على مدى أكثر من ثلاث سنوات،عانت مدينة بنغازي،كغيرها من المدن الليبية،من ويلات الصراع الذي حصد أرواح الكثير من أبنائها ودمر العديد من مبانيها وأحيائها.وقد مثل تحريرها على يد الجيش الوطني الليبي،الأمل في عودة المدينة الى اشعاعها السابق بعيدا عن قبضة الإرهاب. ورغم إندحار العناصر الإرهابية في المدينة،فإن ارتفاع معدل جرائم السطو والحرابة في بنغازي يمثل تحديا جديدا للسلطات في شرق البلاد،حيث بات الملف الأمني يطرح نفسه كأولوية قصوى للتصدي للخروقات الأمنية.

تحديات

ولم تكد بنغازي تتخلص من نير المجموعات المتطرفة بعد أن حسم الجيش الوطني معركته ضد الإرهاب حتى وقعت في شراك العصابات الإجرامية التي تمتهن السطو المسلح.وتتحدث تقارير إعلامية محلية عن وصول العشرات من البلاغات يوميا إلى مديريات الأمن في المدينة يشتكي مقدموها من عمليات سطو تعرضوا لها.

وبلغت ذروة الجرأة لدى عصابات الحرابة والمخدرات،حد مهاجمة مقر نيابة ومحكمة شرق بنغازي الابتدائية،الخميس الماضي، بهدف إخراج عدد من السجناء منها.وقالت المنظمة الليبية للقضاة في بيان لها،إن "مجموعة مجهولة الهوية قامت بالاعتداء على مقر نيابة ومحكمة شرق بنغازي الابتدائية، بواسطة أسلحة متوسطة، وذلك لتعطيل العمل القضائي وإخلاء سبيل المحبوسين بالقوة وعرقلة عمل المحكمة والنيابة.

ولم توضح المنظمة الخسائر التي خلّفها هذا الهجوم، أو نجاح المسلحين في تهريب السجناء، لكنها دعت إلى ضرورة معاقبة هذه المجموعات ومحاسبتها، وطالبت السلطات بتعزيز دورها في حماية المؤسسات الرسمية للدولة.

ومطلع ديسمبر الجاري،شن مسلحون هجوما على مركز شرطة بنينا في محاولة لإطلاق سراح شركاء لهم في تجارة المخدرات، تم اعتقالهم في وقت سابق من قبل عناصر الأمن في قضايا جنائية.

وأعلن مركز شرطة بنينا،في منشور عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن أعضاء التحريات بالمركز ضبطوا مجموعة من تجار المخدرات.وأشار إلى أن "مجموعة مسلحة هاجمت المركز لإخراجهم بقوة السلاح وكان لهم الرد القاسي بالرصاص"، منوهًا إلى أن المسلحين لم يتمكنوا من إخراج المضبوطين.

وخلَّف الهجوم أضراراً مادية في مرافق المركز بينما تعرضت إحدى سيارات المهاجمين للاحتراق نتيجة الاشتباك الذي دار مع عناصر الشرطة المكلفين بالمركز، لاذ على إثرها الجناة بالفرار جارين خلفهم أذيال الخيبة والفشل.بحسب مركز شرطة بنينا.

تحرك رسمي

وفي خطوة اعتبرها مراقبون تحركا من قبل السلطات في شرق البلاد،للتصدي لهذه الجرائم،أجرى وزير الداخلية الليبي، في الحكومة المؤقتة،إبرهيم بوشناف، تغييرات في المناصب الأمنية تصدرتها إقالة مدير أمن بنغازي العقيد صلاح الهويدي من منصبه، وتكليف العميد عادل عبدالعزيز خلفا له.

وشملت التغييرات تعيين العميد الصادق محمد اللواطي مديرًا لمديرية أمن أجدابيا، والعميد سالم محمد ماضي مديرًا لمديرية أمن المرج، والعقيد صلاح أحمد هويدي مديرًا لمديرية أمن سلوق قمينس، والمقدم خالد زايد المجدوب مديرًا لمديرية أمن أوجلة إجخرة.ونصت التغييرات أيضًا، على تعيين العميد عثمان عبدالسلام علي مديرًا للإدارة العامة لأمن المنافذ، والعميد السيد بشير الحاج مديرًا لمكتب الشرطة الجنائية الدولية، والعقيد أحمد آدم الحاسي مديرًا لإدارة الشؤون الإدارية.

وفي بيان نشر عبر صفحة البحث الجنائي ببنغازي،قدم العقيد صلاح هويدي،اعتذاره عن ما وصفه بالارتفاع في وتيرة الجريمة ومخالفة القانون في مدينة بنغازي.موضحا بأنه حاول إعادة ترتيب وتنظيم مديرية أمن بنغازي خلال مدة توليه مهام إدارتها ، كما تمنى لخلفه العميد عادل عبدالعزيز التوفيق في قيادة المديرية من بعده.

كما أشار هويدي في البيان بتقدمه لوزير الداخلية إبراهيم بوشناف باعتذاره عن قبول مهام مدير أمن "سلوق وقمينس" متمنيًا منه قبول اعتذاره.وأشار هويدي إلى أن الإدارة العامة للبحث الجنائي بحاجة إلى عمل كبير ومتواصل وإعادة ترتيب وتتظيم.

أعباء إضافية

وتزيد هذه الظاهرة من الأعباء الملقاة على عاتق السلطات في شرق البلاد التي تعاني من الإنتشار الكبير للسلاح والذي يمثل خطرا متواصلا على حياة المواطنين،حيث لا يزال الرصاص العشوائي يحصد أرواح المدنيين رغم التحذيرات المتكررة من الجهات المختصة وتجريم الرماية العشوائية.

وحذرت مديرية أمن بنغازي المواطنين من مخاطر إطلاق الرصاص العشوائي وما تشكله هذه الظاهرة من مخاطر على حياة المواطنين داخل المدينة.وطالبت المديرية المواطنين كافة بالالتزام بالقوانين الأمنية وتجنب إطلاق الرصاص العشوائي، خاصة خلال الأفراح والمناسبات الاجتماعية التي تفشت فيها هذه المظاهر الخطيرة بشكل كبير.

وتوعدت مديرية أمن بنغازي، كل من يخالف هذه التعليمات، مؤكدة أنها ستتخذ في حقه الإجراءات القانونية اللازمة في سبيل القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة التي تشكل تهديداً على حياة المواطنين بكافة أعمارهم.لكن تبقى الإشكالية بحسب المسؤولين في كمية السلاح المنتشرة وصعوبة إحتوائها.

من جهة أخرى،مازالت السلطات شرق البلاد تحارب   فلول الجماعات الإرهابية التي مازالت تشكل خطرا كبيرا سواء في بعض المدن كدرنة أو في محيط الهلال النفطي.

ودفعت قوات الجيش الوطني الليبي،السبت الماضي، بتعزيزات عسكرية إلى منطقة الهلال النفطي الاستراتيجية، بعد رصد تحركات لجماعات إرهابية تخطط لمهاجمة الحقول النفطية الأكبر في ليبيا.وأظهر مقطع فيديو نشرته الصفحات التابعة للجيش الليبي في موقع فيسبوك، العشرات من السيارات والآليات العسكرية، تدخل منطقة "بونجيم" الواقعة جنوب غرب مدينة سرت، محمّلة بمختلف الأسلحة الثقيلة والمدفعية الصاروخية.

وتحسنت الأوضاع الأمنية في المنطقة الشرقية بشكل كبير،لكن عمليات السطو وإنتشار السلاح،تلقي بظلالها المخيفة.وفيما ينهمك الجيش في تأمين المناطق المحررة ومطاردة فلول الإرهاب،يرى مراقبون،أن حجم التحديات يزداد على عاتق مديريات الأمن ووزارة الداخلية لوضع حد للخروقات الأمنية وإرساء الأمن والإستقرار في المدن.