بينما تتسارع وتيرة الجهود المبذولة لعلاج وباء الإيبولا واحتوائه في سيراليون وليبيريا، لا يزال هناك حتى الآن عدد قليل جداً من العاملين الصحيين ومقتفي أثر المخالطين ومراقبي المجتمع على الأرض لمواكبة انتشار المرض، لاسيما في المناطق الحضرية، وفقاً لموظفي وزارة الصحة وعمال الإغاثة. 

وفي هذا الإطار، قال مساعد وزير الصحة الليبيري تولبرت نيينسواه لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "من الصعب بالنسبة لنا خفض معدلات انتقال المرض. فمعظم المستشفيات في مونروفيا لا تعمل بكامل طاقتها حتى الآن. وهناك حاجة إلى المزيد من المراقبة المجتمعية، ولا توجد لدينا هذه القدرات حتى الآن". 

ووصف لينديس هوروم منسق الطوارئ في ليبيريا لدى منظمة أطباء بلا حدود (MSF) الوضع في مونروفيا، بأنه "كارثي" مع ورود تقارير تفيد بإصابة ما لا يقل عن 40 عاملاً صحياً، وإغلاق معظم مستشفيات المدينة وورود تقارير عن وجود جثث ملقاة في الشوارع والمنازل. 

وتعد مونروفيا مدينة مكتظة بالسكان وتعاني من ظروف مزرية في مجال المياه والصرف الصحي. وقال نيينسواه أن هذا التحدي الحضري "غير مسبوق تماماً. حتى بالنسبة لمنظمة أطباء بلا حدود [التي تقوم بإدارة حالات الإيبولا في مقاطعة لوفا على الحدود مع غينيا]، فهذه هي المرة الأولى التي يتعاملون فيها مع الإيبولا في المناطق الحضرية وشبه الحضرية، وهذا يتطلب أساليب وبروتوكولات جديدة حول كيفية إنقاذ الأرواح". 

ففي الفترة بين 7 و 9 أغسطس، تم تسجيل 45 حالة جديدة للإيبولا في ليبيريا، ليصل المجموع إلى 599 حالة. وقد تحملت سيراليون العبء الأكبر من الحالات مع إصابة 730 شخصاً، بينما سجلت غينيا 506 إصابات. ومن أصل ما مجموعه 1,848 من الحالات، توفي نحو 1,013 شخصاً، وفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية. 

وتعد البنية التحتية الصحية في سيراليون وليبيريا من بين الأضعف على مستوى العالم، مع عدم توفر المعدات المناسبة وانتشار المرافق المتهالكة وتوفر عدد قليل جداً من الأطباء في البلدين: نحو 250 طبيباً لتغطية سكان ليبيريا بأكملهم، وذلك وفقاً لستيفن كينيدي من كلية ليبيريا الطبية للدراسات العليا، في حين يوجد في سيراليون طبيب واحد لكل 33,000 مواطن، وفقاً لإحدى تقديرات منظمة الصحة العالمية. 

ووفقاً لبعض التقارير، توفي الشهر الماضي ما لا يقل عن 60 عاملاً صحياً في سيراليون وليبيريا. 

كيف نواجه الأزمة؟ 

قالت منظمة أطباء بلا حدود في بيان أصدرته في 8 أغسطس: "لا بد من رفع مستوى كل من الرعاية الطبية، وتدريب الكوادر الصحية، ومكافحة العدوى واقتفاء أثر المخالطين، والمراقبة الوبائية، أنظمة الإنذار والإحالة، تعبئة المجتمع والتثقيف. ويوجد لدى منظمة أطباء بلا حدود حالياً 66 موظفاً دولياً و610 موظفين محليين للاستجابة للأزمة في البلدان الثلاثة المتضررة، وقد تم تعبئة جميع خبراء الإيبولا لدينا، وهذا ببساطة أقصى ما يمكننا القيام به". 

وشددت منظمة الصحة العالمية في بيان أصدرته في 11 أغسطس أن التشخيص بحاجة أيضاً إلى التحسين، خاصة وأن الأعراض المبكرة للإيبولا تشابه تلك الأمراض الأخرى مثل الملاريا وحمى التيفوئيد وحمى لاسا. 

وقالت منظمة الصحة العالمية أن مرافق العلاج تغص بالمرضى ويقوم بعض منها بصرف المرضى بعيداً مضيفة أن "الكثير من المرافق تفتقر لإمدادات موثوقة من الكهرباء والمياه. وقد استنفذت قدرات منظمات الإغاثة، بما في ذلك منظمة أطباء بلا حدود، التي قدمت جلّ خدمات الرعاية السريرية". 

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في سيراليون يحيى تونس، الذي أكد النقص على جميع الجبهات أن واحدة من المشاكل تتمثل في أن غينيا وسيراليون وليبيريا كلها في وقت واحد "تطلب كل الدعم الذي يمكن أن نحصل عليه". من جهة أخرى، يشعر عمال الصحة بالقلق من أن أكبر مسبب للوفيات في هذه البلدان وهي أمراض الإسهال والملاريا والتهابات الجهاز التنفسي والتي تقتل أكثر من 1,000 شخص، معظمهم من الأطفال، في سيراليون وحدها كل شهر تواجه خطر الإهمال وعدم العلاج لأن الأطباء مشغولون بعلاج الإيبولا. 

تحسن بطيء 

وقال موظفو وزارتي الصحة في ليبيريا وسيراليون أن الأمور تتحسن ببطء في البلدين. ويقوم الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بإنشاء مستشفى متنقل في كينيما في وسط شرق سيراليون، مع توفير 26 عامل صحة وموظف دعم، لدعم مستشفى كينيما الحكومي الذي يواجه صعوبات، على الرغم من قول قائد فريق الاستجابة لمواجهة الإيبولا لدى الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، زكريا عيسى، إنهم واجهوا تحديات لوجستية كبيرة، حيث أدت رحلات الطيران المقيدة إلى إبطاء نشر الموظفين. 

من جهته، قال الوزير نيينسواه أن الوضع في ليبيريا هو أيضاً في تحسن مع وصول معدات لمعالجة الإيبولا في 11 أغسطس، والمزيد من الأفراد من مركز السيطرة على الأمراض، والأهم، الاتفاق مع منظمة أطباء بلا حدود لإقامة وتشغيل مستشفى في مونروفيا لعلاج الإيبولا. 

بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يصل إلى ليبيريا في وقت لاحق هذا الأسبوع كمية غير معروفة من العقارات التجريبية التي يمكن استخدامها للمساعدة في تخفيض معدل الوفيات بسبب الإيبولا أو للمساعدة في حماية عمال الصحة. 

وقالت المتحدثة باسم منظمة أطباء بلا حدود جولي داموند في داكار أن خفض معدلات انتقال المرض في المناطق الحضرية مثل مونروفيا "مثير للقلق بشكل كبير" بسبب الكثافة السكانية، ولكن إذا تم اتباع الإجراءات المناسبة "فلا ينبغي أن يكون أكثر تحدياً". وتتضمن هذه الإجراءات عزل الحالات المشتبه فيها واقتفاء أثر المخالطين والمراقبة الطبية لجميع الذي كانوا على اتصال مع حالة مؤكدة خلال الأسابيع الثلاثة السابقة. 

ويقوم خبراء الصحة من مركز السيطرة على الأمراض، ووزارة الصحة ومنظمة أطباء بلا حدود وغيرها من المنظمات حالياً بوضع اللمسات الأخيرة على بروتوكول إجراءات الاستجابة للإيبولا في المناطق الحضرية. 

وتقوم وزارات الصحة في سيراليون وليبيريا وغينيا بممارسة المزيد من الضغط على الحكومة الأمريكية، ومركز السيطرة على الأمراض ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي لزيادة المساعدات الخاصة بهم. وقدّرت سيراليون أن لديها 7 ملايين دولار من أصل 25 مليون دولار هي بحاجة إليها لمحاربة الإيبولا، في حين تمتلك ليبيريا نحو 6 ملايين دولار من أصل 21 مليون دولار لمكافحة الوباء.