في حوار له مع قناة محلية قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه توصل إلى اتفاقات مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب يمكن أن تبشر بـ"عهد جديد" فيما يتعلق بليبيا، بما يعني أن واشنطن منصهرة في الصراع الليبي عبر الواجهة التركية التي تحقق لها أهدافا لا تريد الدخول فيها باسمها ولتكون أنقرة كما كانت دائما أداة خلفية للمشاريع الأمريكية في المنطقة ولتكشف عن وجه استعماري جديد كانت ليبيا أول أهدافه باعتبارها الأكثر إغراء من حيث الثروات وإمكانات الاستثمار.

وعلى الرغم من أن أردوغان لم يشر في حواره إلى تفاصيل الاتصال مع الرئيس الأمريكي لكنه قال إنه "بعد محادثاتنا بشأن العملية الانتقالية في ليبيا، يمكن أن تبدأ حقبة جديدة بين تركيا والولايات المتحدة. لقد توصلنا إلى بعض الاتفاقات"، والتي لن تكون بعيدة عن منافع مشتركة لن تتعب الولايات المتحدة من أجل ضمانها في ظل التنسيق المتواصل مع أردوغان الذي يبدو أنه يقوم بعملية استدراج ترامب نحو معسكره خاصة أن الأخير متخوف من أي نفوذ روسي قد يحرمه من موقعه.

وتساعد تركيا حكومة الوفاق في طرابلس على تغيير التوازن في البلاد وقد شاركت إلى جانبها في معارك الأشهر الأخيرة مما سمح لقوات الوفاق باستعادة مطار العاصمة وكسب اليد العليا وجاء ذلك بعد توقيع اتفاقية مع السراج منحت من خلالها أنقرة امتيازات كبيرة على كامل السواحل الليبية إلى حدود الداخل الليبي ما يوحي أن مشروعا كاملا يستهدف ليبيا لاستغلال أكثر ما يمكن من امتيازات.

ويعتبر عدة مراقبين أن الولايات المتحدة تبدو أكثر ليونة مع تركيا في ما تقوم به في ليبيا، وهذا يفهم لسببين؛ الأول أن واشنطن تعتبر روسيا منافسا لها على الساحة الليبية وبالتالي من الضروري أن تبحث لها عن أكثر حلفاء في الحرب الباردة الدائرة دون أن تكون هي في الواجهة، والثاني أن أنقرة ليست بذلك النفوذ الذي يمنع عن واشنطن أي رغبة تحتاجها في ليبيا مستقبلا، بل هي القادرة على ضمان مصالحها كما تريدها سواء في علاقة بامتيازات النفط سواء في علاقة بالاستثمارات المغرية.

ومنطقة المتوسط بالنسبة إلى الولايات المتحدة هي فرصة، لمزيد التوغل في الإقليم وحتى لمزيد الاقتراب من أوروبا ومشاركتها عملية المراقبة ومن وراء ذلك قطع الطريق أمام موسكو التي تسعى بدورها إلى التعامل مع الوضعية الجديدة بمنطق اللاعب الأساسي الذي لا يمكن تجاوزه. وفي إطار الضغط الداخلي الأمريكي "نشر موقع بريكينج ديفينس الأمريكي المتخصص في التحليلات العسكرية والسياسية تقريرا أكد فيه ضرورة تدخل الإدارة الأمريكية في الأزمة المندلعة في ليبيا نظرا لما تمثله طرابلس من أهمية لواشنطن".

وأضاف الموقع أنه "قد حان الوقت للولايات المتحدة لتأكيد دورها القيادي الحاسم في معالجة الصراع الليبي وإحباط التأثير التركي والروسي على هذا البلد ذي الموقع الاستراتيجي على أعتاب أوربا، بالإضافة لأنه غني بالطاقة".

ورغم أن تلك المراكز تسعى إلى إقناع إدارتها بالانتباه للدورين التركي في ليبيا لكن التخوف الأساسي يبقى من موسكو وليس من أنقرة. فالروس دائما ما كانوا قوة توازن مع واشنطن في كل القضايا الاستراتيجية، ولهذا دائما ما كان هناك تنافس قوي بينهما. أما تركيا فتبقى تلك الدولة الحليفة التي لا تتحرك خارج الاستشارة الأمريكية في كل القضايا، من بينها الساحة الليبية، وهذا مكشوف من أيام التنسيق بينهما خلال تحولات العام 2011، والتحشيد الدولي للإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي، ومنذ ذلك التاريخ لم يبتعد الأتراك عن الساحة اعتقادا منهم أنهم كونوا أحلافا يحققون لهم مصالحهم ويمنحونه ما عجزوا عن تحقيقه أيام القذافي.