في ظل مراوحة الأزمة الليبية لمكانها واستمرار المحاولات على اكثر من صعيد للابقاء على وقف اطلاق النار واستثماره في مواصلة الحوار وبناء الثقة تمهيدا للوصول الى تسوية سياسية شاملة، يتواصل مسلسل البحث عن مبعوث أممي جديد والذي يبدو أنه لا يقل تعقيدا عن الأزمة الليبية ذاتها في ظل صعوبة اختيار مبعوث جديد يحضى باجماع الأطراف المحلية والدولية.
الى ذلك،عاد الحديث عن ترشيح اسم جديد لرئاسة البعثة الاممية في ليبيا،وهذه المرة برز اسم المنسق الأممي المعني بليبيا يان كوبيش.ونقلت وكالة "نوفوستي" الروسية عن  مصدر في مجلس الأمن الدولي،قوله أن الأمين العام للأمم المتحدة يدرس ترشيح المنسق الأممي المعني بلبنان، يان كوبيش، لمنصب المبعوث الخاص المعني بليبيا، لكنه لم يقترحه بعد رسميا على مجلس الأمن للمصادقة عليه.
وكوبيش هو دبلوماسي سلوفاكي من مواليد 1952، وحاصل على شهادة في العلاقات الاقتصادية الدولية من معهد موسكو الحكومي للشؤون الدولية، ويجيد اللغات السلوفاكية والتشيكية والإنجليزية والروسية، كما يتحدث بعض الفرنسية.ويعمل كوبيش حاليا المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، منذ يناير/كانون الثاني 2019.
وعمل كوبيش كممثل خاص ورئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) من 2015 إلى 2018، والممثل الخاص ورئيس بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة في أفغانستان (يوناما) من 2011 إلى 2015.كما شغل منصب الأمين التنفيذي لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا ووزير خارجية سلوفاكيا والممثل الخاص للاتحاد الأوروبي في آسيا الوسطى.
ويأتي ترشيح كوبيش لمنصب مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا بعد شغور المنصب منذ شهر مارس/ آذار 2020، بعد استقالة المبعوث السابق غسان سلامة،الذي قال حينها أنه طلب من الأمين العام للأمم المتحدة إعفائه من مهمته لأسباب صحية.وقال سلامة، "سعيت لعامين ونيف للم شمل الليبيين وكبح تدخل الخارج وصون وحدة البلاد، وعلي اليوم، وقد عقدت قمة برلين، وصدر القرار 2510، وانطلقت المسارات الثلاثة رغم تردد البعض. أن أقر بأن صحتي لم تعد تسمح بهذه الوتيرة من الإجهاد. لذا طلبت من الأمين العام إعفائي من مهمتي آملا لليبيا السلم والاستقرار".
وأثارت استقالة سلامة في ذلك التوقيت مخاوف كبيرة من انهيار محادثات السلام التي بدأها في جنيف،وتصاعت الأصوات من عدة أطراف دولية للمسارعة بتعيين مبعوث أممي جديد لتنطلق عقب ذلك التكهنات حول الشخصية التي يمكن أن تخلف غسان سلامة.وأوردت تقارير اعلامية العديد من الأسماء المختلفة لهذا المنصب الأممي.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، وافق مجلس الأمن، على ترشيح المنسق الأممي الخاص المعني بالتسوية في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف في هذا المنصب.ويشغل ملادينوف منصب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، كما شغل منصب عضو البرلمان الأوروبي بين عامي 2007 و2009، ثم تولى منصب وزير الدفاع في بلاده من عام 2010 وحتى عام 2013، وفي 2 أغسطس 2013 عين ملادينوف ممثلا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة بالعراق ورئيسا لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق.
لكن ملادينوف اعتذر لاحقا عن تولي هذا المنصب وأنهى عمله في أجهزة الأمم المتحدة يوم 31 ديسمبر 2020.وقال متحدث باسم الأمم المتحدة حينها إن الدبلوماسي البلغاري أبلغ الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش بأنه لن يتمكن من تولي منصب مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا العام المقبل "لأسباب شخصية وعائلية".
وفي المقابل،اعتبر كثيرون أن اعتذار نيكولاي ملادينوف،عن تولي منصب المبعوث الاممي الى ليبيا قد يعود الى ضغوطات سياسية خاصة وأن الأمين العام للأمم المتحدة ما كان ليطرح اسمه كمرشح للمنصب دون الحصول على موافقته.ويعزو هؤلاء ذلك الى حجم الخلافات التي شهدتها مسالة تعيين المبعوث الأممي خاصة بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا.
وكان تعيين وزير الخارجية الجزائري الأسبق رمطان لعمامرة، واجه اعتراضا أميركيا. فوجد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مرشحة أفريقية هي الوزيرة الغانية السابقة هنا سيروا تيتيه، لكنها استبعدت لاحقا أيضا.ثم طُرح اسم نيكولاي ملادينوف. لكن الدول الأفريقية،عطلت ترشيحه بحجة ضرورة ترشيح أفريقي للوساطة في الصراع الليبي في القارة الأفريقية.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش،في 11  مارس الماضي،تعيين ستيفاني توركو ويليامز ممثلة الولايات المتحدة بالنيابة ورئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.وهو التعيين الذي أعتبر محاولة لتوسيع مجال التأثير الأمريكي في الملف الليبي، نظراً لاطلاع ويليامز على مختلف تفاصيله، سواء من خلال دورها كقائمة بالأعمال في البعثة الدبلوماسية لبلادها أو كنائبة لرئيس بعثة الدعم الأممية في ليبيا.
وتتولى حاليا ستيفاني وليامز الاشراف على مفاوضات عسكرية وسياسية واقتصادية ودستورية، بين طرفي الصراع الليبي تحت رعاية الأمم المتحدة تمهيدا لتسوية الأزمة سياسيا وإنهاء الصراع المسلح.وأسهمت هذه المفاوضات في التوصل لوقف إطلاق النار وإعادة تصدير النفط وتبادل للأسرى بين الأطراف المتصارعة.
 وبالرغم من ذلك تواجه ويليامز انتقادات كثيرة بشأن مهادنتها لتيار الاسلام السياسي والمليشيات المسلحة.ومثل اختيار ويليامز آلية معينة لاختيار أعضاء لجنة الحوار مصدر غضب لعدة أطراف ليبية كون أغلبهم ينتمون لجماعة "الإخوان"،واعتبر كثيرون أنها محاولة من ويليامز لتمكين الجماعة من قيادة المرحلة القادمة في البلاد.
ودأبت الأمم المتحدة،على استبدال مبعوثها إلى ليبيا كلما شعرت بوصول جهوده لحلحلة الأزمة إلى طريق مسدود، بسبب استعصاء الأزمة، أو بسبب موقف بعض أطراف الصراع من شخص المبعوث.وينضاف عجزها مؤخرا عن تعيين مبعوث جديد الى مسلسل العجز الذي رافق مبعوثيها خلال السنوات الماضية عن حلحلة الازمة المستعصية في ليبيا والتي تسبب فيها التدخل الغربي في العام 2011 حين حول البلاد الى ساحة حروب وفوضى متواصلة.