فيما ينتظر الليبيون باهتمام شديد وأمل متصاعد النتائج التي سيخرج بها ملتقى تونس للحوار، بعد الاختراق الحاصل في طريق حل الأزمة على المستويين الاقتصادي والعسكري،تواصل تركيا تحركاتها المشبوهة في الساحة الليبية والتي تهدد باجهاض جهود التوصل الى حلول تنهي سنوات من الصراعات والحروب التي كان لأنقرة دور بارز في اشعالها.

في تطور جديد،تحدثت تقارير اعلامية عن وصول قوات خاصة تركية إلى العاصمة الليبية طرابلس، وذلك لتأمين زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المرتقبة إلى طرابلس ومصراته،وذلك لزيارة قواته المتمركز في غرب البلاد والتي أرسلها خلال الأشهر الماضية لدعم حكومة الوفاق وحلفائه من تيار الاسلام السياسي وعلى رأسه جماعة "الاخوان" الذراع التخريبي لأردوغان في ليبيا والمنطقة.

وقالت صحيفة الشرق الأوسط: أن "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يستعد للقيام بزيارة وشيكة إلى العاصمة طرابلس، هي الأولى من نوعها له منذ تشكيل حكومة الوفاق"،ونقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بالمطلعة إن "فرقة أمنية تضم عناصر من القوات الخاصة التركية وصلت مساء أول أمس، على متن طائرتين عسكريتين لتأمين زيارة أردوغان إلى طرابلس التي من المتوقع أن يزور خلالها القوات التركية الموجودة هناك لدعم حكومة الوفاق".

وبحسب هذه المصادر، فإن أردوغان سيزور القوات التركية في مدينة مصراتة غرب البلاد، خلال زيارة يجرى الترتيب لها منذ فترة طويلة.وتأتي هذه الزيارة في اطار التحركات التركية المكثفة مؤخرا في الساحة الليبية بالتزامن مع الاجتماعات المتواصلة للفرقاء الليبيين والتي اسفرت عن توافقات أقلقت النظام التركي الساعي لاستمرار الفوضى في البلاد.

فبالرغم من الدعوات لانهاء التدخلات الخارجية في الشأن الليبي تواصل تركيا محاولاتها لترسيخ وجودها في ليبيا،وهو ما أعلنه وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار،خلال لقائه وزير الدفاع المفوض بحكومة الوفاق، صلاح الدين نمروش،حيث جدد أكار التزام تركيا بمواصلة مواصلة التدريب العسكري والأمني لليبيا.

وقال بيان لوزارة الدفاع التركية إن "أكار" أبلغ النمروش متابعة اسطنبول عن كثب لـ"مفاوضات الحل السياسي في ليبيا"، مضيفا أنها تسعى للمساهمة في إحلال الأمن والاستقرار في ليبيا، والحفاظ على وحدتها السياسية والجغرافية".وأشار الى استمرار أنقرة في تقديم التدريب العسكري والأمني لليبيين، وكذلك تقديم الدعم والمشورة.

وتنخرط تركيا في الصراع الليبي وباتت جزءا من الأزمة المتصاعدة في البلاد بعد توقيعها مذكرتي التفاهم البحري والأمني مع حكومة السراج والتي أعقبها ارسال أنقرة لقواتها الى ليبيا لدعم حلفائها من جماعة "الاخوان" والمليشيات الموالية لها وهو ما أثار غضبا محليا وتنديدا دوليا واسعا وأثار مخاوف من تصاعد الأزمة في البلاد.

كما دفع النظام التركي بآلاف المرتزقة والارهابيين الى الأراضي الليبية خلال الأشهر الماضية لتأجيج الصراع في البلاد.وفي هذا السياق،أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان صادر عنه السبت، أن إجمالي المرتزقة الذين أرسلتهم تركيا إلى ليبيا، بلغ 18 ألف سوري، إضافة إلى 2500 تونسي.

وأضاف أن 10 آلاف و750 مرتزقا عادوا إلى سوريا، بعد انتهاء عقودهم وأخذ مستحقاتهم المالية، مؤكدًا تواجد حاليًا 10 آلاف آخرين من الموالين لتركيا، بينهم 2500 من حملة الجنسية التونسية.وأكد المرصد السوري أن إجمالي المرتزقة الذين قتلوا في معارك ليبيا بلغ 496 شخصًا، فضلا عن إصابة وفقدان الاتصال بمئات آخرين من العناصر الذين حولتهم المخابرات التركية إلى مرتزقة، بإغرائهم بمقابل مادي كبير.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن مرتزقة تركيا في ليبيا، يتخذون من ليبيا مركزا للوصول إلى إيطاليا كبوابة لدخول الاتحاد الأوروبي.وسبق أن أكد الجيش الليبي في أكثر من مناسبة أنه يتم العمل على تهريب الارهابيين والمرتزقة السوريين ضمن موجات المهاجرين غير الشرعيين التي تنطلق الى الأراضي الأوروبية.

وتأتي هذه التحركات التركية بالتزامن مع حوار تونس الذي انطلق الاثنين الماضي بمشاركة  75 مكونا ليبيا، اختيروا بإشراف أممي. واتفقت الأطراف الليبية على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية وطنية في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.كما اتفق المشاركون على إنشاء مجلس رئاسي جديد وهيئة تنفيذية لإدارة الفترة الانتقالية وإجراء انتخابات وطنية، بحسب ستيفاني  ويليامز، رئيسة بعثة دعم الأمم المتحدة في ليبيا.

وسبق لأردوغان أن أعلن رفضه لاتفاق اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5، ووصفه بـ"الهدنة الهشة"، كما يحاول التشكيك في أي اتفاق قد يجري في تونس؛ فيما يتحرك حلفاؤه في غرب ليبيا لرفض التوافقات الليبية ووضع العصا في العجلة في محاولة للتشويش على الجهود المبذولة لاحلال السلام في البلاد.

ويوما بعد يوم يتكشف الدور التركي المشبوه في ليبيا،والذي يمثل خطرا كبيرا يتهدد ليبيا والمنطقة ككل وهو ما أكدته مجلة "ناشونال إنترست"،في يناير 2019،حيث أكدت أن تركيا تلعب دورًا مزعزعًا للاستقرار في الشرق الأوسط وإفريقيا، مستغلة ليبيا، كبوابة لها، تتمكن خلالها من النفاذ إلى دول الجوار، بعدما أمدت الجماعات المتطرفة داخلها بالسلاح والمال.

ويرى مراقبون أن وقف اطلاق النار الذي تم وعودة الحوار بين الفرقاء الليبيين والتوافقات الحاصلة مؤخرا كلها مؤشرات مثلت مبعث أمل حول إمكانية الذهاب نحو الحل السلمي والوصول الى تسوية سياسية في البلاد.لكن التدخلات التركية السافرة التي تزداد وتيرها بالرغم من الانتقادات الدولية تمثل حجر عثرة أمام امكانية ارساء توافق سياسي شامل بين المتحاربين وانهاء سنوات من الفوضى الأمنية.