أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، الأربعاء (24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021)، في حكم أولي إن سيف الإسلام القذافي غير مؤهل للترشح لانتخابات الرئاسة المقررة في 24 ديسمبر المقبل. 

وبررت المفوضية قرارها استبعاد سيف الإسلام القذافي بمخالفته شروط الترشّح، وفقا للمادة (10) من قانون انتخاب الرئيس في بندها (7)، الذي ينصّ على ضرورة ألا يكون المترشح قد "صدرت بحقّه أحكام قضائية نهائية في جناية أو جريمة"، كما بررتها بمخالفته المادة 17 في بندها الخامس، الذي يشترط على المرشّح الحصول على "شهادة خلوّ من السوابق"، وفي إطار متابعة "بوابة إفريقيا الإخبارية" لمستجدات وتطورات العملية الانتخابية في ليبيا، أجرت هذا الحوار مع الدكتور خميس الزناتي عضو لجنة الدفاع عن سيف الإسلام لدى محكمة الجنايات الدولية، وإلى نص الحوار: 

-عدم قبول مفوضية الانتخابات لملف سيف الإسلام لا يعني إقصائه البتًة.

-لم نتفاجأ بقرار المفوضية فحسب، وإنما بالأسانيد التي تأسس عليها القرار رقم (79 لسنة 2021 بشأن استبعاد مترشحين لانتخاب رئيس الدولة). 

-هناك شبه إجماع على أن دوافع استبعاد سيف الإسلام سياسية ولا علاقة لها بجوهر القانون.

-الاستدلال بحكم المادة 10 فقرة 7 لا يصلح مانعاً قانونياً.

-لا يوجد أي حجة قانونية لمفوضية الانتخابات أو أي جهة أخرى للاحتجاج بنص المادة 10.

-تستحيل إمكانية الاحتجاج بالمادة 17 فقرة 5 لأن الجهة صاحبة القيد هي نفس الجهة التي منحت سيف الإسلام شهادة بالخلو من السوابق.

-غالبية الشعب الليبي تؤيد سيف الإسلام وكل المؤشرات تؤكد اكتساحه للانتخابات. 

-كل القيود التي وردت على ترشح سيف الإسلام لا وجه لها من الناحية القانونية الصرفة.

-القضاء الليبي اليوم أمام محك تاريخي ليثبت نزاهته ومصداقيته ويستعيد ثقة الناس فيه.


-كيف تابعتم استبعاد سيف الإسلام القذافي من الانتخابات؟

الحقيقة التي ينبغي أن يعيها الجميع هي إن عدم قبول المفوضية العليا للانتخابات لملف السيد سيف الإسلام لا يعني إقصائه البتًة، ولكن دعيني -ومجاراة لهذا القول- أؤكد لكً أن الأمر يكون متوقعاً عندما يكون المترشح بحجم أسم كسيف الإسلام، وليس لأن الملف تعتريه بعض المثالب أو النواقص. 

وفي واقع الأمر نحن تفاجأنا ليس بقرار المفوضية فحسب، وإنما بالأسانيد التي تأسس عليها القرار رقم (79 لسنة 2021 بشأن استبعاد مترشحين لانتخاب رئيس الدولة)، فمن المؤسف أن المفوضية تذرعت بما ورد إليها من ردود من بعض الجهات اعتقدت المفوضية أنها مخالفة لبندين من قانون انتخاب رئيس الدولة، وهما "عدم انطباق" المادة 10 البند 7، والمادة 17 البند 5"، وهذا أمر مستغرب جداً لأن ملف الدكتور سيف الإسلام ملف مستوفي لكل الشروط، بل أن إدارة المباحث العامة نفسها منحت له شهادة الخلو من السوابق، فكيف يستقيم هذا الأمر؟

ومن هنا فالشخصنة في التعاطي مع هذا الملف تبقى محل شك، ونحن هنا لا نتهم المفوضية، ولكننا نستغرب من أسانيدها التي جاءت متعارضة مع ما نص عليه القانون الذي يشترط وجود حكم نهائي والسيد سيف الإسلام لم يصدر بحقه مطلقاً أي حكم نهائي في أي قضية، كما أن ملفه يحتوي كما قلت على المسوغات المطلوبة والتي من بينها شهادة الخلو من السوابق (القيد الثاني الذي أوردته المفوضية). 

-كيف تقرأ أسباب الاستبعاد؟ 

الاستبعاد بني على أساسين يتصلان ببعضهما كما ذكرت آنفاً وكلاهما لا يشكل أساس قانوني، وبمتابعة للكثير من التحليلات واستطلاعات الرأي نجد شبه إجماع على أن الدوافع كانت سياسية ولا علاقة لها بجوهر القانون، وهذا التحليل ذهب إليه جل المعلقين والمراقبين المحليين والأجانب، وهذا يعني أن كل ما يثار من زوابع هو لا علاقة له بصحيح القانون لا من قريب ولا من بعيد.

وللأسف الشديد المفوضية استندت أيضاً على نص المادة 37 من قانون العقوبات التي تنص على إن كل شخص يحكم عليه بالإعدام يفقد أهليته القانونية وهذا تفصيل عام يتعلق بالأحكام النهائية وليست الأحكام الغيابية ناهيك بحكم تم نقضه وأصبح في حكم العدم.

-ماذا عن المادة 10 من قانون انتخاب الرئيس التي لجأت إليها المفوضية ومدى تطابقها مع حالة سيف الاسلام؟

الاستدلال بحكم المادة 10 فقرة 7 لا يصلح مانعاً قانونياً فهي تقتضي صدور حكماً قضائياً نهائياً يسقط أهلية التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وهذا الأمر لا يتعلق بالدكتور سيف الإسلام بتاتاً فالحكم الغيابي الصادر بحقه تم نقضه، فمن الناحية القانونية تفسير الأمر لا يحتاج إلى عناء كبير فالحكم النهائي في نظر القانون هو الحكم الذي لا يقبل الطعن بالطرق العادية. وحتى لو سلمنا جدلاً بالاحتجاج بالحكم الذي صدر عن محكمة جنايات طرابلس فنجد أنفسنا أمام حكم وصف بالغيابي وهو حكم تهديدي غير قابل للتنفيذ، علاوة على أن يكون نهائياً فما بالكم وقد أبطلته المحكمة العليا في شهر مايو الماضي، وبالتالي يزول هذا الحكم وتزول معه كل آثاره إن وجدت أصلاً، والحجة الآن لحكم المحكمة العليا التي نقضت حكم محكمة جنايات طرابلس بإعادة النظر في الدعويين الجنائية والمدنية مجدداً أمام هيئة أخرى، وكما يعلم الجميع أن القضية معروضة للمداولة من جديد أمام محكمة جنايات طرابلس لإعادة المحاكمة فيها من جديد.

وبالتالي نستطيع القول جزماً إنه لا يوجد أي حجة قانونية للمفوضية أو أي جهة أخرى للاحتجاج بنص المادة 10.

-من الناحية القانونية.. ما مدى مشروعية قرار الاستبعاد؟ 

الاستبعاد بني كما ذكرت على حكم محكمة زائل، وبالتالي تزول معه كل آثاره، فالقضية 630-2012 نقضتها المحكمة العليا برمتها وأعادت تداولها من جديد أمام هيئة قضائية أخرى وأمام نفس المحكمة التي صدر منها الحكم المنقوض، وبالتالي فأن الحكم محل الاعتبار الذي يرتب الآثار القانونية هو حكم المحكمة العليا وليس حكم محكمة جنايات طرابلس. وهذا الحكم بالنقض يشمل جميع المتهمين في القضية المذكورة ولو لم يقدموا طعون، بل يكفي أن يتقدم واحداً منهم عندما تكون التجزئة غير ممكنة وتكون الأوجه التي بني عليها النقض تتصل بغيره من المتهمين معه في الدعوى وفي هذه الحالة يحكم بنقض الحكم بالنسبة إليهم أيضاً ولو لم يقدموا، وهذا نص صريح لا لبس ولا غموض فيه ولا اجتهاد مع النص. 

واعتقد جازماً أن القضاء الليبي صاحب التاريخ العريق في النزاهة سيحسم الأمر بسهولة، كما أنه من جانب أخر تستحيل إمكانية الاحتجاج بالمادة 17 فقرة 5 لأن الجهة صاحبة القيد هي نفس الجهة التي منحت السيد سيف الإسلام شهادة بالخلو من السوابق، وبعيداً عن ذلك أيضاً أنه وطيلة هذه المدة كان السيد سيف الإسلام متمتعاً بكل حقوقه المدنية والسياسية، فقام برفع دعوى أمام القضاء الليبي في أكثر من مناسبة.

وأذكر بأن قانون المباحث الجنائية والمعدل بقرار رقم 92 لمجلس الوزراء لسنة 2013 يشترط صدور حكماً نهائياً لكي يدرج المتهم بأن له سوابق، فمن أين جاء هذا القيد ومتى؟!.

بل وحتى على مستوى ما يعرف بالعقوبات الدولية ولأول مرة منذ 10 سنوات تنأى محكمة الجنايات الدولية عن المطالبة بتسليمه ومحاكمته حتى ان التقرير الثاني والعشرين الذي قدمه المدعي العام بمحكمة الجنايات الدولية في إحاطته أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي، أكد عدم حيادية هذه القضية ما جعله -أي المدعي العام الدولي د. كريم خان- يتنحى عنها ويؤكد اختصاص القضاء الوطني بها ويحيل متابعتها لنائبه جيمس ستيورات. 

-ما تفسيرك.. كيف يتم استقبال الأوراق من قبل لجان مختصة بفروع المفوضية، إذا كان هناك خلل فيها من الأساس؟

• توجد وباعتراف رئيس المفوضية نفسه العديد من الأخطاء الفنية والصعوبات التقنية والتخبط الإداري ناهيك عن التخبط التشريعي الذي طال حتى المجلس الأعلى للقضاء نفسه، وخير شاهد على ذلك التعديلات وإلغائها، وقد حدثت بعض هذه التعديلات بعد بدء عملية البت في طلبات المترشحين وهي حالة غريبة، وفي كل الأحوال نحن لن نستبق الأحداث ونثق في عدالة ونزاهة هذه المؤسسات وعليها عبء إثبات ذلك. 

-ما تعليقكم على ما دار في محيط محكمة استئناف سبها أثناء قدوم محامي سيف الإسلام القذافي لحضور جلسة البت في الطعن؟

مؤسف جداً هذا السلوك الهمجي الذي يعكس حالة الإفلاس الأخلاقي قبل السياسي التي أصابت أصحاب النفوس الضعيفة وأصحاب الأجندات الخفية، لأنه بمجرد وجود سيف الإسلام ستختفي كل المظاهر الخادعة ومن هنا فأن سلوكها الوحيد سيكون ممارسة الغوغائية وخلق مناخ من الفوضى ومع أن السلوك استهدف قضاة المحكمة وكل كادرها واستخدم فيها التهديد بالسلاح الناري، ولكن هذا الأمر مر مرور الكرام ولم تتخذ أية إجراءات صارمة حياله، أما الأستاذ خالد الزائدي فكان يؤدي واجبه وأدلى بتصريح من عين المكان استنكر فيه هذا الفعل. 

-ما هي الخطوات القانونية القادمة لفريق سيف الإسلام تجاه هذه التطورات؟ 

القانون كفل لكل ذي مصلحة حق الطعن أمام اللجان الابتدائية، وأيضا الطعن في قرارات هذه اللجان أمام لجان الاستئناف وحدد المعايير الواجب مراعاتها، واعتقد أن الفريق القانوني للدكتور سيف الإسلام على وعي بكل ما ينبغي اتخاذه من خطوات حسب تطورات الموقف القانوني لملف موكله. 

-هل يؤثر الاستبعاد على مجريات الانتخابات الليبية؟

الذي يعيه القاصي والداني أن الشعب الليبي -وأقولها بكل تجرد- وبكل أطيافه يلتف اليوم حول الدكتور سيف الإسلام أكثر من أي وقت مضى، ولعلكم تابعتم سيل المظاهرات العارمة التي شهدتها مناطق في ليبيا احتجاجاً على قرار المفوضية، وأيضا جل مجالس القبائل أصدرت بيانات مرئية ومكتوبة استنكرت فيها قرار المفوضية ورفضته وأكدت تمسكها بالسيد سيف الإسلام وترك الأمر لصناديق الاقتراع، ومن هنا أي تعنت سوف يؤدي لتقويض العملية الانتخابية لأن غالبية الشعب الليبي تؤيد سيف الإسلام وكل المؤشرات تؤكد اكتساحه للانتخابات. 

-هل سجلتم ملاحظات أو طعون ضد بقية المنافسين؟

نحن غير معنيين بالطعن في باقي المترشحين ذلك أن دخول الدكتور سيف الإسلام إلى العملية الانتخابية لم يكن لغاية السلطة أو مقتضيات الحكم فهذا الأمر لم ولن يشغل بال سيف الإسلام مطلقاً، لأن القضية بالنسبة له هي انتشال الوطن وإعادة بناء نسيجه الاجتماعي من خلال مصالحة وطنية ناجزة وكذلك توحيد مؤسسات الدولة واسترجاع هيبتها وسيادتها بعد كل هذه السنين العجاف التي أعقبت غزو الناتو لليبيا سنة 2011 وأحالت ليبيا إلى العدم، وبالتالي فالمشروع الوطني للدكتور سيف الإسلام هو أكبر وأسمى وأرفع من أن يتم اختزاله في تنافس على السلطة أو تتبع عورات أطراف معينة.

والأهم أن الشعب الليبي قادر على أن يميز الغث من السمين، ويعرف الصالح والطالح، والوطني والعميل. 

في الختام.. ما نسبة عودة سيف الإسلام للسباق الانتخابي؟

كل القيود التي وردت على ترشح الدكتور سيف الإسلام لا وجه لها من الناحية القانونية الصرفة، والقضاء الليبي اليوم أمام محك تاريخي ليثبت نزاهته ومصداقيته ويستعيد ثقة الناس فيه، ومن هذا المنطلق وبما أنه تنعدم جميع الموانع القانونية فالأمر ليس محل تكهنات، وإنما هو حتمية بلغة القانون مثلما أن سيف الإسلام نفسه حتمية شعبية ومطلب شعبي، والشعب الليبي قال كلمته واستطلاعات الرأي أظهرت بما لا يدع مجال للشك أن الأمر لن يكون مجرد سباق رئاسي، وانما هو سيكون عرس شعبي تستعيد فيه ليبيا سيرتها الأولى عزيزة مهابة.