تتواصل المعارك على تخوم العاصمة الليبية طرابلس بين قوات الجيش الوطني الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق المدعومة من تركيا. معارك بات ينتج عنها خسائر كبيرة في صفوف المليشيات والمرتزقة الموالين لتركيا في ظل الضربات المتتالية للجيش الليبي الذي أعاد ترتيب صفوفه بعد تراجعات تكتيكية نفذها خلال الفترة الماضية.

ومع تصاعد وتيرة العمليات العسكرية نجحت القوات المسلحة العربية الليبية فيصد هجوم لقوات الوفاق المدعومة بالمرتزقة والأتراك في محاور طرابلس، "عين زارة، الرمله، كوبري المطار". وقال عضو شعبة الإعلام الحربي عقيلة الصابر، إن الاشتباكات في محاور طرابلس أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف قوات الوفاق مع حرق أكثر من 13 سيارة مسلحة، واسترجاع 3 آليات مسلحة كانت بحوزتهم.

هذا وكانت شعبة الإعلام الحربي للقيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية، قالت إن طريق المطار جنوب العاصمة طرابلس ممتلئ بجثثٍ متفحمة وعربات مُدمّرة وخسائر كثيرة تركت بعد فرار قوات الوفاق المدعومة بالمرتزقة والأتراك. وأكدت الشعبة أنه "على الرغم من كل الدعم المُقدّم من قِبل تركيا لقوات الوفاق، وعلى الرغم من أعداد المرتزقة السوريين الذين يقاتلون في صفهم إلا أنهم دائماً ما يرجعون وأذيال الخيبة تجُرّ وراء ظهورهم تاركين خلفهم الكثير من جُثثِ رفاقهم ومرتزقتهم في كل مرة يحاولون فيها التقدم لتمركزات القوات المسلحة في طريق المطار"، بحسب وصفها.

وتحدث الجيش الليبي عن خسائر كبيرة في صفوف القيادات المليشياوية والمرتزقة الموالين لتركيا، ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن الضابط في الجيش الليبي الصادق بن سعيد، إن "عدة قيادات تابعة لميليشيات الزاوية قتلت في المواجهات التي دارت ليلة البارحة وصباح اليوم، في عدة نقاط من محاور العاصمة طرابلس".

وأوضح بن سعيد، أن "من بين القيادات التي تم التعرف على جثثهم في هذه المعارك، كل من: حمدي حليله، ربيع جموم، معاد أشكال، وعادل راشد". وأشار إلى أن "حمدي حليلة ظهر سابقا في صور بجانب اللواء عامر الجقم، بعد سقوط طائرته في الزاوية، كما ظهر في صورة أخرى مع رئيس المجلس الاستشاري المشري، وأيضا في مقاطع بعد اقتحام مدينة صبراتة وإطلاق سراح مسلحين من سجن المدينة".

هذا وشنّت مقاتلات السلاح الجوي سلسلة من الضربات الجوية مستهدفة عدداً من تمركزات مجموعات الحشد الميليشياوي المدعوم تُركياً في محيط منطقة بوقرين، كما استهدفت مواقع خصصتها هذه المجموعات لتخزين الأسلحة والذخائر والعربات والآليات في مناطق وادي زمزم والقداحية ومزارع النهر والقداحية والهيشة. وفق ما أوردت شعبة الإعلام الحربي بالجيش الليبي.

وبدأت منذ السبت الماضي اشتباكات قوية بين الجيش الليبي والمرتزقة السوريين والمليشيات المدعومة تركيا حول طرابلس ولا تزال الاشتباكات مستمرة حتى الآن.وأعلن مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني الليبي، العميد خالد المحجوب، القضاء على عدد كبير من مرتزقة أردوغان وقيادات الإرهاب، مؤخراً، في عمليات طرابلس.

وأكد العميد المحجوب، في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز عربية"، أنّ القوات المسلحة الليبية قضت على 26 من قيادات الإرهاب والميليشيات، فيما سقط 140 قتيلاً من مرتزقة أردوغان، خلال اليومين الماضيين. وأورد المسؤول العسكري الليبي أنّ الجيش ألقى القبض على 22 من المرتزقة والميليشيات، كما غنم 8 عربات مسلحة ومدرعتين تركيتين في معارك طرابلس خلال الساعات الـ 24 الماضية.

وفي وقت سابق، أعلن الجيش الوطني الليبي، مقتل مراد أبو حمود العزيزي، قائد ميليشيا "السلطان مراد"، إثر اشتباكات جنوبي العاصمة طرابلس. وقالت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الليبي إن "قائد فرقة السلطان مرتزق سوري يدعى مراد العزيزي قتل في محور طريق المطار جنوب العاصمة طرابلس". فيما نعت حسابات رسمية تابعة للمعارضة السورية على مواقع التواصل الاجتماعي القتيل.

 وكان الجيش الوطني الليبي قد تمكن مساء الأحد الماضي من اعتقال محمد البويضاني الذي يعتبر واحد من أخطر عناصر داعش والذي انتقل إلى الأراضي الليبية برعاية المخابرات التركية، كأمير لفيلق الشام حيث ألقي القبض عليه وهو يقاتل إلى جانب صفوف ميليشيات حكومة فايز السراج، بحسب تصريح للناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري على صفحته الرسمية بفيسبوك.

واعتقل محمد البويضاني، القيادي في فيلق الشام الإسلامي، برفقة 26 آخرين من مجموعته غالبيتهم من أبناء محافظة حمص، وهم ممن كانوا سابقاً ضمن الكتيبة الخضراء التي كانت عاملة بحمص والقلمون الغربي وتضم العديد من الجهاديين. وقال الجيش الليبي إن عملية إلقاء القبض على القيادي الداعشي دليل آخر على العلاقة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتنظيم داعش التكفيري والتنظيمات المتطرفة عامة.

كما تمكن الجيش الليبي يوم الجمعة من تنفيذ كمين محكم للمليشيات المسلحة بمحور الكازيرما قتل خلاله العشرات من أفراد هذه المليشيات ومرتزقة تركيا، كما تم القبض على 17 آخرين ومصادرة 6 سيارات مسلحة ومدرعة تركية، بحسب تصريحات المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة بالجيش الوطني الليبي.

ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان ارتفاع حصيلة القتلى في صفوف الفصائل الموالية لتركيا جراء العمليات العسكرية في ليبيا، إلى 318 مقاتلا بينهم 18 طفلا دون سن الـ18، كما أن من بين القتلى قادة مجموعات ضمن تلك الفصائل. وأكد المرصد السوري أن القتلى من فصائل "لواء المعتصم وفرقة السلطان مراد ولواء صقور الشمال والحمزات وسليمان شاه"، وقد قتلوا خلال الاشتباكات على محاور حي صلاح الدين جنوب طرابلس، ومحور الرملة قرب مطار طرابلس ومحور مشروع الهضبة، بالإضافة إلى معارك مصراتة ومناطق أخرى في ليبيا.

وتواصل أنقرة ارسال الارهابيين الى ليبيا حيث كشف رامي عبدالرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الانسان، أنّ "والي حمص الأمني السابق في تنظيم داعش، وصل إلى ليبيا مع 48 عنصراً من الجنسية السورية ممن كانوا معه في ريف حمص الشرقي في منطقة تدمر". واكد مدير عبد الرحمن إن تركيا تحاول الخلاص من عبء عناصر داعش في مناطق سيطرتها في سوريا عبر نقلهم إلى ليبيا وتم نقل عناصر من داعش يحملون الجنسية التونسية من سوريا إلى ليبيا أيضا.

وتعليقاً على قيام تركيا بإرسال إرهابيين إلى ليبيا، قال المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري، الإثنين الماضي، إن قيام أنقرة بإرسال هؤلاء الإرهابيين يهدد الأمن القومي لدول المنطقة.وأكد اللواء المسماري، أنّ تركيا تواصل إرسال العناصر الإرهابية من داعش وتنظيمات أخرى إرهابية إلى ليبيا حتى يدعموا الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق.

وتستمر أنقرة في انتهاكاتها للقرارات الدولية بحظر توريد السلاح إلى ليبيا وتأجيجها للصراع في البلاد خدمة لأجنداتها المشبوهة بالرغم من تصاعد الدعوات الدولية للتهدئة والعودة إلى الحوار ووقف التدخلات الخارجية، وتحذيرات أوروبية من "سورنة" النزاع الليبي. ويرى مراقبون أن التطورات الميدانية الأخيرة تكشف أن الجيش الليبي قادر على مواجهات المخططات التركية لكن على المجتمع الدولي التحرك أيضا لأن هذه المخططات ستكون لها تأثيرات على الأمن الاقليمي والدولي.