يذهب بنا بيان السفارة الأمريكية بتاريخ 12/7/2020 لقراءة غير متفائلة للقادم، ناسفاً كل المبادرات والمؤتمرات واللقاءات الدولية،  فاتحاً أبواب الصراع المحلي والإقليمي والدولي، وقد ينعطف بــ ليبيا لحرب أهلية أو بمراحل جمود ومراوحة، وينعكس علي ملامح الدولة الوطنية وتغير الخارطة الجيو-سياسية بالدولة، إضافة لفقد مزيد من الأرواح والمقدرات. 

وفي متابعتنا لتطورات ما يجري بالملف الليبي، والذي تغيرت فيه نغمات الخطابات الدبلوماسية الناعمة والبيانات السياسية الداعمة للتهدئة، نري بأن الولايات المتحدة الأمريكية تعيد سيناريوهات متكررة وتذكرنا بمواقف سبقت، فقد جاء بيان السفارة الأمريكية بليبيا بشكل مغاير لما سبق، ودافعاً لمزيد من إطالة وتعميق الأزمة، ومغلقاً لأبواب برلين والقاهرة. ويبدو أن " أمريكا وبريطانيا  ونيابة المبعوثية الأممية" مثلث توافق علي منظور عكسي بقلب الأولوليات حيث، المصالح الإقتصادية تشكل الإطار الأول، لتأتي التوافقات السياسية والعسكرية كـــ روافد ومكملات.  

وبإشارات غير صريحة للبيان الأمريكي، غير المتوازن في وجهة نظري، والذي أدخل كلمة (ما يسمي) بوصفه  القوات المسلحة الليبية، بشكل او اخر، عدم الإعتراف، في تناقض كامل مع مسارات ومحادثات  5+5 في القاهرة وجنيف، وفي تجاوز لكل مخرجات المؤتمرات الدولية، وفي تحد للقواعد الشرعية الوطنية، في المقابل يفتح الباب لمن يلقي السلاح ليلتقي بالحوار، فاذا اعتبر البيان الجيش الليبي الشرعي جهة موازية، وغير معترف بها، وعليهم ترك السلاح والمراجعة، اذا فالباب مفتوح لتركيا للتقدم والمسير للمقاولة الأمريكية تحت مظلة الوفاق المنتهية بحكم برلين وغيرها. 

يشير البيان الي تدخلات أجنبية (غير محددة) حجبت المعالجات والحلول لدفع إيجابي للملف النفطي (توافقاً مع الإجبار الأممي وليس الإختيار الوطني) ،حيث فقد حديث السفارة الأمريكية الإنصاف من جهة، محملاً  المسؤولية في إضاعة الفرصة ومنتقداً  الجيش الليبي الشرعي من جهة أخرى، وكأن المتحدث لم يعرف خرق كل القوانين المحلية والدولية بالإتفاقين العسكري والأمني بين الوفاق وتركيا، وكأنه لم يطلع علي كل التقارير والواقع بدخول الأسلحة والمعدات والمرتزقة والمقاتلين والمسلحين والقواعد العسكرية الموجهة لإحتلال الموانئ النفطية أرضاً، ومحاولات ترسيم الحدود البحرية بحراً، فالمصالح الدولية تري من زاوية ضيقة ولا تميز بين شرعية وأخري. 

لقد دفعت الجهود الدولية في خلط موازين كثيرة، فما قرره المجلس الشرعي "النواب" قامت برفضه تلك القوي، وتجاوزاً لهذا الأمر في هذا المقام، حاول المتحدث الإنصاف والتوازن، بــ القول بــ  "العرقلة غير القانونية للتدقيق بمصرف ليبيا المركزي"، وهو يعرف تماماً بأن المصرف المركزي قدم بيان الترحيب بالتفتيش والتدقيق خلال الأيام السابقة، فهل هي محاولة للضغط علي "الصديق الكبير"أم هي محاولة لتحجيم ممنهج لدور "علي الحبري". ؟

لم يعد لدينا الكثير من أوراق التفاوض والمساعي الحميدة بين المسجونين والفرقاء جميعهم، ظناً أن مغالبة المصلحة الوطنية  ستشكل الخروج الهادئ بعيداً عن مناكفات مجتمعات دولية منقسمة ومنحازة . فالمواجهة لإيجاد حل محلي ليبي قبل الوقوع في مصائد وشباك الصيادين قد تجنب بل ستجنب أو تعطل مخططات مدمرة وتحافظ علي نسيج الاستقلال والسيادة والموارد.