كشفت مصادر سياسية أن السلطات اللبنانية مصدومة مما تعتبره التحوّل المفاجئ والمريب في الموقف الفرنسي، خلافاً للحماسة وللتفهم لوضع الحكومة وتوجّهاتها، اللذين كان عليهما قبل ثلاثة أشهر، ولم تكن مرتاحة للخطاب المطول الذي ألقاه وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان، أمام مجلس الشيوخ الفرنسي قبل أسبوعين، وما تضمنه من انتقادات للسلطة اللبنانية لإحجامها عن القيام بالإصلاحات التي يطالبها بها المجتمع الدولي.

وأوضحت المصادر التي تناقلتها الصحف الفرنسية أن التبريرات والإيضاحات والشروحات، التي قدّموها للضيف الفرنسي في لقاءاتهم المغلقة معه، لم تبدّل حرفاً في بيانه المطوّل، والمعدّ سلفاً، والذي تلاه في مؤتمره الصحافي، واعتبره أركان السلطة بأنّه كان مفرطاً في حكمه وقساوته على الواقع اللبناني.

ونشرت صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية، مقالاً، تحت عنوان: «لبنان.. الهبوط نحو الجحيم». وذكرت الصّحيفة أن لبنان كبّله الإفلاس والأسعار المرتفعة وبات اليوم على حافة الانهيار.

وقالت الصحيفة «إنه بعد تسعة أشهر من استقالة حكومة سعد الحريري، تلاشى الأمل في التغيير بالنسبة إلى غالبية اللبنانيين، مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في بلادهم، وسط تأرجح السياسيين في مفاوضاتهم من أجل الحصول على مساعدة مالية من صندوق النقد الدولي، والتي يتم تقديمها كبابٍ وحيد لإخراج لبنان من حالة البؤس التي بات غارقاً فيها، في ظل بلوغ نسبة التضخم 90 في المئة. كذلك فقدت العملة المحلية أكثر من 80 في المئة من قيمتها في السوق السوداء بسبب نقص الدولار. واختفى كثير من الصيدليات أو المنتجات الاستهلاكية اليومية، بينما ترتفع أسعار المنتجات الأخرى، مثل اللحوم أو الحبوب».

وقال مسؤول فرنسي رفيع، طلب عدم الكشف عن هويته، إن «فرنسا لن تُقدم على أيّ التزام مالي ما لم يتم تطبيق إصلاحات، محذراً من أنه «لا يمكن الحصول على شيء من المجتمع الدولي في غياب الثقة». وقال: «بدأ يفوت الأوان».

واستمرّت هذا الأسبوع، الاجتماعات بين الحكومة والأطراف المعنيّة بالمفاوضات مع «صندوق النّقد الدّولي»، أي مصرف لبنان و«جمعية المصارف»، بهدف توحيد أرقام الخسائر المالية، والاتفاق على الصّيغة النهائية لخطّة الحكومة الإنقاذية، وذلك تمهيداً للعودة إلى طاولة المفاوضات مع «صندوق النّقد» بموقف لبناني موحّد. وفي هذا السياق جدد رئيس «جمعية مصارف لبنان» سليم صفير، رفض «أي هيركات على الودائع»، موضحاً أن خطة «جمعية المصارف» رفضت أي تخلّف عن سداد الديون الخارجية، مشيراً إلى أن الطبقة السياسية الحالية تسعى لنقل مسؤولية الأزمة التي تسببت بها إلى المصارف.