"ستضع أموالك أو الغذاء الذي تتبرع به، ومثل أي بنك ستكون لك أرباح، لكن هذه الأرباح لن تقدمها لك إدارة البنك، بل هي مؤجلة إلى الآخرة، حيث تحصل عليها إن شاء الله على هيئة حسنات تثقل ميزانك يوم القيامة"، في هذا البنك، بهذه الكلمات لخص رضا سكر، المدير التنفيذي لبنك الطعام فكرة العمل به.

وفي لقاء خاص مع وكالة الأناضول، أوضح سكر أن بنك الطعام يستقبل التبرعات العينية "على هيئة أغذية " والمادية " على هيئة أموال لشراء الأغذية " وكل ذلك يصب في صالح مشروع "الكرتونة (صندوق من الورق المقوى) الغذائية" التي يتم تقديمها للفقراء على مدار العام، غير أن لشهر رمضان خصوصية خاصة، بحسب سكر.

ويضيف "قبل شهر رمضان بشهرين نحن نعمل على مدار الـ 24 ساعة، ونستهدف هذا العام توفير مليون (كرتونة) تغطي كل محافظات الجمهورية، غير أن محافظات الصعيد ستحظى بالاهتمام الأكبر، كونها الأكثر معاناة من الفقر".

ويمر تجهيز الكرتونة الرمضانية التي يعدها البنك بأربع مراحل شاهدها مراسل " الأناضول" بمقر البنك بمنطقة روض الفرح بالقاهرة ، تبدأ بمرحلة التجهيز، وتقوم على هذه المرحلة ماكينات يعمل على كل واحد منها عاملين، ففي " الماكينة " المخصصة للأرز على سبيل المثال، يقوم العامل في الجزء العلوي من الماكينة بإفراغ محتويات العبوات الضخمة من الأرز في محيط دائري، وأسفل هذا المحيط الدائري يوجد ما يشبه السواعد التي تتلقى الأرز، ثم تضعه في أكياس، يتم إغلاقها آليا، قبل أن يقوم عامل بتلقى هذه الأكياس ووضعها في حاويات ضخمة.

تنتقل هذه الحاويات بعد ذلك في المرحلة الثانية عبر رافعات إلى مجموعة من الشباب بعضهم متطوع والبعض الآخر يعمل بأجر، ليقوموا بالمرحلة الثالثة وهي وضع ما في هذه الحاويات من أغذية في "كرتونة رمضان"، لتأتي رافعات تنقل هذه "الكراتين" إلى سيارات النقل الثقيلة.

 وحول محتويات كل " كرتونة " قال علي عمران، وهو أحد مهندسي خط الإنتاج بالبنك لمراسل وكالة الأناضول، أنها تشمل " 2 كيلو أرز، 1.50 كيلو سكر، 100 جرام شاي، 400 جرام ملح، 700 جرام مكرونة، 750 جرام عدس أصفر، 750 جرام لوبيا، كيلو ثمن، عبوة صلصة طماطم، عبوتان لحوم بالخضار، عبوتان من الفول".

وتكفي "الكرتونة" الواحدة بهذه المواصفات والمكونات شخص واحد طوال شهر رمضان، غير أن البنك لديه ثلاثة أحجام من "الكراتين"، إحداها تكفي شخص واحد، والأخرى تكفي ثلاثة أفراد، والثالثة خمسة أفراد، بحسب ما شاهده مراسل "الأناضول" بمقر البنك.

ويخضع توزيع هذه " الكراتين " لمعايير وضعها البنك، ويقول عمران " ينبغي أن نتأكد من وصولها لمستحقيها، ونتعامل في هذا الإطار مع بعض الجمعيات المحلية، كما يقوم مشرفين تابعين لنا بالتأكد من توصيل تلك الجمعيات ( الكرتونة ) لمستحقيها".

ويستقبل البنك طلبات الجمعيات الراغبة في تجهيز "الكراتين" لتقديمها للفقراء، بعضها يقدم دعما لعملية التجهيز حسب قدراته، والبعض من الجمعيات محدودة الإمكانيات لا يقدم أي دعما، بحسب عمران.

وبلغة البنوك التقليدية استطاع بنك الطعام المصري قبل رمضان جمع أرصده ضخمة من الأغذية التي ستوضع في كرتونة رمضان لتوصيلها لهذه الجمعيات.

ويقدم خالد مصطفى، نائب مدير المخازن بالبنك، حصرا لحجم الأرصدة التي جمعها البنك، وهي كما يقول لمراسل الأناضول "4 آلاف طن أـرز، 3 آلاف طن سكر، ألفي طن مكرونة،  1200 طن عدس أصفر، 1200 طن لوبيا، مليون علبة صلصة، 2 مليون علبة فول، مليون علبة سمن، مليون عبوة شاي، مليون كيس ملح، ألف طن بلح".

هذه الأرصدة التي جمعها البنك بتبرعات عينية أو مادية ليست الوحيدة، فهناك شكلا آخر من الأرصدة، وهي "رصيد المجهود"، أصحابه مجموعة من المتطوعين الذين يعملون بالبنك بدون مقابل في مهمة تجهيز "الكراتين".

يقول محمد عمارة " 25 عاما " وهو طالب بكلية الهندسة بإحدى الجامعات المصرية، وأحد المتطوعين "لا أملك أموالا أو تبرعات عينية كي أضعها كرصيد في البنك ، لكني أملك مجهودا أضعه كرصيد عسى أن يثيبني الله عليه في الآخر حسنات".

ويبلغ عدد المتطوعين في البنك 45 متطوع يوميا، يعملون لست ساعات يوميا، يراها عمارة " أقل شيء يمكن أن يقدمه للفقراء في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها مصر".ويضيف " تشعرني هذه الساعات الست براحة نفسية، لا يشعر بها أقراني ممن لا يستثمرون أوقاتهم في شيء مفيد".