في خطوة لافتة، حطت صباح الجمعة 16 أكتوبر/تشرين الأول 2020 ،طائرة ليبية بمطار بنينا ببنغازي قادمة من مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس بعد أكثر من عام من انقطاع الرحلات الجوية بين المنطقتين الشرقية والغربية نتيجة الحرب
ووفق الممراقبين فإن تلك الخطوة تنضاف الى فتح جسور التواصل بين قبائل المنطقة الشرقية ومصراتة حيث يسعى الليبيون الى تطبيع العلاقات بين الغرب والشرق لإستباق المبادرات الأممية
وبحسب مكتب الإعلام بمطار بنينا الدولي ببنغازي فقد هبطت بمدرج المطار رحلة الخطوط الأفريقية القادمة من مطار معيتيقة بطرابلس وتحمل على متنها فريقا متكاملا من مصلحة الطيران لتقييم الأجهزة والمنظومات وإجراء أعمال الصيانة الضرورية وتسليم بعض الاحتياجات للوقاية من عدوى فيروس كورونا.
بدوره قال مكتب الإعلام بمطار معيتيقة بطرابلس أن طائرة الخطوط الجوية الأفريقية أقلعت صوب مطار بنينا الدولي، وعلى متنها وفد من مصلحتي المطارات والطيران المدني وشركة الخطوط الجوية الأفريقية برئاسة ميلاد الهجرسي رئيس مكتب الحوكمة بالشركة الليبية الأفريقية القابضة ،لافتا إلى أن رحلة الوفد، تأتي للوقوف على تجهيزات المطار والمساهمة في توفير كل ما يحتاجه لإعادة تشغيله
وجاء في بيان للنائب الأول لرئيس المجلس الرئاسي أحمد  معيتيق،:” بتوفيق من الله كللت جهودنا وجهود جميع الخيرين بالنجاح، حيث استؤنفت في هذا اليوم المبارك الرحلات الجوية بين مطاري معيتيقة وبنينا”.
وتابع:” نأمل أن تكون هذه الرحلات بداية النهاية لمعاناة الليبيين في الشرق والغرب والجنوب ليس في التنقل وحده بل في جميع ما يواجهون من مصاعب”.
وكان معيتيق وراء الاتفاق مع قيادة الجيش الوطني منتصف سبتمبر الماضي على استئناف فتح الحقول والموانئ النفطية وعودة القطاع الى الإنتاج
واعتبر عضو مجلس النواب جاب الله الشيباني، أن لقاءات المصالحة، وتبادل الزيارات، وفتح الطريق الساحلي، وتسيير الرحلات الجوية بين المطارات في البلاد، تعد خطوات مهمة في سبيل تعزيز بناء الثقة ومد جسور الوئام بين أطراف الشعب الليبي ، وأَضاف أن :«العمل من الداخل وتفكيك الأزمة وفتح ثغرات في جدار الانسداد تدريجيا بمساعي وطنية خالصة أفضل من الارتهان للمجتمع الدولي ودسائسه. فما يجمعنا أكثر مما يفرقنا» مشيرا الى أن «لقاءات المصالحة وتبادل الزيارات وفتح الطريق الساحلي وتسيير الرحلات الجوية بين المطارات في بلادنا خطوات مهمة في سبيل تعزيز بناء الثقة ومد جسور الوئام التي عصفت بها صراعات غير مبررة يغذيها الخارج وثلة من الذين وقعوا في فخاخ الاستخبارات العالمية »، وفق تعبيره.
وقال رئيس المؤسسة الليبية للإعلام محمد عمر بعيو :”ها هي طائرة الخطوط الأفريقية ترتفع، وها هي جدران الكراهية والقطيعة بين الإخوة تزول وتقع، وها هم  أبناء ليبيا الحبيبة يعملون ويفعلون وينجزون، غادرت مطار معيتيقة  رحلة الخطوط الجوية الأفريقية إلى مطار بنينا بنغازي، الرحلة التدشينية للرحلات الجوية المنتظمة لشركات الطيران الوطنية خلال الأيام القادمة بإذن الله بين كل مطارات ليبيا”.
وجاءت هذه الخطوة ، في إطار سعي القوى الوطنية الليبية الى تجاوز الصراع المحتدم منذ تسع سنوات ، والذي أفرز منذ أيام الاتفاق كذلك على فتح المجال الجوي بين مدينتي مصراتة وبنغازي وتبادل الأسرى بين الجيش الوطني وميلشيات المدينة التي تعتبر أهم مركز للميلشيات في المنطقة الغربية
وخلال زيارة أداها وفد من قبائل المنطقة الشرقية الى مدينة مصراتة ، جرت محادثات صريحة بهدف التوصل الى مصالحة شاملة وعودة المياه الى مجاريها بين إقليمي برقة وطرابلس
وقال رئيس مجلس حكماء وأعيان مصراتة محمد الرجوبي أنّ وفد المنطقة الشرقية الذي وصل إلى مصراتة في ظروف صعبة، ناقش مسألة المصالحة وحقن الدماء بين الليبيين، مبينًا أنّ اللقاء خرج بجملة من النتائج الإيجابية ، معلنا عن التوصل الى الاتفاق يقضي بأن تتم مبادلة كل المعتقلين من الطرفين ممن ليس لديهم قضايا جنائية، وفتح المجال الجوي لاستقبال الطائرات بين المنطقة الشرقية ومصراتة، بالتنسيق مع مصلحة المطارات.
وأعلن الرجوبي عن تشكيل لجان من الطرفين لفتح الطرق والمطارات وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين
وكانت الطريق الساحلية بين شرق وغرب البلاد قد أعيد فتحها مؤخرا في مستوى مدينة سرت مما يمكن الليبيين من السفر في الاتجاهين بعد سنوات من الإغلاق
واعتبر ونيس الحواز عضو الهيئة الوطنية لأعيان إقليم برقة أنّ زيارة وفد المنطقة الشرقية الى مدينة مصراتة تأتي في إطار السعي المشترك لتجاوز الخلافات وتكريس مبدأ المصالحة الوطنية تمهيدا لتوحيد مؤسسات الدولة ، مشيرا الى أن الوفد حظي باستقبال حار وكرم وفادة من قبل أهالي مصراتة ، وهو ما يؤكد على وحدة الشعب الليبي ووجود نية صافية لطي صفحة الماضي والاتجاه نحو جميع المشاكل السياسية والاجتماعية العالقة
وفي ذات الاتجاه ، نظم أعيان مصراتة لوفد المنطقة الشرقية زيارة الى السجون التي يقيم بها عدد من أسرى الجيش الوطني في انتظار أن يتم لاحقا الإفراج عنهم في عملية تبادل للأسرى والمعتقلين ، وأطلع وفد برقة على أوضاع الأسرى وطبيعة المعاملة التي يلقونها ، قبل أن يتجه الى مدينة تاورغاء المجاورة للاطلاع على مناحي الحياة فيها بعد عودة أعداد من سكانها المهجرين إليها ، والمساعي الكفيلة بعودة الآلاف من أبنائها الذين لا يزالون نازحين يقيمون في مخيمات للاجئين في شرق البلاد
ويرى المراقبون أن الفعاليات الاجتماعية تستبق الحل السياسي لإرساء مصالحة وطنية بين القبائل والمدن الليبية بما يحمي النسيج الاجتماعي من التفكك ويحول دن أية مساع لتقسيم البلاد ، معتبرين أن الأعيان والوجهاء يبدون أكثر قدرة على التواصل في ما بينهم أكثر من السياسي المكبلين بحسابات المصالح وتقاسم السلطة والنفوذ
وينتظر أن يتجه خلال الأيام القادمة وفد من مدينة مصراتة الى بنغازي لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق المعلن أمس ، وعقد اجتماعات مع كبار المسؤولين في شرق البلاد