تشهد المعارك في العاصمة الليبية طرابلس تطورات متسارعة على الصعيد الميداني تصب في صالح الجيش الوطني الليبي الذي نجح في استرجاع منطقة الأصابعة وكبّد المليشيات والمرتزقة خسائر كبيرة خلال الايام الماضية.فيما سرعت تركيا من عمليات نقل الأسلحة والمرتزقة الى الاراضي الليبية ما أثار تساؤلات حول العملية "ايريني" التي أطلقها الاتحاد الأوروبي لتنفيذ حظر التسليح في ليبيا.
فعلى وقع تصاعد وتيرة الصراع في محاور العاصمة الليبية طرابلس والتقدمات الميدانية للجيش الليبي،سرعت تركيا من عمليات نقل الأسلحة لدعم المليشيات والمرتزقة الموالين لها،حيث أعلن الناطق باسم الجيش الوطني الليبي،اللواء أحمد المسماري، رسو باخرة تركية في ميناء مصراته محملة بـ 22 حاوية سلاح وذخيرة.


وأضاف المسماري لقناة "الحدث"، أن قوات الجيش خاضت اشتباكات ضد التشكيلات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق استمرت لـ 155 ساعة مشيرا إلى أن القوات المسلحة تمكنت من دحر مسلحي الوفاق الذين حاولوا التقدم صوب مطار طرابلس وإرجاعهم لمنطقة الكريمية جنوب العاصمة.ولفت المسماري إلى أن قوات الوفاق تحاول الهروب من الاصابعة إلى غريان والزاوية.
ونجح الجيش الليبي،الاثنين،في استعادة السيطرة على مدينة الأصابعة، جنوبي طرابلس، بعد مواجهات عنيفة مع القوات الموالية لحكومة الوفاق والمدعومة بمرتزقة أردوغان.وأكد المسماري أن الجيش الليبي دخل منطقة الأصابعة بعد ضربات جوية دقيقة على قوات الوفاق المدعومة بالمرتزقة والأتراك، مشيرا إلى أن قوات الوفاق بدأت في الانسحاب من غريان بعد هزيمتها بالأصابعة.
وتقع بلدة الاصابعة في الجبل الغربي 130 كلم جنوب طرابلس، وسيطرت عليها المرتزقة بدعم من المرتزقة الأتراك في 21 مايو/أيار الماضي، بعد إعلان الجيش الليبي إعادة التمركز في بعض المناطق.وتحدثت تقارير اعلامية أن الجيش الليبي استعاد مدينة الأصابعة في عملية خاطفة وطارد الميليشيات والمرتزقة الأتراك إلى حدود غريان جنوب غرب طرابلس التي تعد معقلهم الرئيسي.
ويأتي حديث المسماري عن باخرة الأسلحة التركية بالتزامن مع اعلان موقع "إيتا ميل رادار" العسكري الإيطالي، الإثنين،عن رصده توجه طائرتين عسكريتين تركيتين إلى الأراضي الليبية،وكشف الموقع المتخصص في تتبع مسارات رحلات الطائرات العسكرية، إن الطائرتين من طراز"لوكهيد سي 130 إي"، وهي طائرات للشحن الجوي وتحمل في العادة قوات العمليات الخاصة للقفز بالمظلات أوالهبوط للقيام بأعمال هجومية في عمق الأراضي المعادية.
وتابع الموقع أن إحدى هاتين الطائرتين هبطت في مطار مدينة مصراتة غربي ليبيا، بينما لم يكشف الموقع عن مسار الطائرة الأخرى، لكنه رجح أنها هبطت في طرابلس- لأنها كانت لا تزال في الجو أثناء عملية الرصد.وأكد الموقع، أنه تم تتبع ما لا يقل عن 11 رحلة طيران من إسطنبول إلى مصراتة في آخر 9 أيام.


وقبلها بأيام تتبع الرادار العسكري، 6 رحلات طيران أخرى من إسطنبول إلى مصراتة في الأيام الثلاثة الماضية،ووفق المعلومات التي يواصل موقع الرادار العسكري الإيطالي عرضها يوميًا تتواصل الرحلات التركية بين اسطنبول ومصراتة،لتؤكد إستمرار أنقرة في انتهاكاتها للقرارات الدولية بحظر توريد السلاح إلى ليبيا وتجاوزها لإرادة المجتمع الدولي.
ويلقي استمرار الانتهاكات التركية للأراضي الليبية الضوء على جدوى العملية "ايريني" التي يقول مطلقوها،أن الهدف الرئيسي منها هو تطبيق حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، كما ستعمل العملية وفقا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة،وذلك بهدف وقف تدفق الأسلحة إلى ليبيا والمساهمة في هدنة قابلة للاستمرار.
ودفع تواصل وصول شحنات السلاح التركي الى ليبيا أطراف دولية لتجديد تأكيدها على ضرورة احترام حظر التسليح.وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، كيلي كرافت إنه "يجب على الجهات الخارجية التوقف عن تأجيج الصراع" في ليبيا، وفق تغريدة أعادت نشرها السفارة الأميركية في ليبيا عبر حسابها على موقع "تويتر" الإثنين.
وفي وقت سابق،عبر رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي،خلال مكالمة هاتفية مع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج،عن قلق بلاده حيال استمرار جهات خارجية في إرسال أسلحة إلى ليبيا، معتبرا ذلك تصعيدا يساهم في تأجيج النزاع ويطيل معاناة الشعب الليبي، ويشكل خطرا على جيران ليبيا وعلى الأمن الأوروبي.
وأكد كونتي على ضرورة العودة إلى المسار السياسي وفقا لقرارات مجلس الأمن ومخرجات مؤتمر برلين، لافتا إلى أن تقرير مستقبل ليبيا يجب أن يكون بيد الليبيين وحدهم وليس بأياد خارجية.وحول عملية "ايريني"، أفاد كونتي بأنها "غير منحازة وملتزمة بمهامها بحياد كامل".كما دعا رئيس الوزراء الإيطالي إلى الإسراع في تعيين مبعوث جديد للأمم المتحدة في ليبيا خلفا للأميركية ستيفاني وليامز.
ويبدو ان تقدمات الجيش الليبي الأخيرة وضرباته القوية عمقت مخاوف النظام التركي الذي استنفر مجددا لدعم حلفائه ليس فقط بالسلاح بل أيضا بمزيد من المرتزقة والارهابيين حيث أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان،عن إرسال تركيا دفعة جديدة من مرتزقة أردوغان إلى ليبيا قوامها 400 مرتزق للمشاركة في المعارك الدائرة في ليبيا.


ومع الدفعة الجديدة ترتفع أعداد المسلحين الذين وصلوا إلى الأراضي الليبية حتى اليوم الاثنين، إلى 11 ألف و600 مرتزق من الجنسية السورية، في حين بلغ عدد العناصر  التي وصلت المعسكرات التركية لتلقي التدريب نحو 2500، بحسب المرصد.وأشار المرصد إلى توثيق مقتل 12 مسلحا سوريا خلال المعارك إلى جانب قوات السراج، ليرتفع حصيلة قتلى الفصائل الموالية لتركيا نحو 351 مسلحا بينهم 20 طفلا دون سن الـ 18، كما أن من ضمن القتلى قادة مجموعات في تلك الفصائل.
وتعرض مرتزقة أردوغان لخسائر فادحة مع سقوط أبرز قياداتهم على غرار السوري المدعو فرزات علي الفيزو، المكنى "أبو علي"،وهو أحد أبرز عناصر نخبة ما يعرف لـ"لواء الحمزات"،والذي قتل في محور عين زارة خلال المواجهات ضد القوات المسلحة العربية الليبية، بطرابلس مساء أمس الأول السبت،بالاضافة الى مقتل محمد هنداوي قائد ما يُعرف بـ"الفيلق الثاني"، وهو أحد عناصر المرتزقة الموالين لتركيا في ليبيا.
وقبل ذلك قتل أبوالكنج جاسم، وهو قيادي ميداني بارز في لواء سلطان سليمان شاه الموالي لتركيا أثناء اشتباكات الجيش الليبي مع الإرهابيين في محور كازيرما جنوبي طرابلس.كما نجح الجيش الوطني الليبي في ألقاء القبض على الإرهابي السوري  محمد الرويضاني (البويضاني) المكنى ابوبكر الرويضاني وهو أحد أخطر عناصر داعش الذين انتقلوا من سوريا إلى ليبيا.
وتسعى تركيا للتسريع في تحركاتها بهدف تحقيق أطماعها في نهب الثروات الليبية.وكان نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، وفي لهجة تصعيدية جديدة تستعجل الحصول على مكاسب النفط الليبي، شدّد على أنّ تركيا لن تسمح بغموض جديد في الحوض الشرقي للبحر المتوسط، وأنها تقوم بدورها بناء على طلب من الحكومة الليبية، بحسب موقع "أحوال" التركي.
كما أعلن وزير الطاقة التركي، فاتح دونماز، عن نية بلاده بدء عمليات التنقيب عن النفط داخل الحدود البحرية، التي تم تحديدها بموجب اتفاق غير مُعترف به دولياً مع حكومة الوفاق الليبية، في غضون ثلاثة إلى أربعة أشهر، مشيراً إلى أنّ سفينة التنقيب الجديدة "كانوني" ستبحر في البحر المتوسط للقيام بأول مهمة لها هذا العام.