مر أكثر من شهر على إغلاق المؤسسات التعليمية في مدينة مصراتة الليبية، وإعلان حالة الطوارئ فيها، بينما لا تزال أبواق الإخوان تدعو الشباب وطلاب المدارس الى الالتحاق بمراكز التدريب ومنها بجبهات القتال لمواجهة الجيش الوطني، رغم حالة الهدنة المعلنة.

ويصر إخوان ليبيا على اعتماد بعض الفتاوى الدينية وقصص من كتب التراث لتحفيز الأطفال على حمل السلاح، وهو ما يمثل جريمة حرب وفق القانون الدولي.

وتعيش المدينة التي تعتبر مركزا للميلشيات المتطرفة، حالة من النفير العام، تتمثل بالخصوص في تجنيد الشباب والطلبة بعد أغلاق المدارس والجامعات، وجمع التبرعات وتهريب السلاح والذخيرة اليها في سفن تجارية قادمة من تركيا، وإخفائها داخل الأحياء السكنية، بينما تحولت الكلية الجوية بالمدينة الى قاعدة تركية شبه معلنة تعج بالضباط الأتراك والمرتزقة القادمة من الشمال السوري، وتم نصب منظومة للدفاع الجوي داخلها، مع تخصيص مواقع خاصة بإطلاق الطيران المسير.

ومنذ أيام، نعى مسؤولو مدرسة مصراتة المركزية بنين للتعليم الأساسي، أحد تلاميذها، وهو الطفل المليشياوي محمد علي المدير بالراس علي، من مواليد 2005 ومن سكان مدينة مصراتة، والمنضم إلى الميليشيات، وقد قتل في محور ابوقرين شرقي مدينة مصراتة، خلال المواجهات مع القوات المسلحة.

وأعتبر المراقبون ذلك دليلا على طبيعة الميلشيات المسيطرة على المدينة والتي لا تكف عن استعمال الأطفال في جبهات القتال، وخاصة منهم أبناء الأسر الفقيرة والمهمشة ومنتسبي منظمات الرعاية الاجتماعية.

وقال مبروك الغزوي آمر غرفة عمليات المنطقة الغربية بالقيادة العامة للقوات المسلحة أن تجنيد الأطفال بات ظاهرة واضحة للعيان في المدن الخاضعة للميلشيات، حيث يتم الزج بطلبة الإعدادي والثانوي والجامعات الى ساحات القتال، وهناك من يحملون أسلحة وأعمارهم لا تتجاوز 15 عاما، ما يمثل مأساة حقيقية، في ظل غياب الثقافة العسكرية لدى التنظيمات الميلشياوية.

يأتي ذلك، بينما تواجه مصراتة تراجعا في عدد المقاتلين بعد أن فقدت خلال معارك طرابلس ما لا يقل عن 850 مسلحا قتلوا في مواجهات مع الجيش الوطني الى جانب إصابة 4500 آخرين، الأمر الذي دفع المجلس العسكري الى فتح باب التجنيد للشباب والطلبة بدعوى حماية المدينة من الغزاة، في إشارة الى الجيش الوطني.

ودعا مفتي الإخوان الإرهابي صادق الغرياني الجهات المسؤولة في طرابلس الى الاقتداء بمصراتة في أغلاق المؤسسات التعليمية والدفع بالطلبة الى ساحات القتال لدعم الميلشيات، في خرق فاضح للقانون الدولي الذي جرّم تجنيد الأطفال والصبية وفقًا لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1977 والتي تشتمل على سلسلة من القواعد التي تولي للأطفال حماية خاصة.

وتتضمن اتفاقيات جنيف وبروتوكولاها الإضافيان ما لا يقل عن 25 مادة تشير إلى الأطفال تحديدًا، من ضمنها أن تجنيد الأطفال جريمة حرب، سواء أكان طوعيًا بإرادتهم، أو بإجبارهم عن طريق القوة للانضمام إلى القوات المسلحة النظامية أو غير النظامية، ولا فرق في أن يكون التجنيد في نزاع دولي أو داخلي. والطلبة وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف، دعت جميع أطراف النزاع في ليبيا، ومن لديهم نفوذ، لحماية الأطفال ووضع حد لتجنيدهم واستخدامهم في النزاع، ووقف الهجمات على البنية التحتية المدنية، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بأمان ودون عوائق إلى الأطفال وكافة المحتاجين

وقالت المنظمة الأممية، إن عشرات الآلاف من الأطفال في ليبيا معرضون للخطر، داعية أطراف النزاع إلى التوصل لاتفاق سلام “من أجل كل طفل في ليبيا”.

وأوضحت اليونيسيف أن أوضاع آلاف الأطفال والمدنيين تدهورت منذ اندلاع أعمال العنف في طرابلس وغرب ليبيا في أبريل من العام الماضي، لافتة إلى أنها تلقت تقارير عن تعرض أطفال إلى الإصابة أو القتل، بالإضافة إلى تجنيد الأطفال في القتال.