يواصل الجيش الليبي تكثيف العمليات العسكرية على تخوم العاصمة الليبية بغية الإسراع في دخولها لتحريرها من المليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية المسيطرة عليها منذ سنوات مستغلة الفوضي العارمة والانفلات الامني. ويبدو أن الأمور في هذه الجبهة باتت تتجه جديا نحو الحسم في ظل تقدم القوات المسلحة الليبية على الأرض والحديث عن اقتراب تحقيق أهدافها.

وفي تطور جديد،بدأ الجيش الوطني الليبي، اليوم السبت، عملية الزحف في محور طريق المطار في العاصمة طرابلس، وذلك بحسب مصادر عسكرية.ونقلت قناة "العربية" عن مصدر عسكري قوله إن "القوات دمرت 3 آليات للميليشيات وأجبرتها على التراجع، فيما تجري حاليا عملية إزالة السواتر الترابية التي أقامتها التشكيلات التابعة لحكومة الوفاق.

أعلنت شعبة الإعلام الحربي أن قوات الجيش تتقدم وتحكم السيطرة على مواقع وتمركزات لقوات الوفاق بالعاصمة طرابلس بعد تكبيدها خسائر في الأرواح والعتاد.ويخوض الجيش منذ الرابع من شهر أبريل الماضي اشتباكات مسلحة مع التشكيلات المسلحة المسيطرة على العاصمة طرابلس والتي أدت إلى سقوط 607 قتلى، بينهم 40 مدنياً، و3261 جريحًا، من بينهم 117 مدنياً.

وشهدت العاصمة طرابلس أمس، ارتفاع وتيرة الاشتباكات العنيفة بمختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة في مختلف المحاور بين قوات الجيش الوطني والميليشيات الإرهابية، وكشف العميد خالد المحجوب آمر إدارة التوجيه المعنوي بالجيش والمتحدث باسم غرفة عمليات الكرامة، أن الأيام المقبلة ستحمل تطورات جديدة على الأرض في معركة طرابلس، لافتاً إلى أن الجيش الليبي رفع من نسق عملياته في محاور القتال لضمان حسم المعركة في أسرع وقت.

ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن المحجوب قوله إن الأيام الماضية قتل فيها الكثير من العناصر الإرهابية في العاصمة طرابلس، كما صد الجيش هجوماً للعصابات، ودمر "طائرة درون" ثانية، في ظل السيطرة الجوية لسلاح الطيران بالجيش الليبي، مشيراً إلى أن سلاح الطيران بالجيش الليبي تمكن من استهداف الطائرات في القواعد التي تنطلق منها، وهو ما يؤكد السيطرة الجوية الكاملة، خاصة بعد استهداف تجمعات "المرتزقة التشاديين" الذين تم استقدامهم بهدف دعم ميليشيات المنطقة الغربية".

وفيما يتعلق بالاقتراب من قبل العاصمة طرابلس، قال المحجوب: "أيام ونحسم الأمر، نحن في العاصمة لا خارجها، المسافات التي تتواجد عليها القوات في جميع المحاور قريبة جدا وهي على مشارف العاصمة".وتابع أن القوات المسلحة وصلت إلى المبتغى وأن عملية الحسم باتت قريبة جدا.

وكان مدير المكتب الإعلامي للقيادة العامة للجيش الليبي، خليفة العبيدي، أعلن أن القوات الجوية، دمرت ليل الخميس طائرة تركية مسيّرة، بعد غارة جوية على القسم العسكري في قاعدة مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس.وأوضح العبيدي لـ"العربية.نت"، أن هذه ثاني مرة ينجح سلاح الجو الليبي في تدمير وإسقاط طائرات درون تركية الصنع في أقل من يوم، حيث قصف فجر الخميس طائرة تركية مسيّرة في مطار معيتيقة، بعد أن نفذت العديد من الغارات على مواقع عسكرية ومدنية.

وأثار تلقي ميليشيات طرابلس دعما من تركيا وقطر جدلا كبيرا في الأوساط الليبية حيث ظهرت نوايا هذه الدول للاستثمار في الفوضى بهدف نهب ثروات البلاد وترسيخ وجود حلفائها وخاصة جماعة "الاخوان" ذراعها التخريبي في البلاد. وفي مايو الماضي، أعلن تحالف للميليشيات الموالية للمجلس الرئاسي التابع لحكومة الوفاق عن تسلمه شحنة من مركبات مدرعة وأسلحة من هذه الدول في إطار سعيه لصد عملية "طوفان الكرامة" ونشرت صور ومقاطع فيديو على الإنترنت تبين ذلك.

وأمام تصاعد مؤشرات اقتراب الجيش الليبي من السيطرة على العاصمة الليبية،بات التساؤل الأبرز حول مصير حكومة الوفاق هناك.وفي هذا السياق،قال عضو مجلس النواب الليبي سعيد إمغيب، نقلًا عن مصادر وصفها بالموثوقة، إن إيطاليا نصحت رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج بمغادرة العاصمة طرابلس تحسبًا لسيطرة الجيش الوطني الليبي عليها قريبًا.

وأرجع امغيب في حديثه لبوابة افريقيا الاخبارية،هذه الدعوة للسراج بالمغادرة على خلفية أن دخول القوات المسلحة الليبية للعاصمة بات محسوما وأن من أهم نتائج زيارة القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر لإيطالية الفترة الماضية هي القناعة لدى الجانب الايطالي بان الجيش الليبي قادر على بسط الاستقرار في ليبيا، على حد قوله.

وتزامنت تصريحات امغيب مع معلومات من مصادر إعلامية تفيد بأن مجموعة من مسؤولي حكومة الوفاق غادروا فعلًا طرابلس، بعد اشتداد هجوم الجيش الوطني الليبي وقطعه الطريق الساحلي الرابط بين طرابلس ومصراته وباقي المدن والمناطق الواقعة شرق العاصمة الليبية.وقالت المصادر إن عددًا من هؤلاء المسؤولين غادروا الجمعة عبر مطار معتيقة إلى اسطنبول من خلال 3 رحلات لطيران الإفريقية والبراق والأجنحة الليبية.بحسب ما نقل موقع "ارم نيوز" الاخباري.

وأضاف الموقع أن المصادر أشارت إلى أن معظم مسؤولي الصف الأول في حكومة الوفاق كلفوا مديرين جددًا يتبعون مليشيات محددة، بغرض إدارة الوزارات والمؤسسات في حال "حدوث فراغ مؤسسي بسبب ظروف الحرب".

وتزايد ارتباك حكومة الوفاق أمام تقدم الجيش الليبي وهو ما كشفته محاولاتها الأخيرة للبحث عن دعم سياسي أميركي لها كحل ينتشلها من المأزق الذي تعيشه بعد أن عجزت المليشيات المسلحة التي تعول عليها والتي تتمركز في العاصمة طرابلس وضواحيها،عن التصدي لتقدم وحدات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر

وسعت حكومة الوفاق، إلى حث الإدارة الأميركية على ممارسة ضغوط سياسية على المشير حفتر لوقف عمليته العسكرية،وقال نائب رئيس حكومة الوفاق الوطني، أحمد معيتيق خلال زيارة إلى واشنطن الجمعة أنّ الإدارة الأميركية أكّدت له دعمها لحكومته، داعياً في الوقت نفسه واشنطن إلى الضغط على حلفائها العرب لوقف دعمهم للمشير خليفة حفتر.

والجمعة قال معيتيق للصحافيين في واشنطن حيث التقى مسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية وعدداً من أعضاء الكونغرس "أعود إلى دياري ومعي رسالة مختلفة: الولايات المتحدة تدعمنا بصفتنا الحكومة الليبية الشرعية".غير أنّ وزارة الخارجية الأميركية بدت حذرة، مكتفية بالدعوة إلى "الاستقرار" في ليبيا وإلى "وقف إطلاق النار في طرابلس وجوارها" وإلى استئناف المفاوضات بين السراج وحفتر.

وفي غضون ذلك،تصاعد الحديث حول زيارة مرتقبة للمشير خليفة حفتر الى الولايات المتحدة الأمريكية.وقالت وكالة نوفا الإيطالية إن المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، تلقى دعوة رسمية من البيت الأبيض لزيارة الولايات المتحدة منتصف يونيو الجاري.وأشارت الوكالة إلى أن مصدرًا مقربًا من المشير حفتر، طلب عدم ذكر اسمه، ذكر لها أنه من المتوقع أن تكون الزيارة في الثامن عشر من يونيو الحالي.

وذكرت الوكالة أن الزيارة ستبدأ بقمة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والجنرال حفتر في البيت الأبيض، بحضور وزير الخارجية مايك بومبيو.مضيفة أن على جدول أعمال القمة المرتقبة مناقشة ملف مكافحة التنظيمات الإرهابية والجريمة المنظمة في ليبيا، وتأمين النفط، وتصنيف جماعة الإخوان المسلمين الليبية كجماعة إرهابية، إضافة إلى سبل دعم الاستقرار في البلاد.

كما سيناقش ترامب وحفتر سبل توفير الظروف الملائمة في ليبيا من أجل إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة، وذلك تمهيدًا للتصويت على دستور دائم للبلاد.وذكرت الوكالة أن المصدر أوضح لها أن فريقًا رفيع المستوى من القيادة العامة للجيش الوطني الليبي موجود منذ يومين في العاصمة واشنطن للتحضير للزيارة بالتنسيق مع مسؤولين من البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية.

وحضي الجيش الوطني الليبي باشادة من الولايات المتحدة حول جهوده في محاربة الارهاب،ففي أبريل الماضي، أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب مكالمة هاتفية مع حفتر اعترف خلالها "بدور المشير حفتر المهمّ في مكافحة الإرهاب" وأكّد أنّه يتشاطر وإيّاه "رؤية مشتركة" لمستقبل ليبيا، ما اعتُبر حينها دعماً أميركياً صريحاً للقيادة العامة وأطلق العنان للشكوك بشأن حقيقة موقف واشنطن من حكومة الوفاق.

وتعاقد رئيس المجلس فايز السراج مع شركات ضغط دفع لها ملايين الدولارات في محاولة للتأثير على القرار الأمريكي تجاه ليبيا ودعم بقائه في السلطة.وكان موقع "ذا مونيتور" المختص بالتحليلات السياسية لمنطقة الشرق الأوسط؛أكد إن حكومة الوفاق قد وقعت صفقة بقيمة مليوني دولار مع شركة "ميركوري" للعلاقات العامة، في 25 أبريل الماضي، للضغط على الكونغرس الأمريكي وإدارة الرئيس دونالد ترامب بعد أيام قليلة من نشر تقارير تفيد بأن ترامب يدعم القوات المسلحة، بقيادة المشير خليفة حفتر، في حربها ضد الإرهاب في ليبيا.

وعقب ذلك كشفت مجموعة "أو دواير" المتخصصة في قطاع الخدمات المالية،الأربعاء 8 مايو/أيار الجاري، أن حكومة الوفاق أبرمت عقدًا جديدًا مع مجموعة "برايم بوليسي" الأمريكية، التي يقودها الخبير الاستراتيجي في الحزب الجمهوري تشارلي بلاك، للترويج لنفسها وتلميع صورتها لدى صُناع القرار الأمريكي، إضافة إلى محاولة تشويه عملية تحرير طرابلس التي تخوضها القوات المسلحة.

ومنذ اندلاع معركة تحرير طرابلس دخلت حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج في تحالفات مع المجموعات المسلحة والعناصر الارهابية وهو ما كشفته التطورات الميدانية طيلة الأسابيع الماضي.ووضع ذلك حكومة السراج في موقف صعب، خاصة بعد ممارسات هذه المجموعات في المناطق المتمركزة فيها من انتهاكات لحقوق الانسان سواء بالإختطاف أو الإعتقالات الغير قانونية أو التعذيب والقتل.ووسط تزايد وتواصل تقدم الجيش الليبي يتزايد الغموض حول مصير "حكومة السراج"، التي طالما راهن عليها المجتمع الدولي، مما قد ينذر بتحولات في المشهد الليبي قد تفصح عنها المرحلة القادمة.