حصلت المرأة الليبية على حصة وزارية في حكومة الوحدة الوطنية، التي يقودها عبد الحميد الدبيبة، هي الأعلى في تاريخ الحكومات في البلاد، بتخصيص أربع حقائب، مع اسم نسائي واحد بين وزراء الدولة الستة الذين اختارهم الدبيبة في تشكيلته، وهو ما يمثل 14 في المئة فقط من إجمالي عدد الوزراء.

واعتبرت الأوساط الليبية اختيار خمس نساء بين أعضاء حكومة الوحدة الوطنية الجديدة، خطوة واعدة تحتاج إلى البناء عليها من أجل ضمان النهوض بحقوق المرأة في بلد أنهكته الحرب.

وقالت لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة إنها "خطوة كبيرة للنهوض بحقوق المرأة"فيما اعتبر السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نولاند أنها "لحظة تاريخية للمرأة الليبية".

وذهبت حقيبة الخارجية إلى نجلاء المنقوش، وهي المحامية والناشطة من بنغازي. وكانت المنقوش تقلّدت منصبا في المجلس الوطني الانتقالي (السلطة السياسية الرسمية للثورة الليبية عام 2011)، ونالت قبل سنوات شهادة في "إدارة الصراع والسلام"من الولايات المتحدة.

أما مبروكة طوفي عثمان توكي، الأكاديمية من جنوب ليبيا، فحاصلة على شهادة في الفيزياء النووية، وستشرف على وزارة الثقافة.

وعينت المحامية حليمة إبراهيم عبدالرحمن وزيرة للعدل، وهي تتحدّر من مدينة غريان في غرب البلاد. كما نصبت وفاء الكيلاني وزيرة للشؤون الاجتماعية وحورية خليفة ميلود الطرمال وزيرة دولة لشؤون المرأة.

وضجّت شبكات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية بالحديث عن النساء المشاركات في حكومة الدبيبة، حيث وصف اختيار النساء في الحكومة بأنه "خطوة كبيرة"و"قفزة للمجتمع و"بداية واعدة"لاسيما أن بعضهن تم تعيينهن في وزارات مهمة.

وسبق أنتعهد رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، عبد الحميد دبيبة، بـ "وجود حقيقي وفعال" وليس "كمجرد رقم" للمرأة الليبية في تشكيلته لحكومة الجديدة.

ويأتي تعهد دبيبة خلال لقائه، يوم  27 فبراير 2021، مع عضوات ملتقى الحوار السياسي. وكان دبيبة قد أكد سابقا على أن "المجتمع الذكوري في ليبيا كان محتشما في تقديم المرأة لنا كمرشحات للحكومة".

وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قد استعرضت تعهدات خطية وقعها المرشحون للمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة، شملت الالتزام بتمثيل النساء في المناصب الحكومية بنسبة لا تقل عن 30%، وقال دبيبة في هذا السياق: "قد نمكن المرأة بنسبة قد تكون أكثر أو أقل.. لن نلتزم في هذه المرة".

من جانبه، قال المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، يان كوبيش، في المناسبة ذاتها "تظل الأمم المتحدة ملتزمة بدعم تمكين المرأة الليبية، من خلال المشاركة العادلة في جميع مستويات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كعامل أساسي ومحفز نحو السلام المستدام والوحدة والأمن والازدهار"، مشيداً بـ"عمل المرأة الليبية جاهدة كل عام على مواجهة العقبات المستمرة التي تعترض المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة والفتاة".

من ناحية أخرى،عبّرت ردود فعل أخرى عن امتعاض، لاسيما بين الناشطات اللواتي ناضلن لسنوات من أجل تمثيل أفضل للمرأة الليبية في السياسة وفي المجتمع.

وعبرت رئيسة جمعية "معها"لحقوق المرأة غالية ساسي عن أسفها إزاء خيارات السلطة التنفيذية الجديدة، مشيرة إلى أنه لا يزال هناك "طريق طويل لنقطعه"

وقالت "نحن فخورون بتعيين نساء ليبيات في مناصب سيادية في الحكومة الجديدة، لكننا أيضا غير سعداء لفشل رئيس الوزراء في الالتزام بتعهده بمنح 30 في المئة من المناصب للنساء في حكومته".

في ذات الصدد،قالت الكاتبة هاله المصراتي، إن "حضور المرأة ووجودها ضمن أي مشروع يدفع نحو الاستقرار يعني الكثير، متى كانت الشخصية متفق عليها في الداخل قبل الخارج".

وأعربت المصراتي في حديثها لـ"سبوتنيك"، عن أملها في "تعزيز دور المرأة بشكل أكبر، مطالبة بتسليط الضوء على النساء اللواتي لديهن خبرة أكبر وأقدر، خاصة أن بعضهن مهجرات وبعضهن لا زلن يتعرضن للمطاردة، إضافة إلى استبعاد الكثيرات رغم أنهن يحملن شهادات من جامعات دولية، وكانت لهن صولات وجولات في عدة مجالات منها القانون والسياسة".

وتشهد ليبيا الغارقة في الفوضى والنزاعات منذ 2011، انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان تستهدف في جزء منها النساء، وتعد واقعة اغتيال المحامية الليبية والناشطة في مجال حقوق الإنسان حنان البرعصي برصاص مسلحين في بنغازي "لأسباب سياسية"الحالة الأكثر "مأساوية"وفقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش.

وينظر الليبيون الذين احتفوا بتولي 5 نساء مناصب وزارية، بأمل كبير إلى هذه الحكومة الجديدة وتفاؤل بحدوث انفراج حقيقي يساعد البلاد في الخروج من الصراع والفوضى، وتحقيق مصالحة بين الأطراف الفاعلة والمتنازعة تمهد لبدء مرحلة جديدة في ليبيا.