يكثف القادة السياسيون في ليبيا، الجهود لمنح الثقة للحكومة الجديدة لتمكينها من ممارسة مهامها في إعادة الاستقرار إلى البلاد التي تمر بأيام حاسمة، فيما لا تزال الخلافات على أشدها بين أعضاء مجلس النواب.
وقدم الخميس رئيس الوزراء الليبي المكلف عبد الحميد دبيبة لمجلس النواب مقترحا بحكومة وحدة وطنية ودعا المجلس إلى الموافقة عليه. وقال دبيبة في مؤتمر صحفي بطرابلس إنه أخذ في الاعتبار "التوزيع العادل" للحقائب الوزارية بين غرب وشرق وجنوب البلاد.
من ذلك،أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، عبدالحميد دبيبة، أنه أرسل تصورا حول شكل الحكومة إلى هيئة رئاسة مجلس النواب.
وأضاف دبيبة، خلال مؤتمر صحفي في العاصمة طرابلس، أنه أخذ عدة اعتبارات بالحسبان في تشكيل الحكومة حتى تراعي "المعاناة التي مر بها الشعب الليبي في الفترة الأخيرة، وخروجه من الحروب والنزاعات والخلافات التي دمرت الوطن وأسست الانشقاق".
وأضاف "اعتمدنا على التشاور مع ملتقى الحوار السياسي ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وكثير من القطاعات والكيانات التي طلبنا منها المشورة والمعونة".
وكشف عن تقدم 3 آلاف مرشح لشغل مناصب وزارية، خلال هذه المرحلة، وقد اطلع على ملفات 2300 منهم، موضحا: "طلبنا من النواب أن يقدموا ممثليهم في الحكومة، وذلك وفق الدوائر الانتخابية المقسمة بواقع 13 دائرة، وطلبنا منهم تقديم أفضل المرشحين من كل مدن وطوائف ومكونات الشعب الليبي".
وأوضح أن "إسناد المناصب السيادية راعى التوزيع العادل بين المناطق الشرقية والغربية والجنوبية".
وأشار إلى تحديات كثيرة تواجه الشعب الليبي، وكان قد وعد مسبقا بحلها، "وأولها جائحة فيروس كورونا، وسنشكل لها فريق أزمة لمجابتها، وأيضا أزمة الكهرباء، وأخيرا ملف المصالحة الذي سنتعاون فيه مع المجلس الرئاسي"، لافتا إلى "وجود تجانس كبير مع أعضاء المجلس الرئاسي، وشاركوا بتصوراتهم في شكل الحكومة".
   ولوّح الدبيبة باللجوء إلى أعضاء ملتقى الحوار السياسي للحصول على الثقة، في حال عدم توافق البرلمان واستمراره في الانقسام حول جلسة منح الثقة للحكومة. وقال في تدوينة نشرها في تويتر مساء الثلاثاء: "لدينا خياران في عملية اختيار شكل الحكومة، وعدم توافق النواب يدفعنا لاعتماد الخيار الثاني".
ويعد هذا الموقف بمثابة إنذار شديد اللهجة إلى البرلمان الليبي، وتهديد بسحب صلاحية منح الثقة للحكومة منه، ونقلها إلى أعضاء ملتقى الحوار.
في ذات الصدد،حدد رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، يوم 8 مارس القادم، ليكون موعدا لعقد جلسة في مدينة سرت للتصويت على منح حكومة الوحدة الوطنية الثقة.
ودعا عقيلة صالح لعقد جلسة لمناقشة منح الثقة للحكومة المكلفة من ملتقى الحوار السياسي الليبي، وذلك في حال أكدت لجنة (5+5) تأمين الجلسة، وإن تعذر ذلك يتم تحويل مكان انعقاد الجلسة لتتم في المقر المؤقت لمجلس النواب في مدينة طبرق، في ذات اليوم المحدد.
وطالب رئيس مجلس النواب في رسالة، لجنة (5+5) بالرد بشكل رسمي على المجلس في وقت كاف قبل الموعد المحدد لانعقاد الجلسة.
ونفى عقيلة صالح وجود أي معارضة مسبقة للحكومة المقبلة، مؤكدا أن النصاب سيتوفر في جلسة منح الثقة للحكومة. لافتا إلى أن "هناك خلافات، ويجب أن يشارك الجميع في السلطة لنخرج من هذا النفق"، لكنه أضاف "لا توجد معارضة علنية بقصد العرقلة، كل السادة النواب يتمنون أن تقدم حكومة مقنعة".
وتعكس تصريحات عقيلة صالح تحفظات على التشكيلة الحكومية التي اقترحها رئيس الوزراء المكلف، ويرى فيها متابعون تعزيزا لاحتمال تعثر المسار الانتقالي مجددا، خاصة بعد رواج أنباء عن إمكانية تأجيل الانتخابات.
والجمعة، استبعد رئيس مفوضية الانتخابات الليبية عماد السائح إجراء الانتخابات نهاية هذا العام، رغم اتفاق وفدي مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة على تنظيم الاستفتاء على مسودة الدستور، قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر المقبل.
وأوضح السائح أن مسودة الدستور حتى وإن تم التصويت عليها بنعم في الاستفتاء، فستحتاج إلى 11 شهرا كمرحلة تمهيدية تلي المرحلة الانتقالية لاعتماد الدستور الجديد وتنفيذه.
وينخرط القادة السياسيون في مخاض عسير لمنح الثقة للحكومة الجديدة، لتمكينها من ممارسة مهامها في إعادة الاستقرار للبلد الذي مزقته الحرب الأهلية.
وواجه الدبيبة خلال مسار تشكيل الحكومة عقبات كثيرة، يبقى أبرزها "المحاصصة القبلية" التي يتمسك بها المسؤولون في الأقاليم التاريخية الثلاثة لليبيا، ومحاولات العديد من الوجوه الموجودة حاليا في المشهد السياسي لإيجاد مكان لها في حكومة الوحدة الوطنية.
وأثارت تلك العقبات مخاوف من أن يقع تدوير الوجوه السياسية الحالية في فريقه الحكومي، وهو ما دفع بـ72 شخصية من نشطاء وكذلك شخصيات سياسية إلى دعوة الدبيبة لضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية بعيدا عن المحاصصة القبلية والجهوية، وعن إعادة تدوير شخصيات سبق لها أن شاركت في حكومات سابقة.