كشف تقرير تركي، عن تزايد أعداد قتلى المرتزقة السوريين في معارك ليبيا إلى نحو 165، وذلك على خلفية مقتل وجرح دفعات جديدة منهم في معارك ليبيا، وقال التقرير الذي نشرته صحيفة ''أفال" المعارضة، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 9 مقاتلين من الفصائل الموالية لتركيا خلال اشتباكات مع قوات الجيش الوطني الليبي على محاور متفرقة من الأراضي الليبية، كما قتل بعضهم على يد مجموعات سلفية موالية لحكومة الوفاق المؤقتة، فيما بات هؤلاء المُقاتلين اليوم يخشون بشدّة من الجيش الوطني الليبي والأهالي الموالين له هناك.

وينتمي القتلى لفصائل لواء المعتصم وفرقة السلطان مراد ولواء صقور الشمال والحمزات وسليمان شاه، ووفقاً لمصادر المرصد فإن هؤلاء قتلوا خلال الاشتباكات على محاور حي صلاح الدين جنوب طرابلس، ومحور الرملة قرب مطار طرابلس ومحور مشروع الهضبة، بالإضافة لمعارك مصراتة ومناطق أخرى في ليبيا. على صعيد متصل يتواصل الاستياء بشكل واسع لدى المقاتلين السوريين الذين ذهبوا إلى ليبيا بسبب تخلف تركيا عن الإيفاء بوعودها من دفع رواتبهم المقدرة بـ 2000 دولار أميركي شهرياً، فضلاً عن الواقع المزري لهم في ليبيا.

وتصاعد الاستياء في صفوف هؤلاء المرتزقة، وخاصة بعد أن بدأت تتكشف حقيقة الوعود التركية الزائفة، وبات عدد كبير منهم يرغبون بالعودة إلى سورية أحياء ولا يرغبون أن يعودوا بالتوابيت، فيما تُدفن غالبية الجثث في عفرين وليس في مناطقهم.

وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، إنّ المُقاتلين السوريين وقعوا في مستنقع الحرب في ليبيا التي لا ناقة لهم فيها أو جمل، وأضاف "توقعنا أن يكون هناك تمرد واستياء من قبل السوريين الذين تم زجهم في الحرب بليبيا وغرر بهم من قبل قادتهم الموالين لتركيا مثل فيلق الشام الإسلامي الذي يعتبر الجناح العسكري لجماعة الإخوان المسلمين والقادة الذين يعملون مع المخابرات التركية".

وكان المرصد السوري نشر قبل أيام، أن الجانب التركي عمد إلى تخفيض رواتب المقاتلين السوريين الذين جرى تجنيدهم وإرسالهم للقتال في ليبيا وذلك بعد أن فاق تعداد المجندين الحد الذي وضعته تركيا وهو 6000 مقاتل. ويواصل المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يحظى بمصداقية دولية وحقوقية عالية، مواكبة ورصد ومتابعة عملية نقل المقاتلين التي تقوم بها تركيا من الأراضي السورية إلى داخل الأراضي الليبية.

ووفقاً لتسجيل صوتي لأحد المقاتلين هناك حصل عليه المرصد، تحدث عن ندم الجميع من القدوم إلى ليبيا وبأنهم تورطوا بذلك، داعين الراغبين بالذهاب إلى ليبيا بأن يتراجعوا عن قرارهم لأن الوضع ليس جيد إطلاقاً، فالأتراك تخلفوا عن دفع مستحقات المقاتلين. وأضاف المقاتل "تركيا دفعت راتب شهر واحد فقط ثم لم تقدم لنا أي شيء، نقيم في المنزل وحتى السجائر لا نحصل عليها في غالب الأوقات، لا نستطيع الخروج من المنزل لأن المنطقة ممتلئة بخلايا تابعة لقوات حفتر". ويؤكد المقاتل "جميعاً يريد العودة إلى سورية وهناك دفعات تتحضر بالعودة عبر فيلق الشام".

وتُرجّح التقارير الميدانية أن تشتد وتيرة المعارك بين الفرقاء الليبيين خلال الأيام القليلة القادمة رغم أزمة فيروس كورونا، بالنظر إلى أن الدعم العسكري التركي لحكومة السراج، لم يمنع من حدوث تصدّعات كبيرة في أركان هذه الحكومة، التي بدأ نفوذها ينحسر بشكل متسارع بعد أن فقدت السيطرة على أبرز المناطق الاستراتيجية في ليبيا. 

وفي سياق الكشف عن استمرار تركيا في خرق قرارات الأمم المتّحدة، ومقررات مؤتمر برلين، نشرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) تقريراً أشارت فيه إلى أنّ السلطات التركية تواصل إرسال شحنات الأسلحة سرّاً إلى ليبيا. وذكرت القناة البريطانية في تقريرها أنّه في الرابع والعشرين من يناير بعد الساعة السادسة صباحاً، أبحرت سفينة تسمى بانا من ميناء مرسين التركي، وكانت وجهتها المعلنة ميناء قابس التونسي، ولكن على بعد 400 كيلومتر قبالة سواحل ليبيا، تم إيقاف جهاز الإرسال والاستقبال في السفينة واختفت من على شاشات الرادار. وتساءلت البي بي سي: أين ذهبت؟ ماذا كانت تحمل؟ ولماذا يهم هذا الأمر؟

وبحسب الإذاعة البريطانية، تقدم صور التقطت في الثامن والعشرين من يناير مفتاحاً لحل اللغز. وأنّه إلى الشمال الشرقي من طرابلس، التقط قمر صناعي ثلاث نقاط صغيرة، غير مرئية تقريباً في عرض البحر المتوسط. توجد في المنتصف سفينة تتطابق أبعادها ومخطط ألوانها تماماً مع أبعاد السفينة بانا. وتساءلت البي بي سي عن السفن الأخرى، قائلة إنّ هذه الصورة المنشورة من طرابلس في التاسع والعشرين من يناير تعطي مفتاحاً ثانياً لحل اللغز. تُظهر الصورة أن السفينة بانا كانت برفقة فرقاطة حربية من فئة جي. والبحرية الوحيدة التي تستخدم مثل هذه الفرقاطات هي البحرية التركية.

وأضافت في تقريرها أنّ الصورة تُكمل صور الأقمار الصناعية الأوضح التي تم التقاطها في نفس اليوم. وأنّ صور الأقمار الصناعية تُظهر رسو السفينة بانا في ميناء طرابلس. كما تتساءل عن الشحنة التي كانت تحميها البحرية التركية؟ ولفتت أنّ الفيديو المنشور على تويتر في الثلاثين من يناير يقدم الإجابة. وجرى تصوير الفيديو داخل السفينة بانا فيما يبدو ويُظهر مجموعة من الأسلحة بما في ذلك هذه العربات القتالية المدرعة والمدافع ومدافع هاوتزر ذاتية الدفع والمدافع المضادة للطائرات. ونوّهت هيئة الإذاعة البريطانية في تقريرها كذلك أنّه لا يوجد أي شيء في هذا الفيديو يقول لنا اسم السفينة التي ننظر إليها. لكن برنامج عين أفريقيا حصل على هذه الصور الحصرية التي تم التقاطها على متن هذه السفينة نفسها في نفس الموقع، وقال "نعلم أنها السفينة نفسها لأن تشكيل المركبات المعروضة هنا يتطابق تماماً مع ما يظهر في الفيديو. وتؤكد واحدة من هذه الصور أن هذه هي بالفعل السفينة بانا."

وقد تم التقاط هذه الصورة من الجسر. في الخارج، نرى واحدة من الفرقاطات البحرية من الفئة جي التي رافقت السفينة بانا في البحر المتوسط. ويمكننا أن نرى أيضاً تطابق النوافذ والسور تماماً مع تلك الموجودة في السفينة بانا. وبحسب التقرير، بعد ثلاثة أيام من مغادرتها طرابلس، وصلت السفينة بانا إلى ميناء جنوة الإيطالي حيث أبلغ أحد أفراد الطاقم الشرطة أن السفينة قد تم استخدامها لحمل السلاح. وأكدت هذا الادعاء صور التقطتها السلطات الإيطالية على متن السفينة. وأظهرت إحدى الصور نمطاً فريداً من الضرر الذي لحق بمخرج السفينة. وتتطابق بصمة علامات تماماً مع الفيديو الذي تم تصويره عندما كانت الأسلحة لا تزال على متنها. وأضاف خمسة من البحارة الذين قابلتهم السلطات الإيطالية تفاصيل لما نعرفه من الأدلة المرئية. وقال أحدهم للشرطة "ذهبنا إلى مرسين لتحميل الأسلحة. سمعت صوت العربات ورصدت العربات بينما كانت تُنقل على متن السفينة". وقال آخر للسلطات إن الأسلحة تضم دبابات وسيارات جيب تحمل مدافع مضادة للدبابات ومتفجرات. وقال إنها كانت تحت حراسة 10 جنود أتراك. وأكّدت البي بي سي أنّها عرضت هذه المزاعم على الحكومة التركية التي امتنعت عن التعقيب.

وتصاعدت أصوات الأتراك في وسائل التواصل الاجتماعي لإعادة الجنود من سوريا وليبيا بشكل خاص، إلا أن معلومات المرصد السوري لحقوق الإنسان أكدت تواصل توافد الجنود الأتراك نحو الأراضي السورية في محافظة إدلب وما حولها، حتى تجاوز عددهم الـ 10250 جندي، وارتفع عدد الشاحنات والآليات العسكرية التي وصلت منطقة خفض التصعيد منذ فبراير لأكثر من 5685 شاحنة وآلية عسكرية، في ظل تساؤلات حول الغاية من استمرار هذه الحشود العسكرية التركية، بدلاً من توجيهها نحو الداخل للمساعدة في مواجهة أزمة فيروس كورونا، وذلك على غرار ما يقوم به اليوم الجيشان الأميركي والفرنسي من تقديم المساعدة للسلطات الصحية والأمنية في بلادهم.

ويعيش العالم اليوم تحت رحمة فيروس كورونا المستجد الذي شلّ التجارة العالمية وأجبر نصف سكان العالم على ملازمة منازلهم، ويبدو هذا الوباء قادرا على إعادة هيكلة العلاقات الدولية وحتى تهديد حكومات. وحذّر خبراء في جامعة هارفارد من أنّ الأرقام الحالية تُشير إلى أنّ تركيا تسير على خُطى إيطاليا في سرعة انتشار فيروس كورونا، خاصة وأن الكثير من الأشخاص غير مُدركين بعد لخطر تسونامي الفيروس الذي ينتظرهم فيما لو لم يتم اتخاذ المزيد من الإجراءات المُشدّدة. وهذا ما أكده أيضا البروفيسور مايكل تانشوم، زميل في المعهد النمساوي للسياسة الأوروبية والأمنية في فيينا، من أنّ مُعدّل زيادة عدد حالات الإصابة في تركيا مثير للقلق، وقال "ستحدد الأيام القليلة المقبلة ما إذا كانت تركيا تتبع النمط الأوروبي الغربي".