتال بالأراضي الليبية موضحا أن عدم اتخاذ تونس لموقف مع أو ضد طرف معين في الصراع الدائر في ليبيا، لا يعني أنها تقف في صف الطرف المخالف، مشيرا إلى أن تونس ليست لها أجندة في ليبيا، وهي تعمل مع مختلف الأطراف الليبية، باستثناء الإرهابيين الذين يجب أن يتم ضربهم ودحرهم.

وأضاف الجهيناوي "نحن نريد لليبيا أن تنعم بالأمن والاستقرار وفي ذلك مصلحة وطنية تونسية، فاستئناف الحياة العادية في ليبيا سيعطي انتعاشه للاقتصاد التونسي".

وفي معبر رأس الجدير الحدودي بين تونس وليبيا، يبدو الوضع عاديا، بالرغم من أن الجانب التونسي رفع حالة التأهب إلى أعلى مستوياتها. وبين البلدين خط حدودي يبلغ طوله نحو 500 كيلومتر، وهو ما يضع تونس أمام تحديات كبيرة في هذا الإطار.

من جانب آخر، عقد مؤخرا الرئيس الباجي قائد السبسي مجموعة لقاءات مع ممثلين عن المجلس الرئاسي الليبي، والمكالمة الهاتفية مع المشير خليفة حفتر، والاتصالات الدبلوماسية مع المبعوث الأممي غسان سلامة، إضافة إلى الزيارة التي يؤديها وفد من الكونغرس الأميركي إلى تونس، تشير كلّها إلى أن تونس تريد اللحاق بالمشهد المتطور باطراد، والحيلولة دون وصوله إلى مرحلة اللاعودة بين الفرقاء.

وتسعى تونس إلى تجنّب سيناريو الحسم العسكري في طرابلس، وتجنيب البلاد ما تعتبره سيناريو الصوملة، مع إعادة الحياة إلى مسار غسان سلامة الذي ترى فيه طوق النجاة الوحيد لليبيا.

إلى جانب أن سيناريو عام 2011 بقى هاجسا للسلطات في تونس، حيث استقبلت البلاد حينها أكثر من مليون لاجئ قدموا من ليبيا، بعد اندلاع الاحداث التي أطاحت بالزعيم الراحل، معمر القذافي.

ظاهريا، فإن تونس تحافظ على ذات المسافة من كافة الفاعلين المحليين والخارجيين في ليبيا، وصحيح أيضا أن غالبية الليبيين يجدون في تونس الفضاء الأنسب للتحاور والتفاوض، ولكنّ الأصح أن هذه المسلكية على وجاهتها ومنطقها أيضا فإنها تجعل من تونس متأثرة وغير مؤثرة ومنفعلة وغير فاعلة، بالنظر إلى حجم التدافع الحاصل على الجغرافيا الليبية.

يرى مراقبون أن وضع تونس لا تحسد عليه حيث أنها مسكونة بالهاجس الأمني خاصة و أن البلاد التاعت في أكثر من مناسبة بنيران الإرهاب حيث وأثبتت دراسة أجراها المركز التونسي للتحول الديمقراطي، مؤسسة تطوعية ضمت عديد الشخصيات الأكاديمية في تونس سنة 2016، أن 80% من الإرهاب الذي استهدف تونس تحصل على السلاح من الغرب الليبي نتيجة للانفلات الأمني وغياب الدولة وعدم وجود سلطة قادرة على استعادة أكثر من مليوني قطعة سلاح انتشرت بين المليشيات المسلحة أثناء العمليات العسكرية ضد العقيد معمر القذافي سنة 2011.