بعد سنوات على إندلاع الأزمة فيها، لا تزال ليبيا منقسمة على رغم الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لاستعادة وحدة البلاد الغنية، والتي تُعدّ من أهم مصدّري النفط في العالم.وإنهاء حالة الفوضى التي حولت البلاد إلى بؤرة للمخاطر الإرهابية وإنتشار عصابات التهريب وجعلتها مصدر قلق  إقليمي ودولي

وعملت الأمم المتحدة على تحريك عجلة العملية السياسية بهدف توحيد البلاد تحت سلطة حكومة واحدة وجيش واحد، إلا أن عراقيل وصعوبات بالغة تعترض طريقها،في ظل تواصل التعنت بين الأطراف المتصارعة في البلاد في وقت تزداد فيه الأوضاع تأزما في هذا البلد الممزق.


** بطء العملية السياسية

وفي مؤشر على سوء الأوضاع في ليبيا والصعوبات المحيطة بالمسار السياسي في البلاد،أعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة لدى ليبيا، غسان سلامة،الاثنين 21 أغسطس/آب 2018،نفاد صبره إزاء البطء في وتيرة العمل الحكومي وتردي قطاع الخدمات بالبلاد.

و قال غسان سلامة، في تصريح لقناة "ليبيا الأحرار"، إن موقف البعثة الأممية في ليبيا واضح، وموقفه أكثر وضوحًا وصبره نفد كالليبيين.وأضاف سلامة:"إنني مستاء من أن وتيرة العمل الرسمي في ليبيا بطيئة وكل هذا العمل المؤسسي في ليبيا معطل أو بطيء الوتيرة، وهناك نفاد صبر عند الليبيين بسبب تردي الخدمات وتأخر الكثير من القرارات المهمة".

وأوضح سلامة بشأن العملية السياسية في ليبيا:"أحاول إقناع مجلس النواب الليبي لإتمام ما ينتظره المواطنون من قوانين يجب الانتهاء منها، لأن صبر الليبيين نفد".وقال:"اتصل بالعديد من الدول وأخبرها بأن هناك تأخرًا، وأن العملية السياسية يجب أن تكون أسرع".

وأكد مبعوث الأمم المتحدة،بإنه لم يكتفي بعودة البعثة الأممية إلى ليبيا لتكون قربًا إلى الليبيين، وإنما عزز دورها بعدد من التغييرات والتعيينات.وأضاف سلامة،أنه عين ستيفيني وليامز نائبة له للشؤون الإنسانية، لحمل نفس العبء الذي يحمله، مؤكدًا أنه شجعها على الاتصال بأكبر عدد مممكن من الأطراف الليبية، ونصحها بالتواصل مع قائمة أخرى ضمت أسماء أخرى من مختلف الأطراف.وأوضح أن الأمر لم يتوقف إلى هذا الحد بل وصل إلى تعيين مستشارًا عسكريًا له ألمانيًا، ومديرة لقسم شؤون حقوق الإنسان.

و في بيان نشره على حسابه الرسمي في "تويتر"،دعا غسان سلامة، الشعب الليبي، إلى التضحية بمصالحه والاصطفاف في سبيل الخير العام والوئام والتلاقي.وقال سلامة، بمناسبة عيد الأضحى:"عيد مبارك لكل أصدقائي المسلمين ولعموم الشعب الليبي. فليكن العيد مناسبة للتضحية بنزواتنا ومصالحنا واصطفافاتنا في سبيل الخير العام والوئام والتلاقي".


** ميليشيات طرابلس

وتأتي تصريحات سلامة،في أعقاب تصعيد بعثة الأمم المتحدة في ليبيا من نبرتها الحادة تجاه الميليشيات المسلحة المتصارعة في العاصمة طرابلس،حيث وجهت للمرة الأولى اتهاماً علنياً ونادراً لحكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السراج بالتواطؤ عبر وزارة داخليتها مع هذه الميليشيات.

وأعربت البعثة عن "إدانتها الشديدة لأعمال العنف والتخويف وعرقلة عمل المؤسسات السيادية الليبية من قبل رجال الميليشيات"، الذين يشكلون ما يعرف بـ"كارتيل طرابلس"، في مقاربة مع وفاق الوطني، المؤسسات السيادية ويمنعونها من أداء عملها بشكل فعال"، مؤكدة أن"التدخل في عمل المؤسسات السيادية وفي الثروة الوطنية الليبية أمر خطير ويجب أن يتوقف على الفور".

ولم تحدد البعثة في بيانها أي أسماء، ولم تذكر هوية الميليشيات التي اتهمتها بالتدخل في إدارة شؤون البلاد، لكنها دعت في المقابل حكومة السراج إلى "اتخاذ الخطوات اللازمة لمقاضاة المسؤولين عن هذه الأعمال الإجرامية". وأضافت، أن "الأمم المتحدة ستقدّم تقريراً بهذا الشأن إلى المجتمع الدولي، وستعمل مع جميع السلطات المختصة للتحقيق في إمكانية فرض عقوبات ضد أولئك الذين يتدخلون أو يهددون العمليات التي تضطلع بها أي مؤسسة سيادية تعمل لصالح ليبيا والشعب الليبي".

وكانت البعثة الأممية أكدت خلال اليومين الماضيين دعمها لاستقلالية المؤسسة الليبية الوطنية للنفط،والتقت ستيفاني وليامز، نائبة الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا للشؤون السياسية، مع رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، في العاصمة طرابلس، حيث بحث الطرفان الأوضاع الأمنية في طرابلس والضغوط التي تتعرض لها المؤسسة من بعض الجماعات المسلحة وتدخلها غير القانوني في شؤون إدارة المؤسسة، بحسب ما نقل الموقع الرسمي للمؤسسة على الإنترنت.

وأعربت وليامز عن "دعم الأمم المتحدة الثابت لاستقلالية مؤسسة النفط والمؤسسات السيادية الليبية المماثلة، ورفض أية تهديدات تطال المؤسسة وموظفيها"، وأرجعت وليامز هذا الدعم للمؤسسة الوطنية للنفط كونها "الجهة الشرعية الوحيدة المعنية بإدارة قطاع النفط والغاز في ليبيا".فيما أكد صنع الله أنه يتعين على المجتمع الدولي والدول المجاورة لعب دور أكبر لمساندة ليبيا.

وكانت المؤسسة الوطنية للنفط كشفت خلال الأيام الماضية،عن تعرض عدد من موظفيها للاختطاف من مقار أعمالهم بقوة السلاح من قبل مجموعات مسلحة. كما تعرّضت المؤسسة الليبية للاستثمار (الصندوق السيادي الليبي) إلى تهديدات وعمليات اختطاف طال بعض مسؤوليها في الأسابيع الماضية من قبل مجموعات مسلحة يعتقد بأنها تعمل اسمياً تحت إشراف وزارة الداخلية.

وقالت لجنة الخبراء الخاصة بليبيا في الأمم المتحدة،في وقت سابق، إن استخدام العنف لبسط السيطرة على مؤسسات الدولة ينذر بتجدد المواجهات المسلحة بطرابلس.وجاء في تقرير للجنة نشرته وكالة أسوشيتد برس الأمريكية،الجمعة 10 أغسطس/آب، أن "السلوك الافتراسي" للمجموعات المسلحة بالبلاد يمثل تهديدا مباشرا لتشكيل حكومة وطنية وللعملية السياسية، وإنهاء حالة انعدام القانون.

وذكرت اللجنة، أن هيئة الاستثمار الليبية والمؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي كانوا أهدافا للتهديدات والهجمات، ما أثر على أداء قطاعات النفط والمالية بالدولة، وفق التقرير.وأضافت: "إن المجموعات المسلحة مسؤولة عن عمليات اضطهاد وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، ما تسبب في تعميق الخلافات بين فصائل الشعب المختلفة، وتهديد السلام والاستقرار على المدى الطويل.

وكانت دراسة لمركز "سمول آرمز سيرفاي" الذي يتخد من جنيف مقرا له، نشرت عبر موقعه مطلع يوليو الماضي، خلصت إلى أن الجماعات المسلحة في طرابلس تسيطر على مقاليد الدولة،حيث تمكنت مليشيات طرابلس من اختراق نظام الحكومة في العاصمة، وأصبحت قادرة على التنسيق فيما بينها داخل جميع المؤسسات، وغدت حكومة طرابلس منذ عامين بلا قوة أمام التأثير الهائل للميليشيات، وفق المركز.


** إنتخابات

وتسعى الأمم المتحدة جاهدة للتوصُّل إلى تسوية سياسية شاملة في ليبيا تحظى بموافقة جميع الأطراف،وتأمل إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في ليبيا في وقت لاحق العام الحالي قد يكون العاشر من كانون الأول/ديسمبر لطي صفحة العنف المستمر منذ عام 2011

وقال مبعوث الأمم المتحدة في ليبيا، غسان سلامة،خلال مقابلة مع قناة "ليبيا الحدث"،الأحد 19 أغسطس 2018، إن الهدف من الذهاب إلى الانتخابات في ليبيا هو حل مشكلتين رئيسيتين، الأولى: وضع حدٍّ للتدخلات الخارجية، والثانية: حل مشكلة الشرعية التي تعانيها الأجسام السياسية القائمة.

وأضاف سلامة، أن البعثة تعمل على تهيئة الظروف لكي تكون الانتخابات القادمة "ذات صدقية"، من خلال وضع قانون منظم لهذه العملية، وتعهد مختلف الأطراف بالقبول بنتائجها قبل البدء في هذا الاستحقاق الديمقراطي.وأوضح سلامة، أن إجراء الانتخابات قبل الدستور أو بعد الدستور يعود لمجلس النواب، مؤكدًا أن القاعدة الدستورية للانتخابات "سجال لا يستطيع الفصل فيه"، مشيرًا إلى أن مجلس النواب إذا أصدر قانون الاستفتاء على مشروع الدستور سيكون ذلك، وإذا لم يحدث فالأمر يعود في النهاية لليبيين.

من جانبه،قال رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، عماد السائح، السبت،أن "استمرار الأزمة السياسية في ليبيا ومطالب الرأى العام تضغط بقوة نحو إجراء انتخابات".مؤكدا بأنه "لا مخرج للمسار السياسي إلا بعملية انتخابية تفضي إلى واقع سياسي جديد".حسب ما نقلت وكالة الأنباء الليبية التابعة لحكومة الوفاق الوطني.

كما أوضح "السائح" أن "إجراء انتخابات خلال العام الجاري يعتمد على مجلس النواب وما سيصدره من قوانين".وأشار إلى أنه "في حال اختيار مجلس النواب إقرار قانون الاستفتاء فإن النتائج ستعلن نهاية نوفمبر، وبعدها ستمنح ثلاثة أشهر للسلطة التشريعية لإصدار التشريعات اللازمة، ثم ثمانية أشهر أخرى للمفوضية لاستكمال عملية الانتخابات".

وطالب المجتمع الدولي أكثر من مرة مجلس النواب بسرعة إصدار ذلك الاستحقاق تمهيدا لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في البلاد تقرر إطلاقها خلال لقاء جمع أطراف النزاع الليبي في باريس الشهر الماضي.و نص اللقاء حينها على إجراء انتخابات في 10 ديسمبر المقبل، وهو ذات الأمر الذي تنص علية خارطة الطريق التي أعلنتها الأمم المتحدة مطلع العام الجاري.