كانت للعلاقات الفرنسية الليبية إبان حقبة العقيد معمر القذافي صلات سيئة في الإجمال، عدا حقبة جورج بومبيدو وصفقة طائرات الميراج الشهيرة، وتخللتها مواجهات مباشرة في حرب تشاد ومواجهات بالوكالة ومنها عمليات إرهابية.

وشاركت فرنسا بشكل في بارز في عملية الإطاحة بنظام القذافي، كما أعقبت أحداث فبراير في سنة 2011 اجتماعات رسمية انعقدت في باريس، بين المسؤولين الفرنسيين والليبيين، لتدبير مرحلة ما بعد القذافي.

إثر سقوط نظام العقيد القذافي،راهنت فرنسا إبان حقبة فرنسوا هولاند على دور منظمة الأمم المتحدة في التوصل إلى الحل السياسي المنشود ووقف التدهور الأمني والاقتصادي، وأسهم ذلك في إبرام اتفاق الصخيرات 2015 بعد مسار طويل وعسير من دون أن يدخل فعلا حيز التنفيذ مع أن مدته الانتقالية تنتهي عملياً أواخر العام 2017.

حاولت فرنسا مع وصول الرئيس الشاب إيمانويل ماكرون أن يكون لها حضورا أكثر ديناميكية حيث همت السلطة الجديدة إلى عقد مؤتمر باريس الذي جمع الشخصيتين الأكثر تأثيرا في الساحة الليبية فائز السراج و المشير خليفة حفتر،لكنه لم ينجح في الوصول إلى حلّ سياسي يخرج بالبلاد من دوامة الفوضى.

رغم ذلك لم تنقطع التحركات الفرنسية،حيث استقبل القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية، المشير خليفة حفتر، اليوم الثلاثاء، في الرجمة، وزير الخارجية الفرنسي، جون إيف لودريان، والوفد المرافق له  وبحث اللقاء بينهما العديد من المستجدات على مختلف الأصعدة المحلية والدولية.

وأشاد لودريان، يوم الإثنين بـالتقدّم الكبير الذي تم إنجازه في جنوب ليبيا على يد القوات المسلحة بقيادة المشير حفتر.

وقال لودريان أثناء زيارة إلى طرابلس "إنّه  تمّ تحقيق تقدّم كبير في جنوب البلاد في مواجهة الجماعات الإرهابية وجماعات الجريمة المنظمة والمنظّمات الأجنبية المسلحة التي أجّجت عدم الاستقرار في المنطقة لفترة".

من جانب آخر،أعلنت بعثة الأمم المتحدة أمس الاثنين عن توقيع الحكومة الفرنسية مساهمة تقدر بـ876 ألف يورو  لـ3 مشاريع تهدف إلى تقديم المساعدات الإنسانية للمجتمعات المتضررة.

البعثة الأممية أوضحت عبر مكتبها الإعلامي أن وزير الخارجية الفرنسي لورديان وقع على المساهمة بحضور مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وممثلّي منظمتي اليونيسف والصحة العالمية في ليبيا.

وأشارت البعثة إلى أن المساهمة تهدف إلى تقديم المساعدات الإنسانية للمجتمعات المتضررة في مجال الصحة والتغذية ودعم السلطات في إجراء انتخابات بلدية ناجحة والتي تنفذها اليونيسف والصحة العالمية والبرنامج الإنمائي.

يأتي هذا التحرك السياسي بالموازاة مع تحرك اقتصادي، فقد حصلت شركة "توتال" الفرنسية، في عام 2018، على حصة شركة "ماراثون أويل" الأميركية بشركة "الواحة" الليبية، لاستغلال موارد نفطية بليبيا، مقابل 450 مليون دولار.

الشركة الفرنسية اعتبرت أن فوزها بحصة في شركة "الواحة" الليبية "تعزيز لقوتها التاريخية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".

وتعمل شركة "توتال" الفرنسية في ليبيا منذ 1954، حيث بلغت حصتها الإنتاجية 31 ألفا و500 برميل من النفط يوميا في عام 2017، متحصلة من استغلال حقلي الجرف البحري والشرارة البري.

في نفس السياق أستاذ العلاقات الدولية في جامعة تكساس الأميركية، إبراهيم هيبه في تصريح لأصوات مغاربية "لفرنسا نفوذ كبير في منطقة الساحل الأفريقي، وتعتمد الشركات الفرنسية على اليورانيوم المستخرج من هذه المنطقة، وترى في الجنوب الليبي امتدادا لمستعمرتها القديمة الغنية بالنفط والموارد الطبيعية، حيث ترى حصتها غير عادلة مقارنة بإيطاليا".

لذلك يمكن الإستخلاص أنه مع وصول الرئيس ماكرون ذو الخلفية الإقتصادية تكوينا و مهنة،أصبحت فرنسا أكثر على الحصول على "نصيبها" من النفط الليبي الذي لم تتحصل عليه أثناء حكم القذافي لذلك راجعت باريس تحالفتها و يبدو أنها تذهب في اتجاه الرهان على الجواد الرابح.