منذ اندلاع الأزمة فيها،بدا التدهور و الانفلات الأمني سيد الموقف في ليبيا، فانتشار السلاح خارج سلطة المؤسسات العسكرية والأمنية كان أهم عامل مساعد لدعم هذه الفوضى وتوسيع رقعتها.

ويعتبر الجنوب الليبي أكثر المناطق الليبية التي تشهد توترا أمنيا في ظل غياب الرقابة الحدودية التي جعلت المنطقة نهبا للمليشيات المسلحة الأجنبية والتنظيمات الارهابية العابرة للحدود، ناهيك عصابات تهريب السلاح والأموال والوقود الليبي وبوابة لجحافل المهاجرين غير الشرعيين المتوجهين نحو أوروبا.

ومنذ أشهر،بات الجنوب الليبي في دائرة الضوء،حيث تصاعدت وتيرة التوترات في المنطقة وتزايدت تشكيات السكان.ومن أبرز المشاكل التي باتت أكبر مؤرق للمواطنين جنوبي ليبيا، ميليشيات مسلحة من المعارضة التشادية التي تمارس عمليات خطف وابتزاز للمواطنين وتتحالف مع العناصر الإرهابية لشن هجمات على القوات الأمنية والعسكرية.

ويمثل وجود هذه العناصر التشادية في مناطق الجنوب الليبي خطرًا حقيقيًا، لا سيما في ظلّ استغلالها للوضع الأمني المردي في تنشيط وتوسيع عملياتهم الإجرامية، علاوة على الارتباط المصلحي لهذه المجموعات، مع التنظيمات الإرهابية التي تسعى منذ سنوات إلى إقامة "إمارة إسلامية" في المنطقة، وفق مراقبين.

وأمام هذه الأوضاع الأمنية المتردية، أعلن الجيش الوطني الليبي، الثلاثاء، انطلاق عملية عسكرية لتطهير مناطق الجنوب الغربي للبلاد من إرهابيي تنظيم "داعش" والقاعدة،وتحريره من العصابات المسلّحة القادمة من وراء الحدود.

وقال العميد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، في مؤتمر صحافي، إن "قائد الجيش المشير خليفة حفتر أصدر أمرا ببدء العمليات العسكرية الشاملة في مناطق الجنوب الغربي الذي يعاني من انتشار الجريمة والإرهاب، بهدف ضبط الأمن وفرض هيبة القانون"

وأوضح المسماري أن هذه العملية تهدف إلى "تأمين سكان مناطق الجنوب الغربي من الإرهابيين سواء من تنظيم داعش أو القاعدة، وكذلك العصابات التشادية والسودانية، التي تعمل مع دول أجنبية لتغيير الهوية الليبية، وملاحقة كل أوكار الإرهاب".

وأضاف أن العملية العسكرية ستعمل أيضا على "تأمين مقدرات الشعب من النفط والغاز، وفتح كافة الطرق لتأمينها وفرض القانون، ومنع الجريمة، وإيقاف الهجرة التي تهدد الأمن الوطني، وتأمين الشركات النفطية".مطالبا  من الجميع الابتعاد عن أماكن تمركز "الإرهابيين" في مدينة سبها (750 كلم جنوب العاصمة طرابلس) ومحيطها والمناطق المتاخمة.

ويواصل الجيش الليبي الحشد العسكري في الجنوب،حيث أعلنت الكتيبة 166 مشاة، التابعة للقيادة العامة للجيش الليبي،السبت، أن قواتها تتوجه بكامل أفرادها وعتادها إلى الجنوب الليبي لتنفيذ مهمة عسكرية جديدة.وقالت الكتيبة في بيان صحفي على صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، إنه "بناء على تعليمات وأوامر القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، الكتيبة 166 مشاة تنتقل بكامل عتادها وأفرادها لتنفيذ أمر الموت في جنوب ليبيا ضمن مهمة جديدة".

من جهة أخرى، أعلن الناطق الرسمي باسم القوات الصاعقة الخاصة التابعة للجيش الليبي، العقيد ميلاد الزوي، في مقابلة سابقة مع وكالة "سبوتنيك" الروسية، أن قوات الصاعقة كلفت بالتوجه إلى مدينة سبها في الجنوب الليبي لمواجهة مجموعات المسلحة والإرهابيين وقطاع الطرق المنتشرين على الحدود الجنوبية المفتوحة على دول تشاد والنيجر ومالي.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي،مجموعة من الفيديوهات والصور لعدد من الكتائب العسكرية وقد باشرت بالتحرك من المنطقة الشرقية متجهة إلى الجنوب والهدف من انتقالهم للجنوب هو القضاء على الجماعات الإرهابية وأيضا القوات الأجنبية المتواجدة هناك.بحسب تقارير إعلامية.

ويأتي تحرك الجيش الأخير في ظل ظروف أمنية صعبة تتمثل في الانفلات الأمني، حيث كثرت حالات خطف المسافرين والاعتداء عليهم من طرف العصابات التشادية التي تغولت في المنطقة،وسط تصاعد احتجاج السكان وتحميلهم الأجهزة الأمنية مسؤولية عدم ردعها

ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن النائب الناشط عيسي بديوي،قوله إن "مجموعات مسلحة تشادية تمارس عملية إجرامية بخطف المواطنين، مقابل دفع فدية لإطلاق سراحهم"، مشيراً إلى أن "هذه العصابات المسلحة تطوق الصحراء الليبية، وتهاجم بعض المدن ليلاً".وناشد بدوي الجيش الوطني الليبي "بضرورة التحرك لحماية مواطني الجنوب، الذين أصبحوا فريسة للجماعات الإجرامية والإرهابية".

ويمتد الجنوب الليبي على رقعه جغرافية كبيرة وشاسعة، مع وجود سكاني ضعيف جدا، لا يتعدى نصف مليون نسمة، مما عزز وجود العصابات التشادية التي تتربح من "الحرابة" والخطف والتهريب،بالاضافة الى خطر التنيمات الارهابية التي تسعى لتحويل المنطقة الى قاعدة لتجميع عناصرها وشن هجمات في البلاد وهو ما بات يمثل خطر كبيرا على ليبيا والمنطقة ككل.

ويتصدى الجيش الوطني الليبي لعصابات التهريب وقوات المعارضة التشادية،وكان القائد العام للقوات المسلحة الليبية، المشير خليفة حفتر، قد أصدر  نهاية العام الماضي، قرارا بتشكيل غرفة عمليات في الجنوب بقيادة العميد محمد المهدي الشريف، و8 عمداء لتطهيره  بالكامل من تلك العصابات التي تمتهن "الحرابة" والخطف والسرقة، في كل من مدن سبها وبراك الشاطي وأوباري ومرزق والكفرة.

وبعد تحريره لمدينتي درنة وبنغازي من الإرهاب، وسيطرته على مدن الشرق الليبي،يسعى الجيش الوطني الليبي إلى توسيع نفوذه نحو منطقة الجنوب التي تضم أغلب القواعد العسكرية والحقول النفطية، كما تفتح على حدود 6 دول،وذلك في اطار مساعيه لبسط السيطرة على كامل البلاد وفرض الأمن وانهاء الفوضى.