رغم تحسن معدلات إنتاج النفط في ليبيا، فإن عدة عراقيل مازالت تهدد بتراجعه لعل أبرزها الإغلاقات المتكررة للحقول والموانئ النفطية، والتي تكبد البلاد خسائر مالية جسيمة أثرت طيلة سنوات الأزمة على إقتصاد البلد الغني وجعل المواطن يعيش أوضاعا متردية. 

ويعتبر حقل الشرارة أحد أبرز الحقول النفطية الليبية، التي مرت بالعديد من العراقيل والإضطرابات، والتي كان آخرها في ديسمبر الماضي، حيث أُغلق الحقل، الذي كان ينتج نحو 315 ألف برميل يوميا، بعد أن سيطرت عليه مجموعة من الحرس ورجال القبائل كانت لهم مطالب بينها مطالب مالية. وأعلنت المؤسسة حالة القوة القاهرة. 

وخلال الأيام الماضية، أعلن الجيش الوطني الليبي، أنه استكمل السيطرة على حقل الشرارة النفطي. وأكد الجيش في بيان، أن قواته بسطت سيطرتها على حقل الشرارة، من دون أي اشتباكات، وأنها تقوم بتأمينه بالتنسيق مع إدارة الحقل. وجاء لك في اطار العمليات العسكرية التي شنتها القوات الليبية بهدف تطهير الجنوب. 

وقام، الأحد 17 فبراير لعام 2019، آمر غرفة عمليات الكرامة اللواء عبد السلام الحاسي، واللواء المبروك الغزوي آمر منطقة سبها العسكرية والعميد أحمد المسماري الناطق باسم القوات المسلحة بزيارة حقل الشرارة النفطي. وكان في استقبالهم قادة القوات التي تؤمن الحقل ومدير الحقل وبعض العالمين فيه، إذ قاموا بجولة في مرافقه، وكذلك بزيارة مواقع القوات المتمركزة حوله. 

وبحسب بيان لشعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الوطني الليبي، فقد أجرى الحاسي جولة في مرافق الحقل، واطلع على سير العمل به، كما تفقد مواقع القوات المسلحة المتمركزة حول الحقل، مؤكداً أن الجيش هو «الحامي الحصين لقوت الليبيين. 

وفي أعقاب ذلك، دعا رئيس جهاز حرس المنشآت النفطية التابع للجيش الوطني الليبي، الثلاثاء، المؤسسة الوطنية للنفط التابعة لحكومة الوفاق الوطني إلى رفع حالة القوة القاهرة عن حقل الشرارة النفطي، واستئناف الإنتاج به. وجاء ذلك في بيان مصور للواء ناجي المغربي، خلال تسلّمه رسميًا مهام تأمين حقل الشرارة من قوات عسكرية تابعة للجيش الوطني الليبي. 

وخلال بيانه، أكد المغربي أن ”جهاز حرس المنشآت النفطية أعد خطة أمنية كاملة لتأمين الحقل تبدأ منذ، اليوم الثلاثاء، بعد أن تسلّمه من قوات الجيش“. وأضاف:“لدينا تعليمات من القيادة العامة بعدم التدخل في عمل موظفي الحقل، وتوفير مناخ عمل مريح لهم. 

ويُشرف حرس المنشآت النفطية التابع لقوات الجيش الوطني الليبي على تأمين الحقول والموانئ النفطية في المنطقة الوسطى (الهلال النفطي)، والبريقة، ومدينة طبرق، على الحدود المصرية، في حين تدير تلك المنشآت النفطية مؤسسة النفط التابعة لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس. 

ولم يتأخر رد المؤسسة الوطنية للنفط على دعوة رئيس جهاز حرس المنشآت النفطية اللواء ناجي المغربي، باستئناف عمليات الإنتاج في حقل الشرارة. ، حيث أعلنت المؤسسة على لسان المتحدث بإسمها، الثلاثاء، إنها ستعيد فتح حقل الشرارة النفطي بعد إجراء عملية تفتيش للتحقق من إستتباب الأمن. 

ونقلت وكالة «رويترز» عن مؤسسة النفط، قولها، إنها «أرسلت فريقًا للتفتيش لتقييم الوضع الأمني في حقل الشرارة والتحقق من أن كل الفصائل المسلحة غادرت الحقل قبل رفع حالة القوة القاهرة». وأشارت إلى أن فرض منطقة حظر للطيران يعني أن هذا قد يستغرق بضعة أيام، مضيفة أن هذه المنطقة تشير إلى مستوى تهديد خطير ومستمر. 

يشار إلى أن منطقة سبها العسكرية قد أعلنت رفع حظر الطيران المدني في كامل المنطقة الجنوبية بعد تلقيها تعليمات من القائد العام للجيش الليبي بالخصوص. وكان قائد غرفة عمليات القوات الجوية اللواء محمد منفور، أعلن في وقت سابق، أن حظر الطيران لن يرفع إلا بقرار من الجيش الليبي بسبب العمليات العسكرية الواسعة في الجنوب، وهو إجراء احترازي لأمن الملاحة الجوية، مؤكداً أنه لا يوجد ما يمنع هبوط أي طائرة شريطة الحصول على إذن للهبوط والإقلاع لضمان سلامتها. 

وتصاعدت الأصوات المطالبة باعادة تشغيل حقل الشرارة النفطي في أعقاب سيطرة القوات المسلحة عليه وتأمينه بالكامل. وكان رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح قد دعا في وقت سابق، مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط إلى رفع حالة القوة القاهرة عن حقل الشرارة. لكن المؤسسة الوطنية للنفط، رفضت مطالب استئناف الإنتاج من الحقل، ورفع حالة القوة القاهرة المفروضة عليه، وطالبت بضمان سلامة العاملين في الحقل، وتلقيها مخاطبة رسمية من الحقل تفيد بأن الموقع جرى تأمينه. 

ويعتبر حقل الشرارة أحد أبرز الحقول النفطية الليبية، ويقع الحقل الذي يبلغ معدل إنتاجه 340 ألف برميل يومياً، في صحراء مرزق (جنوب غربي ليبيا)، واكتُشف عام 1980. ويدار حقل الشرارة النفطي بواسطة شركة اكاكوس، التي تتوزع أسهمها بين المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، وشركة ريبسول الإسبانية، وشركة توتال الفرنسية وشركة أو إم في النمساوية. 

ويأتي ذلك فيما يواصل الجيش الليبي تقدمه حيث أعلن، الأربعاء، بسط سيطرته الكاملة على مدينة مرزق جنوب غربي البلاد، بعد اشتباكات عنيفة مع التنظيمات الإرهابية. وذكرت غرفة عمليات الكرامة أن "القوات الليبية المسلحة بسطت سيطرتها على كامل مدينة مرزق"، وتلاحق فلول الإرهابيين والعصابات الأجنبية الفارة من المدينة. 

وأكد الناطق باسم الجيش اللواء أحمد المسماري أن القوات المسلحة دحرت الجماعات المتطرفة في مرزق وأنهت بذلك الواجب الرئيسي في الجنوب الغربي للبلاد. وقال المسماري خلال مؤتمر صحفي، الاربعاء بمدينة بنغازي أن الجيش تمكن من تأمين سبها وحوض فزان مشددا على دخول اوباري بدون قتال. 

وتمكنت قوات الجيش الليبي خلال الايام الماضية من تحقيق سلسلة انتصارات متتالية، حيث تمكنت من السيطرة على أكبر مدن الجنوب مدينة سبها وكذلك مدن أوباري وغدوة، وعدة مؤسسات حيوية منها حقل الشرارة ومحطة كهرباء أوباري الغازية وعدة نقاط عبور بالقرب من الحدود التشادية والنيجر. 

وبدأ الجيش الليبي، منذ منتصف يناير الماضي، عملية عسكرية في الجنوب لطرد المتطرفين، سواء من تنظيم "داعش" أو من تنظيم "القاعدة"، والعصابات الإجرامية وتأمين المنطقة الغنية بالنفط حيث يسهم الجنوب الليبي بنحو نصف إنتاج ليبيا من النفط بمقدار نصف مليون برميل يوميا، بينما يشكل انتشار الجماعات المسلحة تحديا أمام التنمية الاقتصادية في هذه المناطق. 

ولدى ليبيا أكبر مخزون للنفط في أفريقيا، وتعد إحدى أغنى دول الإقليم نفطياً، إذ تقدر الاحتياطات النفطية المؤكدة فيها بنحو 46. 6 مليار برميل، وهي الأكبر في إفريقيا. وقبل الأزمة التي تعاني منها منذ العام 2011، كانت ليبيا تنتج 1. 6 مليون برميل نفط يوميا في المتوسط. لتدخل بعدها الدولة الواقعة في شمال أفريقيا في حالة فوضى، والصراع على أبرز الموانئ. 

ومثلت إستعادة قوات الجيش الليبي السيطرة على منصات نفط رئيسية في منطقة الهلال النفطي الساحلية مجالا لزيادة الانتاج. ويأمل الليبيون في تطهير بلادهم من التنظيمات الارهابية والمليشيات المسلحة المختلفة التي أدخلت البلاد في دوامة من الفوضى والعنف واستنزفت ثروات هذا البلد الممزق بالانقسامات.