النتائج التي اظهرتها مشاركة الليبيين بالخارج في انتخابات اعضاء مجلس النواب متواضعة الى حد كبير . حيث لم تتجاوز أكبر نسبة للمشاركة في الـ 13 دولة أكثر من 27 % ببعض البلدان الأوروبية بينما كانت في أدنى مستوياتها ببلد عربي مثل مصر، التي تؤوي ما يزيد عن مليون نازح ليبي ومقيم بها

ويشير بيان المفوضية العليا (المستقلة) للانتخابات الليبية الى أن ظاهرة عزوف عن المشاركة بالانتخابات ، ملفتة للانظار ولايمكن مقارنتها بعزوف الناخبين عبر العالم

ففي (22) محطة انتخاب بثلاث عشرة دولة من الليبيين سواء كانوا طلابا ، أو  وموظفين و أبناء الجالية بالخارج ، توجهوا إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم لاختيار مرشحيهم ، حيث تم افتتاح المحطات كافة على تمام الساعة الثامنة صباحاً ، وبحسب التوقيت الخاص بكل دولة ، وتواصلت عملية الاقتراع حتى الساعة الثامنة من مساء يوم الأحد 22 حزيران/يونيو وبلغ إجمالي عدد المقترعين ( 2442) بينهم ( 1743 ) من الرجال و ( 699) من النساء وكان عدد الذين أدرجت أسماءهم كناخبين في منظومة التسجيل بالخارج بلغ ( 10087 ) ناخباً منهم ( 6910) من الرجال و ( 3177) من النساء .

وتدنى رقم المسجلين في عموم ليبيا لانتخابات البرلمان غدا مقارنة بالذين سجلوا للمشاركة في انتخابات المؤتمر الوطني حيث لم يتجاوز العدد 1.3 مليون مواطن .  

ويعطي عزوف الناخبين الليبيين بالخارج عن المشاركة في الانتخابات الحالية مؤشرا عن احتمالات عزوف المواطنين في داخل ليبيا أيضا،  ربما بسبب عدم معرفتهم بحقيقة استقلالية المترشحين وعدم ارتباطهم ((الايديولوجي)) بالأخوان المسلمين أعرق تنظيم سياسي زرعه المدرّسون المصريون الثلاثة في أواخر اربعينيات القرن العشرين الماضي ، الفارّين من تعقب السلطات المصرية لهم لمحاكمتهم بتهمة الضلوع في اغتيال رئيس الوزراء المصري (النقراشي باشا) ورفض ادريس السنوسي أمير برقة  قبل ان يتوج ملكا على ليبيا تسليمهم الى مصر، رغم ضغوط الادارة البريطانية التي تسلمت ليبيا بعد اندحار ايطاليا في الحرب العالمية الثانية .

وتغلغل الاسلاميين في المجلس الانتقالي ، وفي المؤتمر الوطني العام، بعد خداع أكثرهم للناخبين، والتقدم لانتخابات يوليو 2012 على انهم مستقلّين زاد من وثيرة توجّس الناخبين في المترشّحين الحاليين لمجلس النواب خصوصا بتضمين جلّهم لعبارة ((الشريعة مصدر التشريعات)) في برامجهم وبياناتهم الانتخابية المطبوعة ، او المذاعة !!

وزاد من ارتياب الناخبين في مصداقية المترشّجين ما شهدته قاعة ريكسوس "مقر اجتماعات المؤتمر" من تجاذبات ومماحكات ((الإسلام السياسي)) كان هدفها تحقيق مصالح حزبية على حساب المصلحة الوطنية العليا وبينها اصرار الاعضاء الاسلاميين على التمهيد لانتخاب رئيس البلاد المقبل من طرف البرلمان الجديد، ما يمهد لهم الارضية للسيطرة على الرئيس المنتخب منهم .. فيصبح ((رهينة)) قرارهم سواء عند منحه الثقة أو سحبها منه .. وهو الامر الذي تفطّن اليه الكثير من قادة الرأي العام بليبيا ، من الليبراليين والحزبين المتقاطعين مع الاسلام السياسي من خلال التنبيه الى أهمية أن يكون الرئيس المقبل لليبيا منتخب مباشرة من الشعب مصدر السلطات .

ونجاح مخطط اعضاء المؤتمر ذووا الاتجاه الاسلامي في افشال خوض الانتخابات على أساس الكيانات الحزبية وتمرير الترشح الفردي ، وعدم حظر ترشح اعضاء المؤتمر السابقين في الانتخابات البرلمانية ، يرجح ثقتهم في اكتساح الانتخابات وتحقيق فوز المترشحين منهم يعزز سيطرتهم من جديد على السلطة التشريعية بما يضمن لهم بسط نفوذهم على الحكومة المقبلة التي سيكون من صلاحيات البرلمان الجديد اختيارها ومنحها الثقة ، أو اسقاطها .

فنص الاعلان الدستوري الذي التزم به ((حرفيا)) اعضاء المجلس الانتقالي السابق ولم يتقدم أي منهم للترسّح لعضوية ((المؤتمر الوطني العام)) جعل انتخابات 7/7/2012 تمرّ في سلاسة دون ان تدخل الى نفق الطعون . . يجعل تقدم اعضاء المؤتمر الحاليين الى هذه الانتخابات مطعون دستوريا في ترشحهم لمخالفتهم للنص ، على حد التنويه الذي ابداه الدكتور جمعة عتيقة (النائب الاول السابق لرئيس المؤتمر) وهو الامر الذي يرجح  تعطش بعض اعضاء المؤتمر الى الاحتفظ بـ ((بريستيج)) عضويتهم وما متعتهّم به من مرتبات ومزايا، حتى وان كان ذلك بدخول ((منطقة التسلل)) لتحقيق أهداف غير مشروعة !!