منذ منتصف يناير الماضي، أطلق الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر عملية عسكرية في الجنوب الليبي بهدف تحريره من قبضة التنظيمات الارهابية والعصابات الاجرامية.وطيلة الأسابيع الماضية تمكنت القوات المسلحة الليبية من السيطرة على أبرز مدن الجنوب على غرار سبها ومرزق وتراغن كما بسط سيطرته على أهم المواقع الحيوية في المنطقة وأمن الحقول النفطية.

ومع نجاح الجيش الليبي في التقدم في حربه على الارهاب في الجنوب،وبالأخص بعد سيطرته مؤخرا على حدود ليبيا كاملة باستثناء تلك التي مع تونس، التي تعد أهم المناطق التي كانت تتمركز بها العناصر الارهابية والعصابات الأجنبية،تحركت آلة القتل الأسود لتحصد أرواح الأبرياء في محاولة يائسة لبث البلبلة والانتقام لهزائم الجماعات المسلحة التي تريد الأبقاء على حالة الفوضى.

وفي صورة وحشية لاستهداف الأبرياء،داهم مسلحون منزل بحي سكرة في مدينة مرزق الليبية "157 كم عن سبها"، يوم الجمعة، بحثًا عن رب العائلة الموالي للجيش الوطني الليبي، وقتلوا بدم بارد الطفلين: عبد الله علي عبد الله صالح، ويبلغ من العمر 4 سنوات بطلقة في العين، وابن عمه وائل عبدالله رجب صالح ، ويبلغ من العمر 14 سنة، بطلقة في الرأس أمام والدتيهما.

وقالت تقارير إعلامية أن المجموعة المسلحة اقتحمت منزل المواطن "علي عبد الله صالح" الذي يعمل في القوة المساندة لقوات الجيش الوطني، وأطلقت الرصاص على الطفلين بعد أنْ علمت بغياب رب العائلة عن المنزل في مهمة عمل.ولقيت الحادثة البشعة استنكارا واسعا من قبل أهالي المدينة الذين أدانوا هذا العمل الإرهابي والجريمة البشعة التي راح ضحيتها أطفال أبرياء.

من جهتها،وأدانت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا من خلال بيان صدر، فجر السبت، مقتل الطفلين، معلنة "استنكارها الشديد حيال الجريمة البشعة التي ارتكبها مسلحون يتبعون لقبيلة التبو".وأكدت اللجنة أن هذه الجريمة البشعة تمثل جريمة حرب مكتملة الأركان، وذلك وفقًا لما نص عليه القانون الدولي الإنساني، مطالبة مكتب النائب العام بفتح تحقيق شامل بهذه الجريمة البشعة، وتحديد هوية الجناة، وضمان تقديمهم للعدالة، ومحاسبتهم. 

كما طالبت قيادة عمليات الجيش الليبي في الجنوب بتوضيح كامل ملابسات هذه الواقعة التي ارتُكبت بحق الطفلين الضحيتين، وتحديد الطرف المسؤول عن هذه الجريمة ، باعتبار مدينة مرزق ضمن مناطق الجنوب الليبي التي تشهد عمليات عسكرية تشرف عليها قيادة الجيش بشكل مباشر .

وذكَّرت اللجنة جميع الأطراف بمسؤوليتهم القانونية والإنسانية بضمان أمن و سلامة وحماية المواطنين، وعدم المساس بالمدنيين تحت أي ذريعة، وعدم استهداف الأحياء السكنية، والمرافق المدنية، وكذلك ضمان السماح بوصول المساعدات الإنسانية والطبية إلى السكان المدنيين، والمرافق الطبية، والتقيد التام بالقانون الإنساني الدولي، والقانون الدولى لحقوق الإنسان.

وحثت اللجنة "جميع أطراف النزاع تجنب استهداف المدنيين وتعريض أرواحهم وحياتهم وسلامتهم للخطر"،مجددة التأكيد على أن استهداف المدنيين أثناء النزاعات المسلحة والحروب،   يمثل انتهاكًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي، ويرقى إلى مصاف جرائم الحرب التي لا تسقط بالتقادم.

وتأتي هذه الجريمة البشعة في محاولة من الجماعات المسلحة لبث البلبلة والتغطية على هزائمها.وكان قد أفاد المركز الإعلامي باللواء 73 مشاة، أمس، أن القوات المسلحة العربية الليبية ترصد كل التحركات من أقصى الجنوب الغربي إلى الجنوب الشرقي.وشدد على أن الجيش لن يتهاون مع من يحاول الإخلال بأمن الجنوب.

وأضاف، أن هناك مجموعات وصفها بالإرهابية، تحاول أن ترجع العصابات التشادية إلى الجنوب، موضحا أنها قد تحركت من جنوب تراغن باتجاه مرزق، بعدد من السيارات المسلحة، وأن هناك مجموعة أخرى موجودة في موقع يبعد عن مرزق بنحو ستة كيلومترات.

وتعتبر الإغتيالات سلاح العصابات المسلحة والعناصر الارهابية أمام تراجعها في الميدان،وشهدت مدينة مرزق في فبراير الماضي،قيام قتّل مسلحين تابعين للعصابات الإجرامية،بإغتيال مدير أمن مديرية مرزق، عميد إبراهيم محمد كري، داخل منزله،وذلك على خلفية تعميم وجهه عبر اللاسلكي لقوات الأمن بالالتحام مع القوات المسلحة وعدم التعرض لها أثناء دخولها إلى مرزق،بحسب تقارير إعلامية.

وكانت قوات الجيش الليبي، أعلنت في 21 فبراير الماضي، فرض سيطرتها بالكامل على مدينة مرزق ضمن عمليات تطهير الجنوب.بعد أسابيع من الحصار والتفاوض والاشتباك، مع المجموعات المسلحة المناوئة للجيش، والتي كانت تتحصن داخل المدينة.وأكدت شعبة الإعلام الحربي،حينها أن قوات الجيش صادرت مجموعة من الآليات والأسلحة من العصابات التشادية، كما أسرت العديد منهم،مؤكدة في الوقت ذاته استمرارها فى مطاردة فلول المرتزقة والإرهابيين.

وتتالت انتصارات الجيش الليبي في الجنوب مؤخرا،ومنذ بداية الأسبوع الماضي يعلن المتحدث باسم الجيش الوطني، أحمد المسماري، تباعاً السيطرة على مدن وبلدات في الجنوب من قبضة التنظيمات الإرهابية والعصابات الإجرامية العابرة للحدود التي تنشط في مجالات التهريب الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر.

ويعتبر تحرير الجيش الوطني الليبي لمدن الجنوب الليبي خطوة هامة في اطار تحرير كامل ربوع ليبيا،لكن الكثير من المتابعين للشأن الليبي يرون أن الجيش،أمام مهمة صعبة تتمثل في تأمين مناطق الجنوب، وضبط الحدود الممتدة على آلاف الكيلومترات في الصحراء، والمليئة بمختلف الجماعات والعصابات الممتهنة التهريب بمختلف أنواعه من سنوات طويلة، كما يقع على عاتقه البدء في التعاطي مع ملف الهجرة ومحاولة ضبط هذا الملف، والعمل على معالجته، ولكن الأهم من كل ما سبق، هو العمل من أجل تحقيق مصالحة حقيقية بين المكونات الاجتماعية التي تعيش خلافات تراكمت منذ سنين.