ليست هذه أول مرة تحاور فيها بوابة إفريقيا الإخبارية، الكاتب والأديب "رامز النويصري" صاحب موقع (بلد الطيوب) أول المواقع الالكترونية بليبيا، والذي يتجاوز عمره العقدين الآن والمهتم بالشأن الثقافي والأدبي في ليبيا والتوثيق لهذه.

الموقع الذي استحق أن يكون المرجع الأهم لكل مهتم ومتابع للنشاط والمنجز الأدبي بهذا البلد، والذي صار يحمل الآن اسم (طيوب) حاليا بعد التطوير ودخوله على مراحله الأخيرة تقنيا.

البوابة وهي تتابع أخباره ونشاطاته عن قرب وباستمرارية فهذا ينبع من حرصها على متابعة الشأن الثقافي بليبيا ورصد كل النجاحات الأدبية والفنية بها.. لكن هذه المرة توجب على البوابة العودة لمحاورته بعد أن تحصل الموقع وبالنقلة الأخيرة له على قلادة (الكون)... في أول انطلاقها وأول تكريم لها (لـ رامز النويصري).. تقديرا لمجهوداته العظيمة ولقرابة العقدين في تأسيس الموقع وإدارته والوصول به للقمة نجاحاته. 

وهذه محصلة حوارنا مع كاتبنا وصاحب موقع طيوب "رامز النويصري"


منذ البداية .. نعلم أن بلد الطيوب أقدم موقع ثقافي بليبيا .. وأنك شرعت بالعمل عليه بزمن لم تكن حتى التقنيات تطورت حينها أو اكتمل منجزها، نعلم أيضا صعوبات البدايات لنبدأ اذن من صفر هذه البداية؟

-عندما بدأت الدخول لعالم الإنترنت، كنت مشدوها ومشدوداً بقوة إليه، بالرغم من الصعوبات التي كانت تواجهني للتواصل بشكل مستمر. خاصة وإنه كان يتيح فرصة للتواصل مع أدباء وكتاب من خارج ليبيا. 

وهكذا في منتصف العام 2000م، تقريباً جاءتني فكرة إنشاء موقع لنشر كتاباتي، واخترت أن أسميه (المشاكس)، وهو اللقب الذي عرفت به بين الأصدقاء كوني كتبت قصيدة بذات الاسم، واستخدمت هذه المفردة في بعض من نصوصي الأولى، لكني بعد أن توصلت للاستضافة المجانية اخترت أن أكون أكثر عقلانية واخترت اسم (خربشات).


في تلك الفترة هل تواصلت مع جهات أخرى كانت تعمل على نفس المنوال الذي كنت تهدف إليه .. جهات ثقافية ومواقع ويب تعمل تقنيا على المادة الثقافية ؟

-نعم في تلك الفترة كنت أتواصل مع بعض المواقع الثقافية ومنها مجلة (أفق) التي كانت من أولى المجلات العربية الأدبية على الإنترنت، للصديق الشاعر الكويتي "محمد النبهان"، وهو صاحب المجلة، التي لاقت نجاحاً لافتاً ولها إصدارات إلكترونية، وكنت ممن نشرت لهم.

في إحدى المراسلات طلب مني "النبهان" أن أكتب شيئا عن الأدب الليبي، فكتب دراستين تم نشرهما عبر المجلة، ليعيد "النبهان" ذات الطلب وهو يقول: للأسف الأدب الليبي غير معروف. هنا سألت: لماذا لا يكون للأدب الليبي مكان على هذه الشبكة؟


إذن من هنا كانت الانطلاقة ؟

نعم لكن في تلك الفترة، كانت هناك تجربة مميزة للتعريف بالأدب الليبي قام بها الدكتور "إبراهيم غنيوة" من خلال موقع (ليبيا وطننا)، فكرت في هذه التجربة، وقلت قد تكون كافية، لكني تداركت وقلت: إنها من خارج ليبيا، لماذا لا يكون الموقع من داخل ليبيا؟

وهذا ما كان، بدأت بإنشاء ملف بموقعي الشخصي (خربشات)، خاص بالأدب الليبي به قائمتين؛ قائمة الأدباء الليبيين، وقائمة الأدباء الشباب. بدأت العمل في تجميع بعض المواد وإعادة جمعها على الكمبيوتر، حتى تكونت نواة لموقع، فقمت بإطلاقه في 22 سبتمبر 2000م، من خلال استضافة مجانية.

استمر موقع بلد الطيوب على ذات الاستضافة المجانية حتى تحوله إلى الاستضافة المدفوعة في العام 2004م، وبدأت الموقع ينمو وتتراكم فيه المواد في مختلف أجناس وأشكال الإبداع. حتى تاريخ اليوم.


هذا تراكم توثيقي وجهد ضخم ولم تكن التقنيات حينها تعمل بنفس اليسر والسهولة التي نعمل عليها هذه الأيام  .. كيف تصرف رامز حينها؟

-نعم كان الأمر كذلك كانت التقنيات ببدايتها وما عملت عليه وجمعته من مادة أدبية وإبداعية  كان عمل ضخم  وهنا وجدت نفسي مجبر على تعلم الكثير من تقنيات الويب، وما يتعلق بتصميم صفحات الويب، إضافة إلى إجادة استخدام بعض مبادئ لغات برمجة الصفحات، وبعض البرامج كالفوتوشوب، وغيرها.

-الموقع (بلد الطيوب) حينها هذا كان اسمه ومن غير الصعوبات المادية نتيجة لكونه جهد فردي تعرض للكثير من المطبات .. لعل أهمها إنه حتى المثقفين والادباء الليبيين تجابوا مع الموقع بحذر وقلق شديد في البداية.


كيف تصرف رامز ونجح في تجاوز هذه العقبة خاصة وأن هدف الموقع الرئيسي هو خدمة المثقفين بليبيا وتوثيق كل المنجز الثقافي بها؟

الموقع خلال مسيرته تعرض للكثير من المطبات، لعل أولاها عدم تقبل الأدباء والكتاب الليبيين له بالشكر المطلوب، ربما تخوفا أو جهلاً، لكنه خلال السنوات الأولى لم يقبل غالبية الكتاب على الموقع بشكل كبير، لذا كنت أقول بشكل دائم بالتواصل معهم واستلام المواد وتحويلها من شكلها الورقي إلى الرقمي. 

ويمكنني القول إن موقع بلد الطيوب في العام 2005م صار معروفا بشكل أكبر، وكون قاعدة وجمهور متابع له، وتوجه الكثير من الأدباء والكتاب العرب للنشر عبر الموقع، وبشكل خاص الشباب (وقتها)، ولكن لأن الموقع بالأساس موجه للأدب الليبي، فإنا نقوم على تحجيم هذه المشاركة، وإلا لطغت على الموقع. وهو ما لفتت نظر الأدباء في ليبيا ذات جلسة.

وهنا أشير إلى إن الكثير ممن نشر على الموقع من الأدباء والكتاب العرب، في بداياتهم، هم الآن أسماء لديها حضورها الثقافي المميز.

بلد الطيوب لم يكن عزفا منفردا .. بل ومن خلال الموقع صدرت مجلة المقتطف كذلك العديد من الصفحات الأخرى والتي لها اهتماماتها المختلفة (أي بنات الموقع) كذلك الموقع مارس مهام الناشر فصدر عنه عشرات الكتب الإلكترونية. كان الأمر صعبا وأنت تدير الموقع بمفردك ؟؟ حدثنا كيف تجاوزت هذه المشاق .. خاصة وأن مجلة المقتطف توقفت بعد فترة من إصدارها المتعدد؟

-صدر عن الموقع في العام 2001، وتحديدا 15 نوفمبر 2001م، العدد الأول من مجلة (المقتطف)، وكنت قد عرضت الفكرة على مجموعة من الأصدقاء واقترحت للمجلة اسم (ليبيا) فاعترض الجميع على الاسم، باعتبار ما قد يحمل الاسم من دلالات، وربطها إقليمياً، فاخترت (المقتطف) كونها محاولة لقطف بعض من فاكهة الأدب والثقافة الليبية. وبالرغم من وعد الأصدقاء، لم أتلقى أي مساندة منهم. لذا بدأت العمل في هذه المجلة، التي كانت تصدر بشكل نصف شهري، تحتوي على مجموعة من الأخبار والمتابعات، كنت أقوم على كتابتها بنفسي. 

من الطرائف التي صاحب صدور الأعداد الأولى للمقتطف، استدعائي للتحقيق من طرف الإعلام الخارجي على خلفية، خبر في أحد مواقع المعارضة، استعان بأحد أخبار الموقع، حيث تمت صياغة الخبر؛ أفادنا الصديق رامز النويصري....، الحمد لله التحقيق أنتهى في تلك الجلسة.

مجلة المقتطف توقفت في ديسمبر العام 2012م، بعد أن صدرت منها 80 عدداً، وبسبب المشاغل بين الموقع والعمل، ومن بعد الأسرة، وجدت نفسي غير قادر على الاستمرار في إصدار هذه المجلة، التي كانت حقيقة من أولى المجلات الليبي الإلكترونية على الإنترنت. وهنا أجد من واجبي أن أشكر الصديق "الحبيب الأمين" الذي عندما سمع بتوقف بلد الطيوب (وكان من المداومين على النشر بالموقع) وكان يشغل وقتها مسؤولية وزارة الثقافة، عرض علي دعم الموقع والمجلة، لكني شكرته وقلت له مشكلتي في الوقت، ليس أكثر.

ومما يحسب للموقع أنه بادر بإصدار الكتب الإلكترونية من خلال سلسلتين، واحدة للكتاب الليبي وأخرى للكتاب العربي، وهي مازلت مستمرة، وصدر عن منشورات الطيوب حتى اليوم 57 كتابا إلكترونياً. هذا دون أن أنسى خوص الموقع لتجارب فيما يتعلق بالنص الإلكتروني والقصيدة الإلكترونية.


-نعود للصعوبات المادية وكيف وبعد قرابة عقدين من الصعوبات تم تجاوزها؟

-من المطبات التي واجهت الموقع، اضطرارنا للتوقف عن النشر نتيجة امتلاء مساحة الموقع، وبفضل السيد "غسان الفرجاني" تمكنا من حجز مساحة غير محدودة للموقع، واشتراك مدفوع حتى العام 2023م. كما إن بعض المشاكل الفنية تم حلها بدعم من الشاعر "خالد مطاوع"، قبل أن نتلقى عرض الشراكة من مؤسسة تاسيلي الإعلامية، لتقديم الدعم الفني لموقع ليظهر بالصورة التي هو عليها الآن. كما إن هذه الشراكة تتضمن الكثير من الأعمال والبرامج الثقافية.


بعد عقدين من الاجتهاد والعمل الذاتي والعديد من الظروف التي مر بها بلد الطيوب هاهو اخيرا يتجاوز كل هذه الصعوبات ليصير موقع (طيوب ) باسمه الجديد، ويصير موقع استثماري ويحظى بالدعم التجاري أخبرنا عن هذه الرحلة؟

الموقع تغير على مدى سنواته ، ليتحول من العام 2015م لتقديم خدمة إخبارية بشكل يومي، إضافة إلى ما يقدمه من خلال ملفاته والتي تهتم بكل صنوف الإبداع.

وفي العام 2019م، وف شهر يوليو تم عقد شراكة مع مؤسسة تاسيلي الإعلامية، لتطوير الموقع وتقديم الدعم الفني، والذي ظهر بشكل كبير وواضح من خلال تغيير تصميم الموقع. إضافة إلى أن خطة الشراكة تضمن الكثير من المشاريع الثقافية التي تخدم الأدب والثقافة الليبية، والتي تحمل الكثير من المفاجآت.

ما مكان الموقع الآن على صفحات الويب.. وما هو موقعه وترتيبه على محركات البحث؟

-الموقع الآن يتصدر محركات البحث فيما يخص الأدب الليبي، حيث لدينا الآن أكثر من 13 ألف وستمائة منشور في مختلف أجناس الإبداع، 90% منها منشورات في الأدب والثقافة الليبية.. وأكثر من 350 كاتب وأديب، أكثر من 95% منهم ليبيون.

كما أن الموقع قدم الكثير للبحاث والدارسين، في ليبيا وخارجها، بداية من مصر إلى المغرب، إلى بريطانيا وفرنسا.


أخيرا .. وبعد عقدين من النجاح تحصل الموقع على جائزة الكون والتي كانت المنطلق لآخر حوارات ومتابعات بوابة إفريقيا لبلد الطيوب سابقا و(طيوب) حاليا وهو حوارنا هذا فاخبرنا عن الجائزة وكيف تم الأمر.. ونحتاج لخاتمة من رامز النويصري لهذا الحوار.

في الختام أشكر بوابة أفريقيا الإخبارية على هذه الاستضافة، وأشكر أخي زكريا العنقودي اهتمامه بموقع بلد الطيوب، وهذا ليس بغريب عنه وهو الصحفي والمهتم بالشأن الثقافي، والذي ولله الحمد كان موقع بلد الطيوب من بينها، فهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها زكريا عن الموقع من خلال بوابة أفريقيا التي تتابع الأحداث الثقافية في ليبيا، كما لا يفوتني أن أتقدم بالشكر لمكتبة الكون والأستاذ فتحي بن عيسى لاختيارهم لي لقلادة الكون. 

وبطريقته اختتم رامز حديثه عن الجائزة بقوله صدقني زكريا تفاجأت مثل الجميع بها وليس لي علم بطريقة أو كيف تم الاختيار.. فقط قبلها وردني اتصال من السيد فتحي بن عيسى  طلب فيه مني بعض المعلومات.. وبعد فترة أبلغني أنه تم منحي قلادة الكون.