يواصل المبعوث الاممي لليبيا ، يان كوبيتش ، إجراء الاتصالات مع القوى الداخلية والأطراف الخارجية استعدادا لمؤتمر برلين 2 المقرر للثالث والعشرين من يونيو الجاري ، وقالت البعثة إن" كوبيتش كثف اتصالاته مع الأطراف الفاعلة على الصعيدين الوطني والدولي في إطار التحضير للمؤتمر ولحشد المزيد من الدعم للعملية السياسية متعددة المسارات التي تيسرها الأمم المتحدة ويقودها الليبيون".وأعلنت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش أن الوزارة أطلقت مبادرة “استقرار ليبيا” بهدف إيجاد طريقة عملية لتطبيق مخرجات مؤتمري برلين 1 و2 وقرارات مجلس الأمن الأخيرةوخلال لقاء بخريجي المعهد الدبلوماسي بطرابلس ، أوضحت المنقوش أن المبادرة التي أطلقت على مستوى وزراء الخارجية تهدف للتعامل مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن والاتحاد المغاربي والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة لمناقشة أهداف المبادرة والتي منها وقف إطلاق النار وإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة وتوحيد المؤسسة العسكريةوتابعت أن الوزارة تعمل على التشاور بخصوص مؤتمر برلين 2 المقرر في 23 يوليو الجاري ، وقالت «هذه بالنسبة لنا مرحلة تاريخية وحاسمة تستدعي الكثير من العمل الدؤوب والاجتماعات الجانبية من أجل دعم القضية الليبية » مشيرة الى أن ليبيا كانت غائبة عن الساحة خلال مؤتمر برلين 1 الذي أنعقد في يناير2020 ، فيما كان المجتمع الدولي هو المتصدر ويتخذ القرارات بالنيابة عنهاوأردفت المنقوش : « نحن الآن في مرحلة تحتم الدفع بالأجندة الليبية والقضية الليبية باعتبارنا مسؤولين عما يحدث في البلاد ونحاول الدفع بعجلة السلام والاستقرار في ليبيا » وأبرزت أنها تحاول التواصل مع كل الأطراف الدولية سواء كان لها ضلع في النزاع الليبي أو محايدة أو إيجابية لإيصال رسالة مفادها أن ليبيا الآن تمثلها دبلوماسية معتدلة وإيجابية تفتح أذرعها لكل دول العالم التي تهدف لدعم السلام والاستقرار في البلاد ،مشددة على أن سيادة ليبيا فوق كل اعتبار وأن وزارة الخارجية تقف على مسافة واحدة من كل الدول وتتعامل معها بما يخدم مصلحة ليبيا.وأشارت المنقوش الى أنها قامت بعدة زيارات لعدد من الدول وستكون لها زيارات مماثلة لدول أخرى لتوضيح الرؤية الليبية لدعم الاستقرار في البلاد وتحشيد الدعم لهذه الرؤية لعرضها على مؤتمر برلين 2 في 23 من الشهر الجاري، وحث الدول المشاركة على تبني الرؤية الليبية بعد غيابها عن مؤتمر برلين 1وأوضحت المنقوش أن من أهم أولويات الوزارة المساهمة في رفع المعاناة عن المواطن من خلال حث الدول الشقيقة والصديقة على إعادة فتح سفاراتها وقنصلياتها بالعاصمة طرابلس والمدن الأخرى لتسهيل حصول المواطنين على التأشيرات من داخل ليبيا إلى جانب فتح الأجواء للرحلات الجوية من وإلى ليبيا وأضافت أن هناك خطة لفتح الأجواء بين ليبيا وكلاً من مالطا وإيطاليا خلال الشهرين القادمين ، لافتة الى أن هناك جهود تبذل لتطوير وتنظيم عمل وزارة الخارجية من خلال إدخال التقنيات الحديثة في مجال الإدارة مثل الأرشفة الاليكترونية لمكافحة الفساد وتقليص البعثات الليبية في الخارج وعدد العاملين بها والالتزام بتطبيق القانون الدبلوماسي على كل موظفي الوزارة خصوصا رؤساء البعثات من سفراء وقائمين بالأعمال وقناصل.وأوضحت الوزيرة أنه بعد مرور 100 يوما على توليها الوزارة أدركت أهمية إقحام الشباب في العمل الدبلوماسي لضخ دماء جديدة برؤية جديدة تتولى قيادة الوزارة في المرحلة القادمة.
وكان رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفّي و رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة والقائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر في صدارة الأطراف الليبية التي بحثت معها الأمم المتحدة ، الإستعدادات لمؤتمر برلين 2 ، وما سيصدر عنه من مخرجات يرى المراقبون أنها ستكون حاسمة في إتجاه التصدي لمن يحاولون عرقلة الحل السياسي والحؤول دون تنظيم الإنتخابات في موعدها المحدد للرابع والعشرين من ديسمبر القادموسيكون على رأس أولويات المؤتمر ،التأكيد على وقف إطلاق النار وتنفيذ كافة بنود الاتفاق العسكري المبرم في الثالث والعشرين من أكتوبر الماضي  بما في ذلك إجلاء القوات الأجنبية والمرتزقة وحل الميلشيات وفتح الطريق الساحلية بين شرق وغرب البلاد والانتهاء من تبادل الأسرى والمحتجزين ، وتطبيق مضامين خارطة الطريق التي أقرها ملتقى تونس للحوار السياسي في نوفمبر 2020 ، ومنها تنظيم الانتخابات وتوحيد مؤسسات الدولة وإجراء المصالحة الشاملة ، وذلك بالاعتماد على مخرجات مؤتمر برلين 1 ، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ، والتي تؤكد على إرادة المجتمع الدولي ، إخراج ليبيا من نفق الإحتراب الأهلي وحالة الانقسام التي تواجهها منذ سنواتوينتظر أن تواجه مؤتمر برلين 2 جملة من العراقيل ، ولاسيما ما يتعلق منها بملف القوات الاجنبية والمرتزقة ، حيث ورغم القرارات الأممية والتوافقات الدولية ، لا تزال أطراف داخلية وإقليمية تعمل على تجاهل هذا الأمر ، أو الدفع نحو تأجيله وخاصة من قبل جماعة الإخوان وحلفائها ممن يرفضون مغادرة القوات التركية لغرب البلاد ،زاعمين أن وجودها شرعي وضروي لضمان الأمن والإستقرار وناتج عن إتفاق بين المجلس الرئاسي السابق وتركيا ،وهي تبريرات ترفضها الأمم المتحدة والولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي والقوى الوطنية الليبية ، كما ترفضها الدول العربية والإتحاد الأفريقي الذين أكدا في مناسبات عدة أن وجود قوات أجنبية ومرتزقة في ليبيا يحول دون التوصل الى الحل النهائي في البلاد ، ويمثل خطرا على دول الجوار ،
ويرى محللون أن مؤتمر برلين 2 يفترض أن يكون تتويجا لمجريات الأحداث منذ برلين 1 الذي أنعقد في 19 يناير 2020 ،وأخر اجتماع دولي بخصوص ليبي قبل الأول من يوليو الذي تم تحديده لبدء العمل الفعلي للمفوضية العليا للانتخابات استعدادا لاستحقاق ديسمبر ، وهو مل يعطيه أهمية خاصة ولا سيما في ظل التوافق الأوروبي الأمريكي على ضرورة الإنتهاء من حل الأزمة وقطع الطريق أمام الأطراف الداخلية والخارجية الساعية الى إبقاء الوضع على ماهو عليهويرجح المحللون أن يدفع مؤتمر برلين 2 الى تحميل كافة الأطراف المعرقلة للحل مسؤولياتها الكاملة ، وهوما يمكن استنتاجه من التصريحات الأخيرة للمسؤولين الأوروبيين والأمريكيين ، ومن الجهود المبذولة لإيجاد توافقات اللحظة الأخيرة وبخاصة حول ميزانية الدولة للعام 2021 والتعيينات الرسمية في المناصب السيادية وتنفيذ الإتفاق العسكري وإيجاد القاعدة الدستورية لتنظيم الانتخاباتوجاءت زيارة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار ، وعدد من كبار المسؤولين الأتراك المفاجئة الى طرابلس منذ ليلة الجمعة \ السبت ، وتصريحاته بأن وجود بلاده في ليبيا أمر طبيعي ويرتبط بتاريخ عمره 500 عاما ، وأنه قواتها باقية لتنفيذ المهام المطلوبة منها وفق الإتفاق الحاصل في نوفمبر2019 ، لتثير جدلا واسعا بين المتداخلين المحليين والدوليين ، كون هذا الموقف ينسف ما تم التوافق عليه سابقا ، وما نادت به السلطات الجديدة في تصريحات معلنة لرئيس المجلس الرئاسي ، ولوزيرة الخارجية نجلاء المنقوش ، فيما يعتبر الجيش الوطني أن لا حل نهائيا للأزمة إلا بخروج من يصفهم بالمحتلين الأتراك ،
وبالمقابل ، اعتبر عضو مجلس النواب سعيد المغيب أن مخرجات مؤتمر برلين 2 ستكون هذه المرة أكثر وضوحاً ولا مجال فيها للاجتهاد أو التأويل ، ولن يكون له إلا مسار واحد ، محدد المسافة والاتجاه مسبقاً ، وذلك “على الأقل هذا ما يفهم من تصريحات وزراء خارجيه وسياسيين لدول إقليمية و دولية”وأضاف المغيب أن ”النظام التركي يعلم أكثر من ذلك ويعلم جيداً ان هذا المؤتمر الذي لم تدعى إليه بلاده ”، متابعا ” ان كانت أحد مخرجاته فقط المطالبة بخروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا فإن ذلك سوف يكون بمثابة الحكم بالإعدام على المشروع التركي بالمنطقة والمصالح التركية في ليبيا ، لذلك سوف يحاول أردوغان فعل اي شيء لكسب ورقة قوية يساوم بها مقابل خروج قواته ومرتزقته ، بعد ان فشلت الجهود التركية في عرقلة انعقاد هذا المؤتمر”. وفق تعبيرهوينتظر أن تكون مخرجات مؤتمر برلين 2 أساسا لقرار جديد ملزم لمجلس الأمن ، وهو ما يراهن عليه الصف الوطني الليبي الذي يتهم قوى الإسلام السياسي وأمراء الحرب واللوبيات المالية والإقتصادية النافذة والمتورطة في الفساد بالعمل على إعادة خلط الأوراق لإرجاع البلاد الى مربع العنف خوفا من خسارتهم الإنتخابات وذهاب ريحهم بإستتباب الأمن  والإستقرار في البلاد