اعتبرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أن واقع الحريات الصحفية في تونس اليوم يعكس "منعرجا خطيرا" تعيشه الصحافة، "خاصة مع مواصلة نفس سياسة القمع والتضييق"، بالإضافة إلى ما سجلته من تراجع على جميع المستويات، وفق تقرير أصدرته النقابة اليوم الجمعة.   

 ولاحظت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، في تقريرها الصادر بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، أن هذا التراجع "ساهمت فيه الهجمة الممنهجة من قبل السلطة السياسية، وسلسلة محاكمات الرأي التي طالت صحفيات وصحفيين، والتشريعات المعادية للحريات وحرية الصحافة بصفة خاصة، وسياسات الفترة الاستثنائية التي جعلت النقابة تدق ناقوس الخطر أمام ما يتهدد أهم مكسب للثورة التونسية وهو حرية التعبير والصحافة" .   

   وأضافت أن "جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد لكل السلطات في يده هي سابقة تاريخية تنذر بالتراجع عن التوجه الديمقراطي الذي اختارته تونس بعد الثورة"، مشيرة الى أن "أغلب الانتهاكات التي تم تسجيلها طيلة السنة ترتبط ارتباطات وثيقا بالإجراءات الاستثنائية التي أعلنها رئيس الجمهورية في 25 جويلية 2021 ، والتي جمع بمقتضاها جميع السلطات"، وفق ما جاء نص التقرير.    

   واعتبرت النقابة أن السياسات الحكومية والممارسات اليومية "تسير على النحو الذي تم رسمه لتجسيد الانغلاق أمام الصحافة والتعتيم على المعلومة، وممارسة البروبغاندا عن طريق وسائل الإعلام العمومية التي أعادتها السلطة الى بيت الطاعة"، مؤكدة أن السياسة الإتصالية التي وصفتها ب "المنغلقة" لا تعترف بحق المواطن في معرفة ما يجري في بلاده".  

   وبينت أن "هذا الانغلاق والانتهاك يتجلى عبر التمسك بالمنشور عدد 19 الذي ضرب حق النفاذ إلى المعلومة، ومنع مؤسسات الدولة من تطبيق قانون حق النفاذ إلى المعلومة وخرق ابسط المبادئ الدستورية".    

   وأوردت أن الفترة الماضية اتسمت بسلسلة محاكمات الرأي، بمقتضى المرسوم 54 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 والمتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، والتي اعتبرت أنها "طالت الصحفيين في أغلبها بتعليمات مباشرة من السلطة التنفيذية" وهو ما يعد وفق تقديرها "أخطر ما تم تسجيله هذه السنة باعتبار عودة العقوبات السجنية في قضايا الرأي" .   

   كما انتقدت، الاعتداءات على الصحفيين أثناء تغطيتهم للتظاهرات الميدانية، وسط حالة خطيرة من الإفلات من العقاب بالنسبة الى المعتدين، وعودة الممارسات البوليسية عبر التضييق على عمل الصحفيين الميدانيين والمنع من العمل وطلب التراخيص في غير الأمكنة التي تتطلب ذلك وفق القانون، بالإضافة الى عمليات التنصت العشوائي على الاتصالات الهاتفية رغم ما يضمنه الدستور والقانون من حق في سرية الاتصالات.   

   من جهة أخرى، تطرقت النقابة في تقريرها إلى "حملات التشويه والتخويف والتهديد بالقتل" التي يتعرض لها الصحفيون من قبل من وصفتهم ب "الميليشيات الإلكترونية" التابعة لجهات سياسية "محسوبة على رئيس الدولة، وأخرى محسوبة على معارضيه على شبكات التواصل الاجتماعي، دون أي رادع وفي إفلات تام من العقاب".    

   وأكدت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أن "تباطؤ السلط المسؤولة طيلة العشرية الماضية، وتراخي الأجهزة الرقابية في التصدي إلى تغلغل المال السياسي الفاسد في وسائل الإعلام أدى إلى تركيز مشهد إعلامي مشوه تغلب عليه الرداءة ونشر التفاهة، بالإضافة إلى إرادة واضحة لتركيع مهنة الصحافة وتفقيرها ماديا ومعنويا وتسخيرها لخدمة أجندات سياسية"، وفق نص التقرير.