قال المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة إنه "ليس من قبيل المبالغة القول بأن الوضع في ليبيا يقف عند مفترق طرق حاسم". 

وقال سلامة في إحاطة موجهة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إن البعثة الأممية في ليبيا دأبت "في العمل على منع أي تصعيد في التطورات والتوترات الأخيرة على أرض الواقع، ونركز بدلاً من ذلك على تحقيق الاستقرار ووضع ميثاق سياسي يمكّن من إنهاء الأزمة في البلاد".

وقال غسان إن دخول الجيش الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر  بشكل سلمي إلى سرت "يُنظر إليه عموماً على أنه تطور إيجابي ويحقق الاستقرار".

وأضح غسان في إحاطته أن تحركات الجيش الليبي في سرت واجهت تصديا في مرزق ما سبب اقتتالا توفي أثره ما لا يقل عن 18 شخصاً من سكان مُرزق فيما أصيب 29 آخرون. 

وأردف القول: "وفي الوقت الذي حقق فيه تواجد الجيش الوطني الليبي قدراً كبيراً من الأمن والاستقرار في الجنوب مما مكّن المصرف الموازي في الشرق من إيصال الأوراق النقدية إلى سبها، إلا أنه من غير الواضح إلى متى يمكن أن تستمر هذه الحملة في ضوء الصفوف الطويلة في انتظار إعادة الإمداد ومحدودية الموارد المالية للحكومة الموازية".

وأضاف غسان: "كانت هناك بعض التحركات لقوات الجيش الوطني الليبي في الجفرة فضلاً عن تسيير دوريات باتجاه سرت. وقد أدى ذلك إلى احتكاك وتصعيد في التوترات مع قوات من مدينة مصراتة ما زالت تتمركز في سرت بعد عملياتها المناهضة لتنظيم الدولة الإسلامية هناك" حسب قوله. 

وقال غسان إنه في غرب البلاد، تحركت القوات المحلية رداً على التوترات الراهنة".

وأضاف "في طرابلس، لا يزال وقف إطلاق النار قائماً، غير أن خطة الترتيبات الأمنية لطرابلس الكبرى تبقى في طور التنفيذ الجزئي فقط".

وقال غسان إن البعثة قامت "برعاية  جولتين من المحادثات التّحضيرية بين مستشارَي رئيس الوزراء السّراج و المشيرحفتر انعقدت في مكاتب البعثة بتونس". 

وأضاف غسان إنه "تمخض عن تلك المحادثات لقاء جمع القائدين في أبوظبي حيث اتفقا على عدد من المبادئ الهامة وهي أن تكون ليبيا دولة مدنية بنظام ديمقراطي تتمتع بالسيطرة المدنيّة الكاملة على الجيش وأن يكون انتقال السلطة سلميّاً". مضيفا أن الطرفين اتفقا على ضرورة توحيد مؤسسات ليبيا التي تعاني انقساماً منذ أمد طويل وعلى تحديد موعد للانتخابات الوطنية قبل نهاية هذا العام.

وأوضح غسان أن "العديد من هذه المبادئ ليست بالجديدة. فهذه المحادثات، في واقع الأمر، استمرار للمسار الذي شُرع فيه في أيلول/ سبتمبر 2017. ما استجد في الأمر هو النية الصادقة في ترجمة هذه الكلمات إلى نهاية فعلية للمرحلة الانتقالية من خلال الانتخابات".

وأعرب غسان عن سروره بافتتاح مكتب للأمم المتحدة في بنغازي، إذ "بعد شهور عدة أوشكت فيها البعثة على فتح المكتب، يجري الآن إرسال موظفي الأمم المتحدة إلى بنغازي للاضطلاع بمسؤولياتهم بشكل أفضل في جميع أنحاء شرق البلاد".

وأضاف غسان أنه "يجري النقاش الآن حول افتتاح مكتب آخر في سبها لدعم العمل في جنوب البلاد. ولقد قامت برامج الأمم المتحدة بزيارة لسبها كانت الأولى منذ توقف العمليات هناك في عام 2013".

وأبدى سلامة تفاؤله بشأن الاقتصاد الليبي من خلال "الإجراءات المتخذة لمكافحة التهريب غير المشروع" حسب قوله. 

وأكد غسان أنه "لا تزال البنية التحتية في ليبيا تعاني من التدهور بمستويات تنذر بالخطر". موضحا أن "الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة والمياه والكهرباء، في حالة من التردي وإنتاج المياه يتسم، بوجه خاص، بالهشاشة". 

وحذر غسان من أن "تعطل ما يقرب من أربعة آبار كل شهر، في الفرع الغربي للنهر الصناعي، والذي يشكل المورد الرئيسي للمياه في منطقة الشمال الغربي، معرض لخطر الانهيار الوشيك".

وتحدثت إحاطة غسان سلامة عن خطة الاستجابة الإنسانية لليبيا لعام 2019 قائلا: "وترمي هذه الخطة إلى الحصول على 200 مليون دولار أمريكي لمواصلة توفير خدمات الرعاية الصحية والحماية والمياه والمأوى لأكثر من نصف مليون من الأشخاص الأكثر عرضة للخطر في ليبيا. وتشير التقديرات إلى أن نحو 823000 شخصاً، بمن فيهم مهاجرون و248000 طفل، هم بحاجة إلى المساعدة الإنسانية في ليبيا".

وتطرق غسان إلى الوضع الاقتصادي قائلا: "أدت إعادة فتح حقل الشرارة النفطي، والذي كان للأمم المتحدة دور هام فيه، إلى زيادة إنتاج النفط ليعود إلى 1.2 مليون برميل في اليوم. وتستمر الرسوم على صرف العملات الأجنبية، مقترنة بتحرير القيود على فرصة شرائها، في توليد الإيرادات وتعزيز قيمة الدينار. وقد أدى ذلك إلى زيادة القدرة الشرائية والحد من التضخم وتقليص ربحية السوق السوداء على بيع العملة" حسب قوله.

وقال غسان إنه "من الأمور بالغة الإيجابية أن تبدأ اللجنة المركزية المسؤولة عن انتخابات المجالس البلدية جولة جديدة تتألف من تسعة عمليات انتخابية في الأجزاء الجنوبية والغربية من ليبيا في 30 آذار/مارس. وفي هذا السياق، من الضروري أن تكون هناك هيئة واحدة فقط تأخذ على عاتقها مسؤولية إدارة الانتخابات البلدية".

وفي هذا الصدد قال إن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات تستعد لتنظيم الانتخابات الوطنيّة، معربا عن سروره بانتقالها أخيراً إلى مقرها الجديد الآمن، بمساعدة الأمم المتحدة والشركاء الدوليين" طبقا لقوله.

وأضاف غسان أنه "بات من الضروري الآن أن توفر الحكومة التمويل التشغيلي اللازم للمفوضية لإنهاء التحضيرات للانتخابات".

وعن الملتقى الليبي الجامع قال غسان "سينعقد الملتقى الوطني يومي 14 و15 نيسان/أبريل في ليبيا. وهو يشكل فرصة حاسمة لإنهاء الفترة الانتقالية التي بدأت قبل ثماني سنوات".

وأضاف "نعمل الآن، وقبل انعقاد الملتقى الوطني، مع العديد من الاطراف بغية ضمان أوسع مشاركة ممكنة في العملية السياسية. وقد تجلّى لنا أن الليبيين تحدوهم رغبة شديدة في توحيد مؤسساتهم في أسرع وقت ممكن".

وقال غسان سلامة إنه "ثمة كثير من الأمور على المحك الآن، ومالم يتم اغتنام الفرصة التي يتيحها الملتقى الوطني لن يتبقى سوى خيارين محتملين، ألا وهما إطالة حالة الجمود أو اندلاع النزاع، وربما أيضاً تؤدي حالة الجمود هذه في النهاية الى نزاع محتوم".

وأوضح أن "أي إخفاق الآن في المضي قدماً بالعملية السياسية يثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأن البلاد واقعة بشكل تام في قبضة قوة السلاح. غير أنه في مقدورنا اليوم أن نحول دون الإنزلاق في هذه الهاوية"، مؤكدا أن "الملتقى الوطني فرصة حاسمة لجميع الأطراف من دون أي استثناء  لوضع خلافاتهم جانباً في سبيل إعلاء مصلحة البلاد وتوحيد صفوفهم وتجنب الحرب واختيار طريق السلام والازدهار".

وقال غسان إنه "سيتم في الملتقى الوطني إختيار ما إذا ستتم المصادقة على الميثاق الوطني الذي كان نتاج العملية التشاورية التي تمت في إطار الملتقى الوطني".

وكشف غسان "أنه سيرسم خارطة طريق لإنهاء الفترة الانتقالية وذلك من خلال انتخابات برلمانية تتزامن مع أخرى رئاسية، أو من خلال انتخابات تتم على مراحل. وسوف يقدم توصياته بشأن كيفية التعامل مع مشروع الدستور الذي أصدرته هيئة صياغة مشروع الدستور".  

ودعا غسان سلامة الليبيين "لأن يتوحدوا وأن ينأوا بأنفسهم عن أية أعمال تهدف الى العرقلة والتحريض". حسب وصفه.

ودعا المبعوث الأممي "الجميع في المجتمع الدولي إلى وضع مصالح الشعب الليبي في المقام الأول والعمل بشكل ملتزم وصادق للضغط على جميع الأطراف لتجنب النزاع والتوصل الى صيغة سلمية لإنهاء الفترة الانتقالية في ليبيا، من أجل جميع أبناء الشعب الليبي".