يقف ملف تقاسم المناصب السياسية حجر عثرة أمام الحوار الليبي في منتجع أبوزنيقة المغربي ، فيما يشكك المراقبون في التوصل الى نتائج فعلية حول ملامح السلطة المركزية التي يراد لها أن تتحقق بعد خمس سنوات من الإنقسام الى حكومتين في غرب وشرق البلاد
وبينما أكد المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، عبد الله بليحق، إن مهام لجنة مجلس النواب في اجتماعات المغرب تقتصر على الوصول لتفاهمات حول توزيع المناصب السيادية فقط والرجوع بها إلى مجلس النواب والتمهيد لانطلاق الحوار السياسي برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، قالت مصادر مطلعة  أن هناك خلافات حادة في ظل إصرار وفد مجلس الدولة الاستشاري على أن يعود إليه وحده القرار بتسمية محافظ مصرف ليبيا المركزي ورئيس ديوان المحاسبة وهو ما رفضه وفد مجلس النواب
كما رفض وفد مجلس الدولة نقل مصرف ليبيا المركزي الى خارج العاصمة طرابلس وتحديدا الى مدينة سرت التي تقترح أطراف دولية في مقدمتها الولايات المتحدة تحويلها الى عاصمة مؤقتة منزوعة السلاح
ويصر الإسلام السياسي ومن ورائه تركيا وبعض القوى الإقليمية والدولية على الإبقاء على كل من الصديق الكبير في منصب محافظ البنك المركزي ومصطفى صنع الله على رأس المؤسسة الوطنية مصراتة إضافة الى تكليفه بحقيبة النفط والمعادن
وينتظر أن تحتضن جنيف من 17 الى 28 سبتمر الجاري الفصل الثاني من الحوار الليبي الليبي بعد الفصل الأول الذي يختتم اليوم في المغرب
ويأتي ذلك في ظل تسريب بوجود نية نحو تعيين عقيلة صالح رئيس مجلس النواب رئيسا للمجلس الرئاسي عوضا عن فائز السراج بنائبين أحدهما يمثل غرب البلاد والثاني يمثل الجنوب ،بينما تؤول رئاسة الحكومة الى فتحي باشاغا وزير الداخلية المفوض في حكومة الوفاق ، بنائين أحدهما من الشرق والثاني من غرب البلاد ،
كما تحدثت التسريبات عن التوجه نحو تمكين النظام السابق من بعض المناصب الوزارية ، بالتزامن مع الحديث عن انقسام بين أنصار القذافي بعد إن إختار بعضهم التحالف مع الإخوان على إثر موافقات جرت بين الطرفين
وندد موسى إبراهيم آخر متحدث بإسم النظام السابق قبل الإطاحة به بالسعي الى « تأسيس ثقافة المحاصصة الجهوية للسلطة في البلاد، واستخدام خونة متخاذلين يدعون الانتماء للتيار الأخضر ( أنصار القذافي )  لبيع بضاعة الإخوان المسلمين»
ويرغب الإخوان في فسح المجال للتوافق مع عناصر من النظام السابق معروفين بعدائهم للجيش الوطني وقائده المشير خليفة حفتر ، بدعوى معارضته السابقة ومشاركته في حرب الإطاحة بنظام الزعيم الراحل معمر القذافي
ووفق مصادر مطلعة ، فإن الإخوان يتجهون لفرض منح حقيبة الدفاع لإحد الضباط الموالين للنظام السابق والمناوئين للجيش الوطني وهو العقيد علي كنة الذي ينتمي الى الطوارق والذي ظهر أول من أمس في موكب تنصيب السراج للعميد محمد الحداد رئيسا لأركان قوات الوفاق بصفته آمر المنطقة العسكرية الجنوبية
الى ذلك يرى المراقبون إن إقناع السراج بالتخلي عن منصبه يبدو صعبا ، خصوصا بعد أن حصن موقعه بكسب ولاء ميلشيات طرابلس والمنطقة الغربية ، وباحتواء ميلشيات مصراتة بعد تعيينه أحد رموزها وهو محمد الحداد رئيسا لأركان قواته ، إضافة الى علاقاته الوطيدة مع الرئيس التركي رجب أردوغان التي أكد عليها خلال اللقاء بينهما السبت الماضي
ويشير المراقبون الى أن مجرد التوافق على التسميات في السلطة القادمة غير كاف في ظل انقسام المؤسسات الحكومية الى رسمية خاضعة لسيطرة الميلشيات في طرابلس وموازية موالية للبرلمان المنتخب وداعمة للجيش الوطني في شرق البلاد ،ومنها البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط وشركة الإستثمار الخارجية والوزارات والهيئات ، بما في ذلك المؤسسات الأمنية والعسكرية والقضائية
وفي السياق ، قال عضو مجلس النواب المنشق، عبد السلام نصية،: “إن الحديث عن تقاسم المناصب السيادية في ظل استمرار انقسام مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية واستمرار تعثر المسار الدستوري وتعدد شرعية السلاح هو إهدار للوقت”.
وأضاف إن “هذا الأمر تشتيت للجهود من قبل أصحاب الأنانية الشخصية المقيتة وزعماء دولة الأشخاص، بغرض فرض أنفسهم أو فرض الفوضى”.
وبعد أن غرد رئيس مجلس الدولة شاكرا “المغرب على استضافة أشقائه الليبيين وتقديم الدعم لحوارات قد تساهم في توحيد المؤسسات وإنهاء الانقسام والمضي في أسرع وقت نحو الاستفتاء على الدستور والانتخابات البرلمانية والرئاسية” ، علق صلاح البكوش المستشار السابق بالمجلس بالقول إن “المشري يعرض علينا أن يكافئنا بانتخابات في أقرب وقت ممكن مقابل أن يقتسم المناصب السيادية مع عقيلة الآن”.
ويعتقد المتابعون للشأن الليبي أن حوار المغرب وإن كان يبحث في موضوع تقاسم المناصب السيادية إلا أن هدفه الأول هو إعادة تدوير الإسلام السياسي وبخاصة جماعة الإخوان لضمان تمكينهم من دور  مهم في المرحلة القادمة ، وهو ما يثير إنزعاجا واسعا في الأوساط الليبية في مختلف أرجاء البلاد